مرة أخرى أجبرت الطواقم الطبية بمستعجلات ابن طفيل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، على استنفار كل إمكاناتها لمواكبة معطوبي «حرب الأضاحي»، على امتداد ساعات يوم عيد الأضحى. تم إعداد جميع الظروف والإمكانات البشرية واللوجيستيكية لتكون في الموعد، بحيث ما كادت تنطلق عمليات النحر، حتى بدأت تتقاطر وفود المصابين. اعتقاد البعض بأن امتشاق سكين حادة، وارتداء ملابس ملطخة بالدماء، مظهر كافي لكسب صفة جزار وتحصيل تأشيرة تمنحه إمكانية الدخول لمنازل المواطنين لنحر أضحيتهم في يوم يعز فيه العثور على جزار محترف. اعتقاد أجبر الكثيرين على دفع الفاتورة غاليا وتعرضهم لإصابات خطيرة تطلبت نقلهم صوب المستعجلات، لرتق جراحاتهم ووقف نزيف دمائهم. عشرات الإصابات بسكين العيد، تم تسجيلها بمستشفيات مراكش، تطلب بعضها استضافة الضحايا بغرف العمليات بأقسام المستعجلات بالنظر لخطورة الإصابات. هم فئة من أهل الحضرة المراكشية، أجبروا على دفع فاتورة المغامرة، والتطفل على مهنة الجزارة، فكانت النتيجة اختلاط دمائهم بدماء الأضاحي، بعد أن عرضوا أنفسهم لطعنات نافذة، أغلبها طالت اليدين والأصابع. عملا بالمقولة الشعبية «اللي قال العصيدة باردة يدير يدو فيها»، وفي إطار إصرار البعض على النهوض بمهمة نحر خروف العيد دون أن تكون لهم دراية بأصول المهنة ومتطلباتها، وجد العديد من المواطنين أنفسهم رهينة أسرة مستشفيات المدينة، بعد تعريض أجسادهم لطعنات نافذة. مستعجلات مستشفى ابن طفيل استقبلت لوحدها صبيحة العيد أزيد من 20 حالة إصابة بطعنات السكاكين، أخطأ أصحابها أعناق الأضاحي ووجهوا نصل سكاكينهم صوب أنحاء مختلفة من أجسادهم، فيما استقبلت المصحات الخاصة ومصحة الضمان الاجتماعي حالات مماثلة، لتكون الحصيلة تسجيل العشرات من الإصابات. الدفع بحكمة «اللي ما يذبح شاتو» والرغبة في استغلال الإقبال المتزايد على أصحاب هذه المهنة وما تحققه من موفور كسب يوم عيد الأضحى جعلت المعنيين، يقررون ركوب مطية «صنعة» لها تقنياتها وأساليبها، ويشهرون سكاكينهم الحادة في وجه أضاحي العيد، دون خبرة أو دراية مسبقة بفنون الجزارة، فدفعت أطرافهم ثمن هذا التطفل غاليا. حقيقة كشفت عنها بعض الإصابات الحادة التي عرت حدتها «اللحم عن العظم»، وأجبرت الأطقم الطبية بأقسام المستعجلات، على إخضاع المصابين لعمليات جراحية، لإصلاح ما أفسدته صنوف المجازفة يوم النحر. مستعجلات ابن طفيل، ظلت على امتداد الجزء الأول من يوم العيد، تستقبل هذه الشريحة من المصابين، وتنخرط في عمليات رتق طعنات السكاكين التي طالت في مجملها الأطراف العلوية، وبعض أصابع اليدين. بعض المهاجرين من دول جنوب الصحراء، كانوا بدورهم في قلب هذا النوع من الإصابات، حين حاول بعضهم استغلال أزمة «الجزار» فتطوع بنحر أضاحي بعض المواطنين أملا في تحقيق مدخول مادي مريح، قبل أن يدخله هذا التطفل جحيم الإصابات الخطيرة. حل أحدهم بقسم المستعجلات والدماء تجلل معصم يده اليمنى بسبب جرح عميق، تطلب وضعه ربط الاتصال بالمصالح الأمنية مخافة أن يكون الأمر ناتجا عن اعتداء، ليتبين بعدها بأن الإصابة ناتجة عن حادث عرضي سببه الضحية حين كان منهمكاً في نحر خروف أحد المواطنين. أغلب المصابين بطعنات السكاكين، تم تحديدهم في تلك الشريحة، التي يصطلح على تسميتها عادة ب«كزار الغفلة»، الذين يتصدون لنحر أضاحي العيد، دون أن تكون لهم خبرة بعالم الجزارة، فتنحرف سكاكينهم اتجاه أطراف معينة من أجسادهم، ليسموها بإصابات حادة، تتطلب نقلهم صوب المستشفيات لرتق الجراح ووقف نزيف الدماء، فيما لسان حالهم لا يفتأ يردد حكمة الشاعر «لا تظلم القوس، وأعط القوس باريها». انحسار طوفان هذا النوع من الإصابات، سيعوضه ضحايا حوادث السير، خصوصا في ساعات النصف الثاني من يوم العيد، حيث تسجيل العديد من الحالات في هذا الصدد، أغلب الضحايا يحملون إصابات على مستوى الرأس والأطراف، مع تسجيل حالات كسور خطيرة على مستوى باقي الأطراف.