هوية بريس – الشيخ عمر القزابري بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أحبابي الكرام: لو كانَ الفُضُولُ رجلا لَكانَ بَشِعَ المنظر . مُسْتقْبَح المَعْشر. ثقيلا أبلهَ يُكَدِّرُ الأمْزِجَةَ ويُمَرِّرُ الكآبة… والفُضولُ حينما تتمكَّنُ مَخالِبُه مِن روح إنسان. فإنَّهُ يَطردُ الجمالَ والأُنْس. ويُمكِّنُ للضجر والضيق والكدر. وهو داءٌ وَبيل. يجعل الأنس بِحامله كالمُستحيل. وهو دليل فراغ مُستحكِمٍ ملأته الغباوة فرمت بصاحبها في قعرِ بحرٍ لجي. والفضول أنواع. منه فضول النظر.. وفضول الخبر.. وفضول الأثر. وفضول الضرر. وكلها أدواء قادحةٌ في حُسْنِ انتماء العبد لدينِ الإسلام.. لذلكم يقول نبينا الهادي الأمين.. صلى الله عليه وسلم مُبيِّنا وَمُحذِّرا.. (مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المرءِ تَرْكُه مالا يعنيه) كلماتٌ تختصر مسافات..ولا تفي ببيانها مُجلَّدات. الفُضول داءٌ عُضال. وَرُوحٌ آسِنة. ولفحةٌ حارِقة .وتعبيرٌ بَليد .وتيهٌ بَعيد. وخَواءٌ مُوحِش. وفراغ هائل. وضُعفٌ ظاهر. وتواصُل خائر. وشغلٌ مَقِيت. وحَبلٌ مجذوذ. ونظرٌ محدود. وجلوسٌ على قارعةِ الإفلاس. ومراقبةٌ لتحرُّكات الناس.. عافانا الله وإياكم من الوسواس.. أيها المُنْشَغِلُ بِمراكِبِ الناس هيئ مَركَبَك. أيها المُراقِبُ لتحركات الناس راقب نفسك. أيها القادِحُ في نجاحاتِ الناسِ ابْكِ فَشَلَك. أيها العَادُّ أموالَ الناس لُمْ كَسَلَك. أيها المتجسِّسُ على أولاد الناس أصلِح ولَدك. أيها المُقتات على فضائحِ الناس اتَّقِ الذي سَتَرَك. أيُّها العائبُ الناسَ العيبُ فِيك فَأَجِلْ فِيكَ نَظَرَكْ.. أيها المُطْلِقُ نَظَرهُ في أَحوالِ الناس أَحوَالُك تُغنيكَ فاغْضُضْ بَصَرَك. أيها اللابِسُ لِباسَ التَّقوى عند زلَّة أخِيك اذْكُرْ زَلَلَك.. أيها القاعِدُ للناس كُلَّ مَرْصَدٍ عليك رُصَّدٌ يُحْصُون عملك. إنْ كانَ أمَلُكَ الظَّفَرَ بِسرِّ أخِيك فما أخَسَّ أَمَلَكْ.. يا هذا: أمامك يومٌ مَجموعٌ له الناس. فمالَك وَلِلناس. اذكُرْ قبرَك وحشرَك ونَشرَك… بدل أن تنظر لأخيك متطلعا انظرْ ما قدَّمتَ لغدك.. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغد..)، فلن تَنفعَكَ الأسرار والأخبار يوم تُبلى السَّرائر. أنت المغبون حينما تركت الفَضَل وارتديْتَ الفُضول. وانشغلت بأخيك أين يذهب ومن أين يأتي وماذا يقول… يقول سيدي وتاج رأسي صلى الله عليه وسلم: (خيركم قَرني ثم الذين يَلُونهم. ثم الذين يلونهم.ثم يكون أناس يشهدون ولا يستشهدون. وينذرون ولا يوفون…)، الشاهد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (يشهدون ولا يستشهدون..)، يعني الذي يشهد دون أن تطلب منه الشهادة.. كما نقول بالدارجة.. (كاري حنكو)، ويقول سيدي صلى الله عليه وسلم: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. وإن من أبغضكم إلي يوم القيامة الثرثارون المتشدقون المتفيهقون)، ومن أبشع صور الثرثرة..الفُضول..وهو رِداء الجَهُولْ.. مِن النَّاس مَن إذا رآك احتَوَشَك بعينيْه مِن رأسكَ إلى أخمص قدميك…قِلةُ حياء..وهو فُضول النَّظر..ومنهم من يتتبعُ أخبارك..ويهتِك أستارك..وذلك أشهى إليه من الماء البارد…..سوقٌ كاسِدة…وهو فُضول الخبر…. ومنهم من يقتفي أثَرك..ويتتبع خطوك. يريد أن يعرف مخرجك ومدخلك وإلى أين تذهب…..نفسٌ مُنْحطة..وهو فُضول الأثر.. ومنهم من يسعى في إذايتك. ولا يرضيه إلا مَهلكتُك……نفسٌ خبيثة….وهو فُضول الضَّرر… والسعيد من عكف على نفسه فأصلح عُيوبها..وألزم قلبه الذكر والفكر..وأعدَّ العُدة للقاء ربه..اولئك الأكياس. واولئك خير الناس.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.