اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي        حداد وطني بفرنسا تضامنا مع ضحايا إعصار "شيدو"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار        إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر: ما بعد تمديد حالة الطوارئ.. سيناريوهات تدبير الأزمة بالمغرب
نشر في لكم يوم 04 - 05 - 2020


1- قولة مفتاح: من غرائب الزمان…!
بعد غزوات الفضاء…
وحروب النجوم…
وثورة تكنولوجيا الإعلام و الاتصال…،
مع جائحة كورونا، تلجأ الدول «المتقدمة»
إلى الحجر الصحي…
الوسيلة المتوفرة…
وسيلة عُمل بها من قبل خمسة قرون
أيام الطاعون الأسود…
ويرحل رئيس جمهورية فرنسا إلى المعهد المتوسطي بمارسيليا؛
ليجلس أمام الأستاذ ديديه راوولت… متابعا درسا،
مفيدا و حاسما على شاشة تلقين، يتحكم فيها راوولت من وراء مكتبه لمدة ساعات.
هي عبرة من عبر الزمان. قديما قالت العرب:
« لكل مقام مقال، ولكل دهر رجال»
2- كساد اقتصادي أو موجة ثانية لكوفيد 19: أحلاهما مر !
يصعب الحديث عن الطريقة المثلى للخروج من الحجر الصحي. سيدخلنا ذلك فيما يسمى بالحلقة المفرغة. الأمر يشبه وضعا ما بين المطرقة والسندان. هل نركز على الاستمرار في الحجر الصحي للقضاء النهائي على الوباء، أو نذهب إلى الخروج منه لتحريك عجلة الاقتصاد وتأمين السلع والخدمات ؟
لا ينبغي للحركة الاقتصادية أن تتوقف لوقت طويل. سيضر ذلك الاقتصاد الوطني. وستكون له انعكاسات اجتماعية، قد تنضاف إلى تأثير هذا الوباء على صحة الناس. ويصبح الأمر مزدوجا وأكثر خطورة في الوقت نفسه. ولا يمكن جر المواطنين إلى خطورة هذا الوباء. ويوما عن يوم، يتأكد أن الحجر الصحي هو الحل الوحيد و الأوحد في هذه الآونة للقضاء على هذا الوباء !
لمعالجة هذه الإشكالية المعقدة، قد نقترح منذ البداية، ترتيب مراحل إلغاء الحجر الصحي عبر تهييء المواطنين والعاملين بحسب درجة ضرورة الخروج من المنازل.
تمسي المعادلة الحاسمة من ثم، جامعة بين طرفي نقيض: كساد اقتصادي أو موجة ثانية للكوفيد أكثر شراسة في سياق جائحة تكشف الأبحاث كل يوم عن مظاهرها الخفية والفريدة.
لنتأمل في حجم المفارقة بين مستويين :
أ – بيع برميل البترول الأمريكي( خام غرب تكساس) بتاريخ 20 أبريل 2020 بثمن سلبي: 37.63%. يفضل المستثمرون والمضاربون إعطاء المخزون والأداء عليه للتخلص منه ومن مصاريفه . مما أدى إلى انهيار الأسواق العالمية للأسهم بعدها مباشرة من جهة، وصعوبة إنقاذ الصناعات الطاقية بالولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.
ب- إلى حدود الأسبوع الثالث من أبريل، حصد فيروس كورونا ما يفوق المائتي ألف، أغلبها في دول الاتحاد الأوروبي، لسرعة انتشاره وتركيبته المعقدة إلى حد الغموض.
تأسيسا على ذلك، نعرض مقاربات متنوعة بوجهات نظر متعددة حول الحجر الصحي ورفعه، على أننا في النهاية، نقدم رأيا بعد اختبار معطيات تجارب. رأيا يشكل في الوقت ذاته، أرضية مشروع مجتمعي نؤمن به أفقا.
3-خسائر الاقتصاد المغربي بسبب الجائحة: المندوبية تتوقع
يقرن النمو بخلق الثروة والوظائف. والحال، لا يمكن تصور حجم الخسران الاقتصادي بناء على ذلك، سوى عبر ما ذكر من منظور في الصفحتين السابقتين من منظور اقتصادي صرف ((Economiste . وتوسيعا لذلك، نذكر بتوقعات مؤسسة رسمية هي المندوبية السامية للتخطيط. تقول:
” أخذا بعين الاعتبار الأزمة الصحية كوفيد 19 والحجر الصحي، ينتظر أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا لا يتجاوز 1.1% خلال الفصل الأول من 2020 و-1.8% عوض 1.9% و2.1% على التوالي المتوقعة في غياب تأثيرات الأزمة الصحية” (عن موجز الظرفية الاقتصادية خلال الفصل الأول من 2020 وتوقعات الفصل الثاني).
تأسيسا على ذلك، يُسطَّر التقرير ذاته، مظاهر الأزمة على الشكل الآتي :
1- بوادر ركود اقتصادي عالمي خلال سنة 2020 إضافة إلى شبح الجفاف؛
2- تراجع الطلب الخارجي الموجه إلى المغرب (حجم المبادلات الاقتصادية مع دول الاتحاد الأوربي يعادل 70% )؛
3- تقلّص وتيرة الطلب الداخلي؛
4- تباطؤ ملحوظ في الإنتاج؛
5- ارتفاع نسبي لأسعار الاستهلاك ؛
6- تباطؤ القروض المقدمة للاقتصاد؛
7- انخفاض ملحوظ لسوق الأسهم؛
8- انخفاض النشاط الاقتصادي خلال الفصل الثاني من 2020.
هذا مع الإشارة إلى قابليتها للتغيير، بحسب عاملين: معطيات جديدة، منها مدة الأزمة الصحية وآثارها وتأثير تدابير دعم الاقتصاد الوطني.
كما دققت المندوبية في تأثير الحجر الصحي على نمو القطاعات بالنّسب، خلال الفصل الثاني من 2020، في جدول ملحق بنهاية التقرير.منها خصوصا فروع الأنشطة:الفلاحة والصيد البحري والصناعات التحويلية و الخدمات المؤدى عنها والإدارة و الخدمات الاجتماعية و باقي الأنشطة. ذلك من حيث حصصها في الناتج الداخلي الخام ونسب إسهاماتها في تراجع النمو (المرجع:المندوبية السامية للتخطيط: موجز الظرفية الاقتصادية خلال الفصل الأول من 2020 وتوقعات الفصل الثاني
4- الصين وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والمغرب:
الدولة الشمولية والنقاش العمومي حول كوفيد 19.
لن تكون أية دولة بمنأى عن منطق الدومينو ( la logique domino ) بصدد الأزمة. إذ وحداتها المتسلسلة مرتبطة بآلية السببية على الشكل الآتي:
أزمة صحية أزمة اقتصادية أزمة اجتماعية أزمة سياسية.
وعليه، كيف يمكن تصور وضع المغرب ضمن سياق خصاص عام ترسمه المؤسسات المالية الدولية؟
إذ سيكون الاقتصاد العالمي سنة 2020 وفقا لصندوق النقد الدولي في الوضع الأسوأ، جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، لتعادل الخسائر إجمالي الناتج المحلي لليابان وألمانيا مجتمعتين (تقرير يوم 14 أبريل 2020 ) بما يقدر ب 9 تريليونات دولار أمريكي خلال عامين، منكمشا ب 3 % عام 2020، ومرتدا بنحو 5.8% عام 2021 . وقدم – إثرئذ- إجراءات للدعم و التخفيف لدول ضد الجائحة.
والحال، تتفاقم الأزمة في بعدها السياسي. بينما ستجد الأزمة الاجتماعية شحنتها في انعدام ثقة الشعوب في نجاعة تدبير حكامها للأزمة الصحية .
خلافا لذلك، تمثل ألمانيا، بنظام صحي فيدرالي قوي وكشوفات سريعة نموذجا. بينما تجاوزت دول بشكل كارثي نسب الوفيات. خصوصا في تلك التي دعا حكامها إلى إعمال مبدأ المناعة الجماعية l'immunité collective) ( بعد انتظار إصابة 60% من الساكنة ( بريطانيا على وجه الخصوص، حيث سيصاب رئيس وزرائها بالفيروس ويدخل المستشفى).
في السياق ذاته، يعلن وزير الصحة الألماني يوم 17 أبريل 2020 السيطرة على كوفيد 19، بتراجع معدل انتقاله إلى 0.7 أي أقل من شخص، للمرة الأولى، بعد إجراء تحاليل لحوالي 1.7 مليون شخص. نستوعب المعادلة : من عشرة أشخاص مصابين لن نتنقل العدوى إلا إلى سبعة.
ومن غرائب الأحداث، أن تعلن الصين (سلطات بلدية يوهان) عن مراجعة أعداد ضحاياها وإصاباتها، بعدما تعرضت، داخليا وخارجيا، إلى حملات تشكيك في مصداقية تقاريرها الرسمية ( 4000 وفاة و 50333 إصابة تقريبا).
تتم أيضا الإشارة إلى إستراتيجية كوريا الجنوبية. جرت الإحالة إلى هذا المثال، الذي أخذ في الوقت المبكر بإعمال الكشف عن المرض ورصد المخالطين والعزل.
5- هل الحجر الصحي مضيعة للوقت ؟ : ديديه راوولت؛ اليساري الجذري والوصفة !
اتضح من مستجدات الأبحات حول كوفيد 19، بداية الأسبوع الثالث من أبريل 2020، أن له مظاهر ثلاثة: فيروسي ( viral) والتهابي ((Inflammatoire ومظهر مرتبط بالأوعية الدموية( vasculaire). بيد أن أطروحات مكافحته اختزلت في اثنتين:
1 – مكافحة الفيروس عبر وقف مسلسل تطوره بالعدوى بالحجر الصحي ؛
2 – تكسير الفيروس عبر لقاح أو برنامج (protocole ) علاجي، تحسبا لعودة فتاكة للجائحة ولحجر صحي آخر. نذكر بما قالته مارغاريت هاريس باسم منظمة الصحة العالمية : ” لا ينبغي أن نتوقع لقاحا قبل 12 شهرا أو أكثر”.
يجب أن نؤكد بأن الوصفة الاحترازية (التباعد الاجتماعي وغسل اليدين بالصابون أو بالمطهرات الكحولية ووضع الكمامات الواقية ) كانت عالمية . ليتبدى الحجر الصحي فيما بعد، وسيلة مثلى. بينما سيترسخ، إثر الاكتشافات الجديدة للمرض، أن الكشف السريع المبكر من أساليب كسره.
في هذا الصدد، سيتم في المغرب بعد أيام من الحجر، الترخيص لستة مختبرات بمستشفيات جامعية وبمختبري مستشفيين شبه خاصين، لتنضاف إلى المختبرات الثلاثة الأولى: المعهد الوطني للصحة ومعهد باستور ومختبر المستشفى العسكري بالرباط.
سيتركز النقاش العالمي في الوقت ذاته على جدوى خيار آخر ظل منذ البداية صامدا بمرسيليا؛ جنوب فرنسا. مفاده دواء قائم على جزيء (molécule) الكلوركين( chloroquine) لصاحبه ديديه راوولت، أخصائي الأمراض المعدية (infectiologue) وأستاذ علم الأحياء الدقيقة((microbiologiste، بعدما غادر اللجنة الوطنية للصحة بفرنسا. نُذكّر بأن هذا الباحث سينغالي الولادة ( 13 مارس 1952 بدكار) ويساري جذري المنزع السياسي، بالنسبة للعديد من المنخرطين في المواجهة العالمية ضمن المجتمع المدني الدولي ضد العولمة المتوحشة والليبرالية الجديدة و الخطاب اليميني المتطرف المعادي للأجانب. خلاصة طرح الدكتور راوولت أن الدواء أثبت نجاعته بنسبة 92% على عينة من ألف حالة.
من حسن الحظ، وجود فرع لشركة Sanofi بالمغرب، وقرار هذا الأخير استثمار مخزونه من الدواء بما يفي بالجواب على مطالب التعافي بالعلاج من الوباء.
غير أن الوكالة الفرنسية للأدوية حذرت مجددا يوم 25 أبريل 2020، من استعمال عقار هيدروكسي كلوروكين مع مضاد للالتهابات على المصابين بفيروس كورونا المستجد، لآثاره الجانبية على القلب. تنضم إذن، إلى معارضي استعمال هذا الدواء.
وبالعودة إلى الحالة المغربية، يصرح المغرب الرسمي (وزير الصحة أيت الطالب، بغرفة المستشارين يوم 14 أبريل 2020 ) أنه لولا الإجراءات الاحترازية بالاستناد على مرجعية المنظمة العالمية للصحة القائمة على الترصد والتحاليل المخبرية والتكفل بالحالات المحتملة، ناهزت الوفيات 6000 حالة.
6- رفع حالة الطوارئ الصحية: منطق كل السيناريوهات:
مبدأ التدرج أصبح مهيمنا على النقاش العمومي لدى الدول الأوروبية، تفاديا لتبعات موجة ثانية للعدوى، بعد رفع حالة الطوارئ، وبفعل أعداد الوفيات والإصابات من جهة، والمظاهر المستترة والمتحولة للفيروس
من جهة أخرى. ذلك وفقا لمقاييس:
1- جهوي: بحسب حدة انتشار الفيروس؛
2- فئوي عمري: الأعمار الأكثر عرضة المقرونة بأمراض مزمنة، بحسب التقارير الإحصائية للوفيات والإصابات.
3- مهني: بحسب إعمال الإجراءات الاحترازية بقطاعات حيوية اجتماعيا واقتصاديا؛
4- زمني: بحسب ساعات اليوم، تفاديا لأوقات الذروة في الفضاء العام، على مستوى الحواضر الكبرى خصوصا.
عوامل موضوعية إذن، تتحكم في قرار رفع حالة الطوارئ الصحية: سيرورة الوباء وطنيا وإقليميا ودوليا، مع رهن ذلك بالمستجدات العلمية والتقنية المتعلقة بالفيروس. وعليه، تتهيكل السيناريوهات وفقا لمنطق طبي/ استشفائي خالص، قائم على عوامل حاسمة. أهمها الطاقة الاستيعابية والاستعداد للتعامل مع الوفيات وعدد أسرة الإنعاش وعدد المتعافين، مع الإصرار على إبقاء الاحتراز عبر الكمامات والكشوفات و التباعد الاجتماعي لمكافحة آثار البؤر العائلية و المهنية.
لقد أكدت منظمة الصحة العالمية يوم 14 أبريل 2020، أن العالم لم يصل بعد إلى ذروة وباء كورونا. إذ 90 % من الحالات جار تسجيلها بالولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا. وتزداد الإصابات ببريطانيا وتركيا، بينما تتناقص بإيطاليا واسبانيا أحيانا.
في المغرب، تستأثر التجمعات الحضرية الكبرى ب 75% من الحالات المؤكدة: ضمنها 70 % بأعراض بسيطة و 16 % بدون أعراض و 14% في وضعية متقدمة، مع 80 حالة في الإنعاش. في السياق ذاته، يصرح وزير الصحة المغربي بأن الطاقة تتحدد في 1826 سرير و 989 طبيب متخصص في التخدير و الإنعاش ( رده على الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين يوم 14 أبريل 2020).
بيد أنه بحسب مؤشر الأمن العالمي للصحة (2019) ، يقع المغرب في خانة الدول ذات الاستعداد المتوسط لمواجهة الأوبئة، بحلوله في المركز 68 من أصل 195 دولة مشمولة بالتقرير(حيث حصل على 43,7 نقطة على المؤشر) مصنفا الدول في خانات ثلاث: الأكثر والمتوسطة والأقل استعدادا. وجدير بالذكر، أن المؤشر السالف ذكره يحتسب على معايير ستة بدءا من مؤشر الوقاية، مرورا على مؤشرات الكشف المبكر
والاستجابة السريعة و النظام الصحي و بيئة المخاطر والمعايير العالمية.
تأسيسا على ذلك ترقى الإستراتيجية الشمولية والمتكاملة القائمة على حساب المؤشر Ro للفيروس: يتحدد مؤشر كوفيد 19 في 3 Ro خلافا للفيروسات الأخرى. علما بأن معامل فيروسات الأنفلونزا الموسمية تعادل: Ro = 1.5. ثم إن فيروس كورونا فتاك بعشر مرات مقارنة معها. لهذا تعتبر المنظمة العالمية للصحة وفقا للمنطق الطبي الصرف، أن شرط رفع الحضر الصحي، يتحدد في المؤشرRo =1 أي عندما تقل العدوى في نقلها إلى ما دون شخص واحد من قبل شخص مصاب، لتندثر فيما بعد.
ستعلن وزارة الصحة بتاريخ فاتح أبريل 2020 ، عن معطى إيجابي، مفاده اقتراب مؤشر انتقال كورونا بالمغرب من عتبة 1=RO . ومعلوم أن نسبة توالد الفيروس بهذا المعامل طيلة أسبوعين، من شروط رفع الحجر الصحي.
وغير خاف أن التعامل مع الحجر الصحي، يرتبط أيضا بالحالة المؤسسية والدستورية (الدولة مركزية أو فيدرالية). إذ مثلا في فرنسا تم التمديد إلى 11 ماي في كل التراب الوطني خلافا لإجراءات العمل به في الولايات المتحدة الأمريكية ( نشب الصراع بين ترامب وحكام ولايات).
وبالعودة إلى الحالة الفرنسية فإن قرار رفع الحضر الصحي أو تمديده تشكل وفقا :
أ‌- للمبيان: ما بين 0 و 700 حالة وفاة؛
ب‌- 500 سرير للإنعاش، بمثابة مقياس تمثيلي للأحوال العادية في المستشفيات الفرنسية؛
ج- الرفع التدريجي للحجر الصحي بهاجس تحريك نسبي للقطاعات الحيوية أو للاقتصاد؛
د- إبقاء الإجراءات الاحترازية ( الكمامات والكشوفات السريعة والتباعد الاجتماعي).
في أغلب التجارب المتوفرة إلى حد الآن، طالت مدة الحجر الصحي ما بين 8 أسابيع و 9 ، وفقا لذروة انتشار الفيروس، كما في الصين و ايطاليا وفرنسا. للإشارة ، كلما أجريت الكشوفات؛ كلما سهل التعرف على خريطة انتشاره بدقة.
ستعلن فرنسا عن قرار مجلسها الوزاري بتاريخ 2 ماي 2020، تمديد حالة الطوارئ الصحية إلى 24 يوليوز 2020، ليحال فيما بعد كمشروع قانون على مجلس الشيوخ والجمعية العامة. بينما سيرفع الحجر الصحي تدريجيا بدءا من 11 ماي.
بينما ما زال حاضرا في البال، أن تمنيع ثلثي المجتمع بواسطة لقاح أو بتمنيع طبيعي بعد شفاء النسبة نفسها من الإصابة، من السبل المنتظرة. إذ يُعتد بالقاعدة التي مفادها أن الفيروسات تحيا، إلى أن تصل ما بين 60 % و 70 % من المصابين، الذين يتمنَّعون ضدها ويصبحوا حائطا حمائيا، يتهاوى الفيروس أمامه.
رافق ذلك الإصرار على أن حالات العزل بعيدا عن الأسر، إضافة إلى مختبرات خاصة للكشف وإدماج القطاع الخاص في ذلك و إجراء تحاليل الدم للممنَّعين وتشغيل تكنولوجيا اقتفاء الأثر بتطبيق ذكي على الهاتف المحمول وحماية الموارد البشرية الصحية و إبقاء الاحتراز عبر الكمامات والمطهرات الكحولية والتباعد الاجتماعي، تعتبر كلها عوامل حاسمة للقضاء على الفيروس.
7- من عبَر الكوفيد 19 :
مختبر يوهان للأبحاث الفيروسية.
قال المحاور :
أنظر تجربة الصين. بنظام شمولي صارم عبر قواعد الانضباط الجماعي، بدلا من تضييع الوقت في جدالات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والدسترة الدقيقة لحالة الطوارئ والاستثناء، تمكنت من الخروج من عنق الزجاجة بعد ثمانية أسابيع تقريبا !
أجبناه:
لو كان هناك نقاش عمومي مفتوح، لما دخلت العنق أصلا. ثم ذلك، يشترط وجود صحافة حرة !
علق المحاور:
– كيف ؟
أجبناه:
– لو فتح النقاش عندما نبه طبيب العيون إلى الخطر، لما اضطرت الصين إعلانه شهيدا ورمزا، بعدما عاقبته، ولما أجبرت على مراجعة أعداد وفياتها وإصاباتها في تقرير جديد يوم 17 أبريل 2020. تم إنها اليوم في قلب زوبعة عالمية حول مدى تسرب كورونا من مختبر يوهان دونما إعمال الاحتياطات اللازمة.
– وأنظر أيضا الحالة الفرنسية : نادت المعارضة البرلمانية بلجان تقصي الحقائق للإجابة على أسئلة منها : كيف بقوة اقتصادية عالمية كفرنسا، أن تعجز عن توفير حتى الكمامات لمستشفياتها؟
– ولاحظ: حتَّم السياق على الرئيس ماكرو الرحيل إلى مكتب الأستاذ راوولت بالمعهد المتوسطي للأبحاث بمرسيليا. (انتهى الحوار).
من ثمرات تحقيق “واشنطن بوست” نشر بتاريخ 18 أبريل 2020 عن معهد الدراسات الفيروسية بيوهان، الممول أيضا من قبل فرنسا (معلومة من إذاعة فرنسا الدولية صبيحة 19 أبريل 2020 ).حيث يجري هذا المعهد مشاريع أبحاث عن فيروس كورونا لدَى الخفافيش.إذ الوارد أن خطأ في معالجة مخبرية ( manipulation ) أدت إلى تسربه لدى أحد العاملين. الشيء الذي تسبب في انتشاره.
إضافة إلى ذلك، تناولت مند سنتين مراسلة لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية ببكين، ضعف الإجراءات الوقائية والحمائية في المختبر نفسه. ثم ما زالت العديد من الأسئلة عالقة: لا تعرف أسباب موت 20 % ممن دخلوا غيبوبة في يوهان. ثم لا يعقل قبول الرقم المراجع 4000 وفاة في الصين. والحال تفوق الوفيات 60000 بأوربا في الأسبوع الثالث من أبريل 2020. مما أضفى على المسار غموضا و ألغازا. هذا مع مستجدات هذا الفيروس المعقد والمتحول: من أعراضه المكتشفة أخيرا، فقدان حاستي الذوق و الشم واضطراب في الذاكرة. مما يستنتج منه إصابة المصاب بتلف في الدماغ والجهاز العصبي ( les lésions cérébrales)، لا يتضح حتى بالفحص بالسكانير أو التصوير بالرنين المغناطيسي (IRM).
في الحالة المغربية، ووفقا لمستجدات الإصابات، لم تصلنا – حسب أستاذ مغربي في الطب ومشتغل في القطاع الصحي العام – سوى الصيغة المخففة للفيروس… ! أعراض أغلبية المصابين بسيطة، ونسبة أخرى لأشخاص ليست لديهم أعراض.
على الرغم من ذلك، تظل الخيارات نفسها بالنسبة للبشرية جمعاء. لكن يسمو خيار اللقاح حاسما. راجت كثيرا في النقاش العمومي والمتخصص خيارات: الهيدروكسي كلوروكين (فرنسا) وأفيغان (اليابان) ورمدسفير Remdesivir (أمريكا ) وبرتكول ضد داء السل PCG بأستراليا وبرتكول ضد التهاب المفاصل الرماتويدي بنابولي (إيطاليا).
في هذا الصدد، ينضاف خيار العلاج بالبلازما (Plasma). المقصود القيام بسحب عينات دم من متبرعين متعافين من الفيروس لفصل البلازما، حيث تتركز الأجسام المضادة بعد المرض، على أن تمنح للمصابين إعانة لهم للتعافي السريع، خصوصا أولئك الذين هم في حالة حرجة . هي تقنية يحاول الأطباء الأمريكان اعتمادها إلى جانب الكلوروكين بإذن من الوكالة الأمريكية للأدوية والعقاقير. نتذكر أن التقنية نفسها جربت ضد أمراض من فصيلة فيروس كورونا المستجد : “سارس” ، و”إيبولا” و”إنفلونزا الطيور”. الشيء الذي زكته منظمة الصحة العالمية. يتوفر المغرب على التقنية ذاتها على مستوى مراكز تحاقن الدم. تكمن نجاعتها في النهاية، في كون بلازما شخص تشفي ستة.
8- مبدأ التدرج النسبي، أفقيا وعموديا:
استلهاما لتجارب الدول الشمالية (منها الدنمارك والنرويج ) و ألمانيا وكوريا الجنوبية، يمكن خلق صيغة موازنة بين الهاجس الصحي و الهاجس الاقتصادي، على شاكلة مسار يعمل بمبدأ التدرج النسبي في رفع الحظر الصحي، وبإيقاعات متعددة. ثم إن ذلك يتطلب تمويلا أيضا.
غير أن أي قرار، يظل قائما على انعدام اليقين: كل يوم تحمل الأبحاث مستجدات عن الكوفيد 19، ومن ثم عن طرق العلاج منه. يكون ذلك بحسب عدد المصابين من جهة، وإيقاع نتائج الاختبارات من جهة أخرى. ثم إن الفيروس (كوفيد 19 ) ذو طبيعة متحولة من دولة إلى أخرى بحسب أعراض إضافية: بعد أسابيع من انتشاره في إيطاليا و فرنسا وإسبانيا، برزت الأعراض العصبية مع فقدان حاستي الشم والذوق لدى أعمار مختلفة، و إسهال وحمى بدون أعراض رئوية لدى مسنين.كما ظهرت أعراض طفح جلدي لدى آخرين.
ليتضح بأن الكشف السريع من أهم سبل معرفته. إذن يتداول نوعان من الكشف: بيولوجي فيروسي viral و كشف للدم dépistage sérologique . حيث يبحث هذا الأخير في الذاكرة المناعية للشخص ( la mémoire immunitaire ) عبر ضبط المضادات للأجسام في دمه. غير أن المعادلة الصعبة في منح أي يقين تروم الجواب على السؤال: ما حجم كوفيد 19 المساوي لدرجة العدوى أو انتشاره quantité du covid 19 = degré de contagiosité) ). في انتظار الأجوبة الحاسمة، يظل تحضير مبكر منذ الآن، لإجراءات الرفع التدريجي لحالة الطوارئ الصحية، ضرورة استباقية.
بدا لنا، أن التدرج النسبي مبدأ يؤطر تجارب. نذكر على سبيل المثال: بدأت الدانمارك في قطاع التعليم باستئناف الدراسة من خلال مستويات التلاميذ ما دون الأحد عشر عاما و تقسيم القسم إلى اثنين أو ثلاثة مع إبقاء الإجراءات الاحترازية .
نستخلص القاعدة : تظل الحكومة بالاستناد على قرارات مسؤولي الصحة، مجبرة على تقديم تصور مبكر لمبادئ كبرى وطنية وموحدة المسار العمودي للرفع، تنطلي على جمبع القطاعات. ليعهد إلى كل قطاع على حدة، تطبيق ذلك بمراعاة خصوصيته و خصوصية موارده البشرية. هذا هو التدرج النسبي على المستوى الأفقي . ثم، تتطلب مستجدات البحث العلمي حول كوفيد 19، أن لا يظل ما سمي “المخطط الوطني لليقظة والرصد لمرض كوفيد 19 ” (مشروع وزارة الصحة) ، جامدا. بل، أن يحيّن دوريا.
بالمناسبة، يتعذر وضع سيناريو للسنة الدراسية والجامعية إن تجاوز الحضر تاريخ 20 ماي 2020 دونما أخذ بقرار تمديد السنة من جهة، وملاءمة ذلك مع السنة المقبلة من جهة أخرى.
9 – الأفق: اقتصاد اجتماعي وتضامني
متى الضريبة على الثروة ؟
يبنى الدخل على ما يتلقاه الفاعل الاقتصادي مقابل عمل أو خدمة بشكل دوري. وتتحدد الثروة على ما استجمعه الفاعل الاقتصادي من أصول لاستدامها مستقبلا. ويمكن للدخل أن ينشئ الثروة.
المنطق الوجيه إذن في ضمان استقرار مجتمع، تقريب الفوارق بين مكوناته. يعتد بتدخل الدولة عبر الآلية الضريبية مثلا في هذا السياق .
تأسيسا على ذلك، يفترض اليوم، بعدما أبان المغاربة عن روح تضامنية عالية؛ أن نحسم في الآتي :
أ‌- إصلاح المنظومة الضريبية بما يحقق عدالة ضريبية، وإقرار الضريبة على الثروة وفق منطق تصاعدي.
ب‌- إن الموارد الضريبية في نسبتها الغالبة من الضريبة على الدخل لدى الأجراء، لأنها من المنبع تقتطع.
وجب إذن تأهيل المنظومة قانونيا وبشريا ومؤسسيا، كي تتصدى للتهرب والتملص والالتفاف على هذا الواجب: أداء الضريبة.
ج- التأكيد على دور الطبقة المتوسطة. هي عماد الاستقرار المجتمعي، ومخاطب أي مشروع مجتمعي شمولي.
د-التأكيد على دور الدولة المتدخلة، بتنويع آلياتها وطرقها، وقوتها مرهونة بقوة الخدمة التي تمنحها. دونما
ذلك، ودون أفق اقتصاد اجتماعي وتضامني ضمن مؤسسات حقيقية بتأهيل مؤسسي وقانوني حقيقي وديمقراطي، منبثق عن الإرادة العامة للشعب، نظل نجتر المحن.
نتساءل ظرفيا: أية عبرة كبرى يمكن أخذها من شهور الجائحة ؟
لا يصح إلا الصحيح، ولا يمكن للتفاهة أن تصمد أمام العلم والعلماء. أين الآن الذين نظَّروا ودعوا واستفادوا من تملص الدولة من القطاعات الاجتماعية لصالح “الرأسمال” المتوحش واقتصاد الريع وكتائب الفساد.
– فهل من السهل إقرار حضر صحي أو رفعه دونما دخل قار لفئات واسعة من الشعب، كالتعويض عن البطالة ؟
10- في النهاية: عن القدرة التواصلية للمغرب الرسمي
في شريط سمعي بصري (vidéo) راج عبر وسائط التواصل الاجتماعي، يقر مدير مديرية الأوبئة قبل الحجر الصحي، في حوار مع صحافي، بأن المغرب لن يصل إلى مستوى الشوارع الخالية…وبعدها يستمر في الإطلالة على العموم، بحصيلة ترتفع يوما بعد يوم… !
إن صح الشريط للصيغة الرائجة، فأسئلة عديدة تطرح في شأن القدرة على الاستشراف والاستباق.
حجم المفارقة أيضا، طال تصريحات سابقة لرئيس الحكومة، إذا ما قورنت بتلك إبان الحجر الصحي. ثم إن بعض المسؤولين عن إنفاذ القانون، تصرفوا بسلوك لا يمت بصلة للحظة وللقانون. منهم من خضع لتحقيق، ومنهم من بقيت حالته معلقة على ما يبدو. حالة ذلك الذي وزع صفعات على شباب.
ومن ذلك: أنه عندما سئل لفتيت (وزير الداخلية) في جلسة برلمانية عن ذلك، ضمن جوابه، أن الأب يضرب أبناءه ! جواب، إن صح كما تداولته منابر إعلامية، فإنه يُذكر ببلاغ “خدام الدولة”. جواب يكون بعيدا عن روح القوانين، التي منها القانون الدولي لحقوق الإنسان والحق في السلامة الجسدية.
وينضاف بلاغ النقابة الوطنية للصحافة المغربية، معتبرا قرارالداخلية منع تنقلات الصحافيين ليلا، خرقا للدستور وتمييزيا (“باستثناء”أطر المؤسسات الإعلامية العمومية والإذاعات الخاصة). إذ يحرم الصحافيين من حرية التنقل المهنية ابتداءا من الساعة السابعة مساء إلى الساعة الخامسة صباحا. تعتبر النقابة ذلك خرقا وتقييدا لحرية الصحافة، ولا يخدم المصلحة العامة للمجتمع، وينتهك أقدس الحقوق: الحق في الخبر لدى المواطنين . بل هناك من اعتبر ذلك عودة إلى الجمع بين الإعلام والداخلية. ومن تناول ذلك بعبارات هزلية “الداخلية طفات الكاميرا” ( هناء أبو علي، موقع كود ، آراء، بتاريخ 25 أبريل 2020).
إثر الضجة، سيسمح للصحافيين الحاملين للبطاقة المهنية بأداء مهامهم. لكن على أساس حيازة إذن من ممثل وزارة الداخلية.
لنتأمل في الواقعة : هل أمسى ترامب مجبرا على تعليق المؤتمرات الصحفية، بعد تصريح ” حقن مصابي كورونا بالمعقمات” ؟ ألم يصمد الرجل أمام سخرية التعليقات وتنبيهات المختصين ؟
واقعة منحت صورة عن الرئيس للرأي العام الوطني والدولي؛ رئيس لبلد له وزنه عالميا، حصد منه للأسف الكوفيد 19 نسبة عالية من الوفيات في العالم إلى حدود نهاية أبريل تقريبا !
11-«فإن غدا لناظره قريب »!
كيف نفهم استفراد الحكومة بمشروع القانون 20-22 في هذه اللحظة الاستثنائية بالذات،وفي سياق صنفت فيه الأمم المتحدة (عبر بيان للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بتاريخ 27 أبريل 2020) المغرب ضمن الدول التي ارتكبت خروقات لحقوق الإنسان خلال حالة الطوارئ. حيث يرى البيان أن “صلاحيات الطوارئ لا يجب أن تتحول في يد الحكومات لسلاح ضد المعارضة ولأجل مراقبة الشعوب بهدف البقاء في السلطة”.
وكذلك في سياق نشر الدولة المغربية بيانا يوم 28 أبريل 2020 ترفض فيه اتهامات الأمم المتحدة وتعتبرها غير صحيحة.
بدا أن الحكومة اشتغلت على المشروع بسرية. ولم تشرك المعنيين، حتى المجلس الوطني للصحافة، ولا المنظمات المهنية الصحافية أو الحقوقية. وهو المتعلق بحريات أساسية : التعبير والنشر والصحافة.
بل، هناك من سيسائل كتابيا الأمين العام للحكومة في البرلمان حول حقيقة مصادقة الحكومة على مشروع القانون المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، هذا مع وجود مراسلة رسمية من الأمانة العامة تفيد المصادقة عليه من قبل المجلس الحكومي في اجتماعه بتاريخ 19 مارس المنصرم، مقابل صدور بيان من وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان ينفي مصادقة الحكومة على نص المشروع بكونه مازال محط نقاش.
وينفي فيما بعد تسريبه للمشروع بتاريح فاتح أبريل 2020،الاتهام الموجه إليه من قبل “برلمانيين عن الاتحاد الاشتراكي”. ووزير العدل مقدم المشروع من الحزب نفسه، كان حزب المهدي بن بركة وعمر بن جلون وضحايا سنوات الرصاص.
للطرافة، وعلاقة بالموضوع، اطلعت على تدوينة الصديق محمد حفيظ (من تاريخ حافل لشبيبة حافلة) عن المتورطين المعروفين في مشروع قانون تكميم الأفواه. اتصلت به بعد منتصف الليل، فقلت له : ” وغير المعروفين.. ألا يعرفون أنهم – ربما – معروفون ؟ “. ذاك كان من صميم رسائل التدوينة.
وسيبدو من كواليس عرض وتسريب هذا المشروع، تاريخ فيلم ممتد إلى شهور المقاطعة لثلاث شركات.
النتيجة : حيوية لحملات من مشارب مختلفة، تعتبره خدمة لمصالح اللوبيات الريعية الفاسدة، ونشطاء يرسمون الصراع، ليس حول قانون تقنين شبكة التواصل الاجتماعي، وإنما حول الثروة والسلطة !
– فكيف ستشرح الحكومة تضارب مواقف مكوناتها، للرأي العام الوطني والدولي إزاء مشروع اصطلح على نعته “بوثيقة تكميم الشعب” ؟.

*الدكتور عبد الرحيم العُماري أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالمحمدية
*الدكتور زهير لخيار أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق المحمدية خبير في التخطيط الاستراتيجي والتنمية المحلية التشاركية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.