بلغة الأرقام حطمت المظاهرات الشعبية في الجزائر كل المقاييس . من جنوب البلاد إلى شمالها ومن كل المدن و المداشر خرج ما يزيد عن مليار متظاهر، كمجموع تراكمي منذ البدء ، للمطالبة المشروعة بالحق في الحياة الديمقراطية في بلدهم و السعي إلى إرجاع العسكر إلى الثكنات و الفاسدين إلى محاكم البلاد . خلال أكثر من سنتين سجلت شوارع كل مدن الجزائر مظاهرات لم تنقطع و لم تؤثر فيها آلات القمع و لا خطابات التضليل و لا تلاعب أقلية بحق الشعب في رفض أجندة صنعها مفسدون لشرعنة الفساد و سطوته على المؤسسات . فبحساب بسيط يراكم الأعداد المشاركة في التظاهر وصلت اصوات من طالبوا بالحق في بلدهم المليار و زادت عليه بكثير و بالدليل القاطع و الشهادات غير المشكوك في صحتها. فبالإضافة إلى ما قيل عن المليون و نصف شهيد، سجلت الجزائر رقما مشهودا يتمثل في مليار متظاهر و أكثر . و هو ما يفضح مؤامرة كبرى على حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره و محاسبة من نهبوا خيراته على مدى عقود من الزمن. وكما يوجد بين النخب أبواق و مطبلون في جميع دول منطقتنا، يوجد من بين النخبة الجزائرية أناس لا يفرقون بين التطبيل لنظام مغتصب لحقوق شعبه ينعم بغباء التدخل المرضي في شؤون جيران ليسوا ضحايا الجغرافيا و لكن ضحايا غباء طبقة سياسية تمتهن إغتصاب الحقوق. أتابع بإستمرار أحرار الجزائر و هم يناضلون يوميا ضد إستغلال ثروات بلادهم من طرف أقلية لا تبقي و لا تذر. ولا أشك في حبهم لوطنهم لأنهم مخلصون حتى النخاع لروح الشهداء الذين ضحوا و قاتلوا وامنوا بغد مشرق لأبنائهم قبل أن تمتد يد الغدر، يد كابرانات فرنسا لتقتل القيم و المبادىء و تستغل رأسمال الشهداء الحقيقيين في سبي حرائر الجزائر و سحل احرارها بإسم تاريخ لم يساهموا في صنعه و لكن اغدقوا المليارات لطمس معالمه. غدروا ببوضياف و بايت أحمد و بكثير من المقاومين الذين رفضوا الطغيان . و تفننوا في تزييف التقارير و نظموا الجنائز و مشووا فيها و هم يعرفون من نفذها بأمر منهم كيف تخلصوا منه داخل السجن . و لعل آخر ضحاياهم كان قائدهم "الكايد صالح" الذي تجاوز حدودا رسمت له من طرف مافيا الجنرالات. و المضحك المبكي هي صحافة باعت ضميرها و باعت شعب الجزائر من أجل كمشة دنانير لم تعد لها أية قيمة أمام أعلى معدل تضخم مالي في العالم. كل هذا و لا من يحرك ساكنا في المؤسسات الرسمية لإنقاذ شعب تتوفر بلاده على ثروة نفطية و غازية كبيرة. الأصوات الحرة تفضح يوميا مسلسل السرقات و النهب و تفقير الشعب بأدلة دامغة. الرشوة و السيطرة على الصفقات بما فيها نفقات إطعام الجيش و تجهيزه و شراء العقارات بأوروبا و خصوصا بإسبانيا كلها أصبحت مفضوحة عبر تقارير خبراء و صحافيين يمجدهم المتظاهرون لأنهم يصدحون بصوت الحقيقة و فضح المزيفين. ولمن ينافق و يدافع عن طبقة سياسية متسخة وجبت الإجابة عن تبخر ملايير الدولارات من صناديق و احتياطيات الدولة. و هو ما شهد عليه أحرار اللبلاد كل هذا و صحافة بو زبال كما يصفها أحرار الجزائر تلحس ما علق باحذية العسكر المسيطر و لا تتقن إلا العزف على أوامره. و للعلم فقط، لم يتقن أصحاب الأبواق الإعلامية حتى أبسط تقنيات ترتيب المواضيع و الصور. صفحات أولى ركيكة الكتابة، عنيفة الألوان و ضعيفة الإخراج كأنما كتبت بالارجل في زمن تكنولوجيا المعلومات. و بالرغم من التطبيل، خرج الألاف من الأحرار إلى شوارع الجزائر مرددين شعار الصحراء مغربية. ولن تزيد هذه الشعارات و هذا الوعي الشعبي المتنامي طغمة العسكر و خدامهم من وزراء و نواب و صحافيين و قضاة التلفون إلا هلوسة و هذيانا و كثيرا من الأرق المؤدي إلى السكيزوفرينيا و مرض الفصام. الشعب القبايلي يؤرقهم لأن حقوقه تاريخية و متجدرة من قبل أن تولد الجزائر ولذلك ستصدح أصوات مساندي حقوقهم في إفريقيا و أوروبا و آسيا و امريكا و سيصل صوتهم إلى كل المنتديات الجهوية و الأممية. و هكذا جعل الله كيدهم في نحرهم. و لعلم مناصري دكتاتورية العسكر الجزائري فقد قرر الشعب الحر أن يملأ الشوارع ثورة سلمية وأن يحطم كل الأرقام القياسية التي تجاوزت تراكميا المليار في أعداد الت