لم يسلم أي بلد في العالم من تأثيرات أزمة الكوفيد الإقتصادية والإجتماعية. تحركت جميع الدول ومؤسساتها لمواجهة حرب صحية واستعملت كافة الوسائل للتقليل من نتائجها وهول اخطارها. تحركت المؤسسات الصحية والمالية والأمنية والصناعية والإعلامية ولم تنجح خلال الأشهر الأولى في تطويق تفشي الكوفيد. وانطلقت معركة حماية الإقتصاد بالموازاة مع إجراءات منع التجول وتطور أشكال التدابير الاحترازية كالتباعد الإجتماعي وارتداء الكمامات مع ما رافق ذلك من إيقاف عدة أنشطة إجتماعية وإقتصادية وثقافية وهو ما كان أثر كبير على نسبة البطالة وتراجع القدرة الشرائية لفئات كثيرة من السكان. ولأن الحركية الإقتصادية تراجعت فإن نسب النمو عرفت تراجعا كبيرا خلال سنة 2020. و لا زالت الأثار الهيكلية التي مست الإقتصاد العالمي غير معروفة حيث سيأخذ تقييمها وقتا مهما وخصوصا لقطاع التجارة العالمية و نظم الإنتاج و شكل العمل في ظل الاستعمال المكثف لأنظمة المعلومات خلال شهور من الحظر الصحي. اهتمت مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الإقتصاد والمالية وتحديث الإدارة بهذا الموضوع من خلال دراسة الاثار التي خلفها على مستوى جهات المملكة. وتذكر مقدمة هذه الدراسة بالدور الذي لعبته التدابير التي تم اتخاذها منذ اندلاع أزمة كوفيد. وهو ما مكن من تخفيف حدة الآثار الإجتماعية والإقتصادية وخصوصا على الناتج المحلي الإجمالي وعلى الفوارق الاجتماعية. ولأن المغرب يعطي لورش الجهوية أهمية خاصة فإن الإشكاليات البنيوية التي تعرفها الجهات تظل ذات راهنية رغم ما تم القيام به للتخفيف من آثار كوفيد. وقد بينت الدراسة التي تم إعدادها بالتعاون مع البنك الدولي أن الآثار كانت كبيرة على سوق الشغل وعلى القطاع غير المهيكل على مستوى الجهات الاثنى عشر. فبالإضافة إلى تمركز كبير لنسبة الإصابة بالكوفيد في جهتي الدارالبيضاءسطات و الرباطسلاالقنيطرة بنسبة 50% فقد بينت الأزمة من خلال توزيع عدد الوفيات أن الجهات التي لا تتوفر تأطير صحي تعرف نسبا ضعيفة لعدد الأطباء بالنسبة الساكنة هي الجهات التي سجلت نسبة وفيات تجاوزت في بني ملال الخنيفرة 2،544% . كما اتسعت الفوارق بين الجهات في مجال التشغيل والبطالة سنة 2020 وخصوصا في جهة الشرق 20،7% والجهات الجنوبية 19،8% و جهة الدارالبيضاءسطات 13،4% . وقد عرفت الآثار على القطاعات الاقتصادية تفاوتا بين الجهات . وبلغت تناقص قيمة الإقتصاد بفعل الأزمة، حسب الدراسة، حوالي 54 مليار درهم بالأسعار الجارية خلال سنة 2020 . وقد عرفت بعض القطاعات المرتبطة بالطلب الخارجي تراجعا كبيرا كقطاع الفنادق والمطعمة بنسبة 55،8% والنقل بنسبة 27،4% والصناعات الميكانيكية والإليكترونية و الكهربائية بنسبة 21،3% وترتبط هذه الصناعات بمجال السيارات والطائرات المنتجات الإليكترونية. أما القطاعات الأخرى كالصناعات الغذائية والجلد والنسيج والمعادن والفلاحة فقد عرفت تراجعات كبيرة.