يشهد يوم العيد حركة غير عادية, داخل البيوت والأحياء المغربية, تتميز بالتكافل والتعاون في عمقها, بالإضافة إلى أن هذا اليوم يمثل أيضا فرصة ثمينة لمجموعة من الشباب، الذين يستغلونه في العمل وتحقيق الربح عبر أنشطة يمكن وصفها بغير العادية، إذ ترتبط في وجودها بهذا اليوم.بعض الشباب يتشاجرون بسبب ثمن الشي (أرشيف) مواقد منتشرة هنا وهناك, يتحلق حولها مجموعة من الشباب الذين يعملون على شواء أطراف الأضحية ورأسها, ويوزعون أنفسهم في مهام, فمنهم من يتكلف بعملية الشواء, وآخر يقوم بكسر القرون وتجهيز الأطراف, فيما يتكلف آخر بإيصال الطلبات إلى أصحابها, في صورة توحي بأنها مقاولة عائلية صغيرة عمرها يوم واحد، وأرباحها تقسم على أصحابها كل حسب مجهوده، أو وفق ما أحضره من حطب، هذا الأخير الذي تراجع وأصبح الاعتماد الآن على الغاز أو"الشوميني". كما يعرف لدى هؤلاء الشباب, الذين ألفوا امتهان هذه الأنشطة وصارت ضمن طقوس العيد بالنسبة إليهم, يقول (ح.م )،18 سنة مستفيد "تعودنا تنظيم مثل هذه الأنشطة كل سنة وصارت من بين الأنشطة أيضا, نجد أن جمع فراء الأضحية أو"الهيضورة". كما تعرف, وتمليحها قصد إعدادها للدباغة, من بين الأنشطة التي تستهوي الشباب يوم العيد أيضا, غير أن الغريب في أمر"الهيضورة"أنها مرتبطة بعادة من العادات التي باتت في حكم المنسية, والتي كانت تعتمد على أن يلبس شخص هذا الفراء ويقوم بالتجول في الأزقة وطرق الأبواب ويجزونه الناس باللحم في المقابل ليقوم عشية هذا اليوم بطبخه وإعداد وليمة يجتمع بها كل من شاركه في هذه العملية , إنها عادة"السبع بولبطاين"“التي لم يعد لها وجود الآن. جزارون تحت الطلب "شكون داها فيك الجزار نهار العيد", مثل شعبي مغربي يوحي بتوقف عمل الجزارين أثناء فترة العيد، على اعتبار غياب الزبون الذي سيشتري اللحوم أو يستهلكها, وبالتالي فهو بمثابة عطلة سنوية للجزار, لكن واقع الحال يكذب هذا المثل الشعبي، بل ويعكسه إلى مقابله, يقول (س.ف) 29 سنة موظف "فيناهو الجزار نهار العيد..." يتزايد الطلب على الجزار بشكل كبير يوم العيد, حيث تلجا عديد الأسر إليه للقيام بعملية ذبح وتجهيز الأضحية, إما لجهل بعضهم بأمور الجزارة أو بسبب السرعة التي تميز عمل الجزار أو بدافع البحث عن المساعدة خلال عملية ذبح الأضحية.. الأسعار غير ثابتة أو مستقرة, يقول (م.ت 34) سنة جزار"لا نفرض على زبائننا مبلغا معينا خلال العيد, نقوم بعملنا ثم نأخذ ما تيسر الله به", تصريح كهذا لا يمكن أن يمحو صور الجشع التي يظهرها بعض الجزارين الذين يستغلون حاجة الناس إليهم للمساومة على أجرتهم التي غالبا ما تغيب عنها المعقولية. زيادة على ذلك, فعملية العثور على جزار يوم العيد باتت بالصعوبة مما كان, بل وأصبح الأمر يتطلب من الناس حجز جزارهم بموعد مسبق قبل يوم العيد وانتظار دورهم في جدول أعماله لليوم, تقول (ح.ت)، 46 سنة ربة بيت "نقوم بإعلام الجزار بحاجتنا إليه قبل زمن من يوم العيد حتى نتمكن من ضمان حضوره". دور الجزار يبقى حاضرا حتى بعد يوم العيد, حيث خلق لنفسه مجموعة خدمات, مكنته من الحفاظ على ازدهار عمله, فيقوم بتجهيز الأضحية مثلا للتخزين وتقطيعها وفقا لرغبة الزبون, أو يقوم بتحضير اللحم المفروم للزبائن، الذين يفضلون هذا الشكل من اللحوم. نقط سوداء من المفترض أن يكون يوم العيد مناسبة سعيدة تنأى عن كل مأساة, لكنه وللأسف شأنه شأن أي يوم آخر, بل أكثر من ذلك, يعتبر من الأيام الخاصة بالنسبة لمصالح المستعجلات, التي تستقبل أعدادا كبيرة تقدر بالعشرات، حسب مصدر طبي، بمستشفى بن مسيك سيدي عثمان بالبيضاء, وأكد المصدر أيضا, أن أغلب الإصابات الوافدة تكون من ضحايا الحروق، مشيرا إلى أن المواقد المنصوبة بالأزقة غالبا ما تكون هي السبب", بالإضافة إلى إصابات الجروح الناتجة عن الاستعمال الخاطئ للسكاكين والآلات الحادة. زيادة على ذلك, يسجل يوم العيد أيضا نسبة مهمة من حالات الاعتداء بالسلاح الأبيض, الشيء الذي لا يمكن إيجاد تفسير له, خصوصا وأن عيد الأضحى هو مناسبة دينية بالدرجة الأولى, وتنشد التسامح كهدف لها.