عشقه للطبيعة دفعه لتناول الشجرة كموضوع أساسي في أعماله ووظفها في لوحاته أشرف عبد الفتاح البجيوي والي جهة مراكشآسفي، مساء الأربعاء، بمتحف فريد بلكاهية، بمنطقة النخيل بمراكش، على افتتاح معرض" حديث الشجرة " في إطار أعمال الفنان التشكيلي الراحل فريد بلكاهية حول الشجرة، وذلك بمناسبة احتضان مدينة مراكش لمؤتمر الأممالمتحدة لتغير المناخ "كوب 22". وشكل هذا المعرض، تمرة فنية للراحل فريد بلكاهية، الذي اهتم بالبيئة قبل الأوان، يؤرخ من جهة أخرى لمساره الفني، حيث تجاوزت لحظة الدهشة بتعبير الأدباء إلى مرحلة إبراز تجربته التشكيلية أمام الجمهور المهتم والنقاد الفنيين. في حضرة لوحاته التي أثثت معرض "حديث الشجرة"، يسافر بنا الراحل بلكاهية إلى عالم متفرد لا نسعى كملاحظين ومتتبعين للشأن الفني، مغادرته، لأن الفنان يدرك أن الفنان المبدع الذي لا يمتلك يدا وخلفية فنية لا يمتلك تجريدا ذا إيحاءات مجازية. ويشكل النحاس أول سند ركز عليه الفنان الراحل في تجربته الفنية، فأضحى يلينه بالضرب وبالنار ويترك الصدأ يتآكله، تم يقطعه ويجعده إلى أن يستخلص منه أشكالا رمزية مضغوطة ومنحوتة ومموجة ولينة وموحية بالإيقاع. وحسب رجاء بنشمسي رئيسة مؤسسة فريد بلكاهية، التي أنشأت في شهر مارس 2015 قصد السهر على إشعاع عمل الفنان فريد بلكاهية، فإن عشق زوجها الراحل بلكاهية للطبيعة دفعه لتناول الشجرة كموضوع أساسي في أعماله، ووظفها في لوحاته بأساليب منمقة وبأشكال مختلفة تارة مربعة او مثلثة، أو على شكل صليب، وغالبا دائرية. وأضافت بنشمسي في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن زوجها كان يستعمل في أعماله الفنية منذ السبعينات مواد طبيعية كانت مستخدمة بقوة في الفنون التقليدية، كالنحاس والجلد، والتي تناولها حصريا، مع صبغات نباتية ومعدنية. وأوضحت بنشمسي، أن زوجها الراحل رسم أول غابة سنة 1963، و طيلة مساره الفني لم يتوقف عن الرجوع لتناول موضوع الشجرة التي أصبحت أيضا موضوع أبحاث شعرية و فلسفية وروحية، مشيرة إلى أن الفنان فريد بلكاهية وضع حلمه بالشجرة في دينامية استكشاف حيث سيقوم تدريجيا باستنطاق الشجرة في كل أبعادها الحقيقية خاصة الرمزية. ويجسد متحف فريد بلكاهية، الذي يقدم نماذج مختارة من أعمال الفنان التي تعبر عن مختلف اتجاهاته وتجاربه،بالإضافة إلى لمحة عامة عن أشكال التعبير الفني المتعددة التي اعتمدها الفنان التشكيلي فريد بلكاهية، والوسائل والأدوات المتنوعة التي استخدمها خلال مساره الفني، إرادة الراحل في تقاسم إرثه الفني مع الأجيال القادمة. وتتوخى مؤسسة فريد بلكاهية، من خلال هذا المتحف مواصلة إشعاع أعمال الراحل من خلال زيادة عرضها وكذا تشجيع البحوث المتعلقة بالتأثير الذي خلفه وأبرز فترات حياته، فضلا عن تعزيز الإبداع في كافة المجالات الفنية. ويعتبر الفنان التشكيلي الراحل فريد بلكاهية أحد أعمدة الفن التشكيلي المغربي، تخرج على يديه عدد كبير من الفنانين المغاربة، وتجربته فريدة من نوعها، وتعتبر من التجارب الرائدة على المستويين العربي والإفريقي، وصل صيتها إلى الأوساط الفنية العالمية، لما قدمته من أسئلة جوهرية عميقة، انطلاقا مما هو محلي نحو ما هو عالمي، حيث سجل بحضوره وإنتاجاته الغزيرة نقطة تحول بين التقليد والتجديد في فترة مبكرة من التاريخ التشكيلي المغربي، بخصوصيات نوعية استرجعت القيمة الجمالية والإبداعية المغربية من منظور مغاير، كرد فعل على الأنماط التقليدية الفنية التي كرسها الاستعمار. يذكر أن الراحل فريد بلكاهية، المزداد سنة 1934، بدأ عرض أعماله الفنية وعمره لم يتجاوز 15 سنة، وتابع دراسته في مدرسة الفنون الجميلة بباريس سنة 1955، وباعتباره أحد رواد الفن الحديث والمعاصر في المغرب، أصبح الراحل في سن مبكرة سفير الاستمرارية الفنية للمغرب من خلال الربط بين التقاليد الأصيلة والمعاصرة، وهو ما يشكل محور فكره، تم تعيينه سنة 1962 مديرا لمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء، وسرعان ما أرسى أسس تعليم الفنون التقليدية الخاصة بالمغرب من أجل إعادة دمج الهوية المغربية التي ضعفت إبان فترة الحماية في التعليم الأكاديمي للفنون.