جرى، اليوم الأربعاء بسلا، إعطاء الانطلاقة الرسمية للبرنامج الوطني للتربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة، لتمكينهم من الاستفادة الكاملة من حقهم في التمدرس مع نظرائهم التلاميذ في الأقسام العادية. ويهدف هذا البرنامج، الذي جرى إطلاقه تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبرئاسة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وسعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إلى تمكين الأطفال في وضعية إعاقة من أن يجدوا مقعدهم الدراسي ضمن الفرص الممنوحة لباقي الأطفال، سواء كان ذلك على مستوى الإطار المادي من بنيات تحتية وولوجيات وميسرات أو على المستوى التربوي من برامج ومضامين دراسية. كما يروم هذا البرنامج إرساء تنظيم تربوي وزمني يتكيف مع خصوصيات الإعاقة، والمقاربات البيداغوجية الملائمة لقدرات جميع الأطفال وإمكاناتهم في التعلم، وكذا التعبئة والتواصل حول المدرسة المغربية من أجل تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة من خلال إرساء مخططات وإجراءات عملية على الصعيدين المؤسساتي والبيداغوجي في إطار التعاون والشراكة مع كافة الفرقاء التربويين المهتمين بهذه الفئة. وفي كلمة خلال اللقاء المنظم بالمناسبة، وصف سعد الدين العثماني، الإطلاق الفعلي لهذا البرنامج ب"اللحظة التاريخية"، ذلك أنه "يركز على شريحة من المواطنين تحتاج إلى عناية خاصة، انسجاما مع التوجيهات الملكية والمقتضيات الدستورية التي تنص على المساواة وإتاحة الولوج للتعليم والشغل على قدم المساواة". وأشار العثماني إلى أن الحكومة أولت ضمن برنامجها، اهتماما خاصا لفئة الأشخاص في وضعية إعاقة، حيث وضعت عددا من البرامج بشراكة مع المؤسسات والقطاعات العمومية المعنية، مشيدا بما تقوم به المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمركز الوطني محمد السادس للمعاقين لفائدة هذه الفئة. وأبرز رئيس الحكومة أنه بفضل هذه الجهود، حققت هذه الشريحة "نجاحات ملحوظة"، كان آخرها نسبة الأشخاص في وضعية إعاقة الذين نجحوا في اختبارات البكالوريا، والتي بلغت 84 في المئة، وهو ما يدل على أن "المجهودات الحكومية أتت أكلها"، إلا أنه سجل أن هذه المؤشرات تظل غير كافية أمام جسامة التحديات، خاصة تلك المتعلقة بالتعميم الشامل لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة على الأقل في الأمد المتوسط. من جهته، أكد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي أن هذا البرنامج سيعمل على تحقيق الاندماج "الكامل" لهذه الفئة في محيطها الاقتصادي والاجتماعي، وخاصة الشق التربوي المتعلق بالحق في التمدرس. وذكر أمزازي ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الوزارة قامت بعدد من التدابير مكنت خلال السنوات الأخيرة، من الرفع من عدد المتمدرسين في وضعية إعاقة، مشيرا إلى أن هذا العدد يبلغ اليوم، 80 ألف يستفيدون من التمدرس في الأقسام العادية و8 آلاف في الأقسام الدامجة. وأعلن أمزازي، في هذا الصدد ، عن التحول من هذا الصنف من الأقسام إلى مدارس دامجة، لأن هذه الأقسام كرست "تمييزا سلبيا"، فضلا عن خلق قسم خاص بالتربية الدامجة على مستوى الوزارة وأيضا مصالح الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وفي المديريات الإقليمية. وبعد أن نوه بالعمل الميداني الذي تقوم به جميعات المجتمع المدني، أكد الوزير على ضرورة رفع نسبة تمدرس هذه الشريحة من 10 إلى 20 في المئة خلال السنة المقبلة، في أفق تعميم التمدرس خلال موسم 2027 – 2028. من جهته، أشاد المنسق المقيم للأمم المتحدة بالمغرب، السيد فيليب بوانسو، بانخراط المغرب في المجهودات الأممية الرامية إلى ضمان حقوق الاشخاص في وضعية إعاقة، مبرزا أن المملكة بذلت "جهودا معتبرة" في مجال تحسين وضعية هذه الفئة من المجتمع سواء على المستوى التشريعي أو في مجال صياغة السياسات العمومية. وأشار المسؤول الأممي إلى أنه على الرغم من هذا التقدم الملموس، ثمة هناك صعوبات تعترض تحقيق الاندماج الكامل للأشخاص في وضعية إعاقة، لاسيما تلك الصورة النمطية التي باتت تلاحقهم سواء في المحيط التعليمي أو الوسط المهني، داعيا إلى تكثيف الجهود بين القطاعات المعنية وشركائها المحليين والدوليين في هذا المجال . وشكل اللقاء، المنظم تحت شعار "لن نترك أي طفل خلفنا" وبتعاون مع منظمة "اليونسيف"، مناسبة لتقديم مضامين هذا البرنامج الطموح وتقاسم العدة البيداغوجية المتكاملة لإرساء التربية الدامجة في النظام التربوي لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة. وتميز هذا اللقاء بحضور أعضاء من الحكومة وممثلي منظمات دولية ومؤسسات حكومية وغير حكومية وجمعيات المجتمع المدني، إلى جانب مسؤولي قطاع التربية الوطنية المركزيين والجهويين والإقليميين.