انتظمت يوم السبت 5 مارس 2022, بدار المدرس بمراكش، ندوة فكرية خصصت لقراءة كتاب " العلاقات الدولية وتحديات الذكاء الاصطناعي" للأستاذة فاطمة رومات. و يأتي تنظيم هذه الحلقة النقاشية التي اعتادت مؤسسة الأعمال الاجتماعية للتعليم فرع مراكش , على احياءها احتفاء ، بيوم المرأة العالمي الذى يوافق الثامن من مارس كل عام. وقد انطلقت هذه الندوة بجلسة افتتاحية، حضرها مولاي احمد الكريمي مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكشآسفي, وممثلة عن رئيس جامعة القاضي عياض، ومحمد المامون رئيس المكتب الوطني ، وعبد العزيز مسافري رئيس فرع مراكش لمؤسسة الاعمال الاجتماعية، اضافة الى مشاركين من مختلف المواقع والمسؤوليات وفعاليات من المجتمع المدني، والطلبة. و قد قامت الاعلامية القديرة فاطمة الإفريقي بتنشيط فقرات هذه الندوة، حيث استطلعت اراء كل من الدكتور زكرياء أبو الذهب استاذ جامعي مختص في العلاقات الدولية، والباحث والاعلامي احمد زايد. وابرز المنتدون في البداية أن مفهوم الذكاء الاصطناعي أثار جدلا واسعا، واختلف الخبراء في تعريفه بين من اعتبره فرعا .من فروع علوم الحاسوب، أي ذلك الحقل المعرفي الذي يهتم بتطوير الحواسيب لتصبح قادرة على القيام بعمليات شبيهة بتلك التي يقوم بها البشر، والمقصود هنا التعلم والتفكير بعقلانية وباستخدام المنطق. وهناك من يعرف الذكاء الاصطناعي بالتطور التكنولوجي الذي يجعل للآلة قدرات مثل ذكاء البشر، أي القدرة على التعلم والتفكير والتكيف والتصحيح الذاتي، إلخ.. وهناك من يعتبره توسيعا لنطاق الذكاء البشري من خلال استخدام الحواسيب وذلك بتطوير تقنيات البرمجة أكثر فعالية، كما جرى في الماضي عندما تم تعويض المجهود البدني بالآلة الميكانيكية. لكن تعريف المفهوم تطور بنفس الوتيرة التي عرفها التطور التكنولوجي لتكون نقطة الالتقاء بين كل التعاريف الحديثة هي محاولة "تقليد السلوك البشري الذكي". و في هذا الاطار اعتبر الإعلامي أحمد زايد، أنه هناك أربعة أنواع من الأنظمة الذكية وهي: الأنظمة التي تفكر مثل البشر؛ الأنظمة التي تتصرف مثل البشر؛ الأنظمة التي تفكر بعقلانية؛ الأنظمة التي تعمل بعقلانية. وفي الشق الثاني من تدخله حاول زايد سبر اغوار الاستفهامات التي لها علاقة مباشرة بالاعلام والذكاء الاصطناعي وتساءل عن كيف مساهمة تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة المحتوى الإعلامي؟ وايضا عن كيفية استخدام أدوات صحافة الذكاء في إنتاج المحتوى الإعلامي المميز؟ وجوابا على هذه الأسئلة اعتبر أن دور الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام صار يتزايد منذ عام 2012، إذ بدأ استخدام "صحافة الروبوت" التي تعتمد على استخدام الروبوت في صناعة المحتوى عبر المنصات الرقمية "فيسبوك، و"تويتر"، و"إنستغرام"، وغيرها. لقد زادت أهمية الذكاء الاصطناعي في تحرير الصحفيين من بذل الجهود لأداء مهام روتينية رتيبة، وإفساح المزيد من الوقت أمامهم للعمل على جوانب تتطلب إبداعًا بشريًا. وكيف يمكن استخدامه في بعض الحالات الطارئة التي يصعب تدخل الإنسان فيها بشكل فوري، مثل حرائق الغابات، فإنه يمكن الاعتماد على بعض الروبوتات باستخدام الطائرات بدون طيار، وزرع كاميرات عالية الدقة داخلها، وبالتالي يصبح من السهل الحصول على صور ومقاطع فيديو وصوتيات موثقة للحظة وقوع الحادث من داخل الحرائق أو الأماكن التي لا يمكن أن يصل إليها الإنسان، وكذلك التغطيات الصحفية في الحرب، أو مكافحة الإرهاب. بدوره تساءل زكرياء أبو الذهب عن مستقبل حقوق الإنسان في عصر الذكاء الاصطناعي؟ فاذا كان الهدف الأساسي للذكاء الاصطناعي هو تسهيل تمكين الأفراد من حقوقهم، فإنه بالمقابل يؤثر سلبا على هذه الحقوق. الأكيد أن هذا التطور يلحق تغييرا كبيرا بحقوق الإنسان . وأكدت الدكتورة فاطمة رومات في تدخلها ان هذه الورقة. البحثية، هي بمثابة نداء للتفكير في وضع استراتيجيات مستقبلية استشرافية كفيلة بضمان حقوق الانسان في عصر الذكاء الاصطناعي. رغم أن العولمة التكنولوجية سهلت إلى حد كبير ثورة حقوق الإنسان وفتحت فضاء جديدا لممارسة الحريات. فإنها بالموازاة مع ذلك يضيف تطرح مجموعة من التحديات بالنظر إلى مخاطر الاستعمال الواسع لهذا الفضاء واستثماره من طرف البعض في أشياء سلبية أدت لظهور مجموعة من القضايا الدولية التي يجب أن يجد لها المجتمع الدولي حلولا، مثل الأمن الالكتروني والجريمة الالكترونية، بل إن الإنترنيت أصبح يستعمل ضد الأمن القومي للدول وضد سيادتها، وكلها تمس في العمق حقوق الإنسان. وتضيف "رومات" أنه رغم أهمية الآثار الايجابية للذكاء الاصطناعي، فمن الملاحظ أنه يطرح تحديات غير مسبوقة لاسيما مع السباق نحو امتلاك هذه التكنولوجيا الذي يسير بوثيرة أسرع من السباق نحو التسلح مما يضع العالم بأسره في مواجهة مخاطر أمنية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية إضافة إلى الأشكال الجديدة للحروب و التي تعتبر السمة الأبرز للنظام العالمي الجديد. وتقول الكاتبة، أن نظام يتميز بظهور قوى جديدة وأسلحة ذكية و إستراتيجية و بيولوجية كلها تعتمد على الذكاء الاصطناعي. بالتالي ستكون الكلمة الفصل في تحديد مسار الإنسانية إلى من يمتلك السيادة التكنولوجية وبالعودة الى اصدار الدكتورة فاطمة رومات الموسوم ب "العلاقات الدولية وتحديات الذكاء الاصطناعي" فهو صادر عن المعهد الدولي للبحث العلمي بمراكش، ويبلغ متن هده الدراسة 128 صفحة، قامت بتقسيمها على مقدمة عامة وأربعة فصول سبق أن نشر بعضها باللغة الانجليزية في مجلات علمية دولية محكمة. وتميزت المناقشات التي اعقبت القراءات المقترحة لهذا الكتاب، بالتدخل المائز لاحمد الكريمي مدير الأكاديمية الذي اثار جملة من الاستفهامات المتعلقة بموضوع الذكاء الاصطناعي، والذي اعتبره موضوع اضافة الى فرادته فهو ايضا جد متشعب ومتشجر، خاصة ادا ما تم استحضار زاوية. النظر الواقعية، التي تساءل الجميع كافراد وكدول، خاصة حول الفرص والمخاطر والقدرات وحتى التهديدات التي يثيرها ، وهي تدخل في إطار تدبير الإنسان لتلازم الحاجة مع التهديد، او سعي الانسان الدروب لمواجهة المخاطر التي ينتجها، ومنذ القرن الخامس عشر، يضيف الكريمي استحضر الفلاسفة والادباء شرط جدوى التطور العلمي بتخليق الفعل الانساني، وكانت القولة الشهيرة للمفكر الفرنسي فرنسوا رابلي؛ "Science sans conscience n'est que ruine de l'âme." و اعتبر أن هذا التقدم العلمي، والتكنولوجي تفرضه الحاجة و قد تحقق في مجالات متعددة: النانوتكنولوجي، البيوتكنولوسجي، الهندسة الوراثية، الصناعة الغذائية،.. وهناك أيضا البعد الفلسفي والخيال العلمي واسقاطات ، كل ذلك في مجالات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة ذكاء الانسان بل للبحث في تجاوز قدراته كما جاء في متن الكتاب. هذه كلها مجالات لايجب تثني عن ضرورة الغوص في كنه هذه المخاطر ، و الانخراط في مصاف الدول التي تبحث في تطويرها، والجامعة المغربية يضيف الكريمي أصبحت رائدة في هذا المجال وتسير بسرعة مشجعة، وخير مثال على ذلك جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات بابن جرير التي أصبحت محجا للطلبة من دول مختلفة. هذا رهان يجب على الجامعة وعلى المدرسة كسبه وهو أيضا موضوع متنوع يجب أن يكون موضوع نقاش في حلقات علمية لاحقا. وقد اختتمت فعاليات هذا الحفل البهيج الذي تخللته وصلات فنية جميلة ، بتكريم وجوه نسائية فاعلة في المجال التربوي والتعليمي، حيت تم منح دروع التكريم لكل من نائبة رئيس جامعة القاضي عياض، و المديرة المساعدة بمركز مهن التربية والتكوين، و رئيسات بعض المصالح بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكشآسفي.