هوية بريس – الثلاثاء 25 فبراير 2014م بعد تهجير الحوثي للسلفيين من منطقة دماج بمحافظة صعدة شمال اليمن أواسط يناير الفائت، قُتل الشيخ السلفي البارز علي بن سالم باوزير مساء الأربعاء 19 فبراير 2014م، أثناء توجهه لأداء صلاة العشاء في المسجد بمنطقة غيل باوزير. مقتل الشيخ باوزير وهو شيخ سلفي بارز في حضرموت، جاء بعد فترة من مواجهته لفكر "تنظيم القاعدة" حيث دعاهم لوقف اغتيال القيادات العسكرية. ويقول مقربون من الشيخ باوزير أن عناصر من القاعدة كانت تطلب من الشيخ الجلوس معها لمناقشة بعض القضايا إلا أنه كان يرفض مجالستهم. كثير من الأجنحة السلفية أدانت هذه الحادثة، واعتبرتها تحولاً في مسار الاغتيالات التي تحدث في اليمن، حيث تتخوف أن تنتقل إلى العلماء والمشائخ، بعد أن كانت مقتصرة على القادة العسكريين. وأعرب حزب الرشاد (الحزب السلفي الأول في اليمن) عن أسفه البالغ لمقتل الشيخ باوزير، وأدان هذا العمل العدواني، داعياً جميع المؤسسات العلمية والدعوية والقوى السياسية والاجتماعية إلى إدانة هذه الجريمة النكراء. كما أن الكثير من التيارات السلفية دعت إلى توحيد الكلمة ورص الصف، انتظاراً لما قد يحدث في المستقبل من أعمال قد تستهدف الحركات السلفية وقياداتها في اليمن. هل يجتمع السلفيون؟ الكثير من علامات الاستفهام التي وضعت نفسها بعد مقتل الشيخ باوزير، حول واقع العمل السلفي في اليمن، بعد تفرقه إلى تيارات وأحزاب متفرقة، وكل طرف يتهم الآخر بالخروج على نهج السلفية الحقيقية، فيما بات السلفيين تحت خطر التهديد الحوثي الذي يتوسع في المحافظات الشمالية وأصبح على مشارف العاصمة صنعاء. ويأتي الخلاف الأكبر حول مسألة الدخول في العمل السياسي، حيث لا تزال بعض التيارات كتيار دار الحديث التابع للشيخ يحيى الحجوري خليفة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، وبعض مشايخ تيار الإحسان، يرفضون الدخول في العمل السياسي باعتباره مخالفاً للشريعة، وعملاً مناقضاً لأصول الدعوة السلفية. وفي حين دخلت بعض التيارات السلفية الأخرى العمل السياسي بقوة، باعتبارها وسيلة حديثة للتغيير، والحد من الفساد، وتطبيق ما أمكن من الشريعة الإسلامية، والمشاركة في صنع القرار، إلا أن دخولها كان بشكل متسرع، وفي مشاريع متباينة بمسميات مختلفة. وحتى التيارات التي دخلت العمل السياسي لا تزال متفرقة ولم تجتمع تحت مشروع واحد، حيث أسس جناح من تيار الإحسان حزب الرشاد السلفي، لتعلن بعده جماعة الحكمة تأسيسها لحزب جديد (حزب السلم والتنمية)، بينما يستعد تيار سلفي آخر للإعلان عن حزب سلفي ثالث (اتحاد الانقاذ اليمني)، وكل حزب يعمل في إطاره الخاص ولا يوجد إلى الآن أي بوادر للتنسيق والعمل المشترك. الباحث السلفي جلال الجلال يرى خلاف ما سبق، إذ يقول أن التيارات السلفية كلها تعمل تحت راية واحدة، وهناك رأي موحد وتنسيق تحت راية واحدة، وهي راية التغيير وفق منهج سلفي يواكب العصر والمتغيرات في الواقع. وأوضح جلال في حديثه ل"البيان": أن اغتيال الشيخ باوزير سيؤدي إلى إيجاد رأي وموقف موحد للتيارات السلفية حول العنف الذي بدأ يطال العلماء المواجهين له، حيث سيكون هناك دافعاً لتوحيد الرأي والموقف السلفي حول ظاهرة العنف والأسس الفكرية التي يقوم عليها والتي لا تمت للفكر السلفي الواعي بصلة. وأضاف "أن التمدد الحوثي الخطير، يعد عاملاً قوياً وواقعياً ومنطقياً في الذهاب إلى التنسيق بين الجماعات الإسلامية، ليس في الوسط السلفي فحسب بل مع الجماعات السلفية الأخرى كالإخوان المسلمين". وتابع حديثه "يمكن أن يطال التنسيق حتى مع قوى أخرى خارج الوسط الإسلامي، لأن الخطر الحوثي لا يقف فقط ضد مشروع الإسلام السياسي في اليمن فقط، بل يطال قوى سياسية أخرى". في حين يرى الشيخ محمد طاهر أنعم نائب رئيس مجلس شورى حزب الرشاد، أن الخلافات السلفية في اليمن لها أسباب متعددة ومتداخلة، من أبرزها أن مصطلح السلفية في اليمن بات فضفاضاً تدخل فيه الجامية المحلية والجهادية والتيارات السلفية المعتدلة كحزب الرشاد وجماعات الاحسان والحكمة ورابطة الحديث، وكذلك سلفيو الإخوان المسلمون في حزب الإصلاح". وقال أنعم في تصريحه ل"البيان": أن سبب تنوع الممولين، أدى إلى خلق تيارات مختلفة، نتيجة لرغبات الممول التي يريد للجماعة أو التيار الذي يموله أن يختط طريقاً معيناً ومميزاً عن تيارات أخرى محلية مشابهة. وأوضح أن الخلافات الشخصية الطاغية على علاقة كثير من القيادات والرموز السلفية من الصفين الأول والثاني، أثرت على الخلافات". وعن خطر التوسع الحوثي، يرى أنعم أنه لن يؤدي إلى توحد السلفيين بشكل واسع، وذلك بسبب الخلاف في أسلوب التعاطي مع هذه القضية، حيث تدفع بعض التيارات باتجاه المقاومة المسلحة، في حين تنحو تيارات وشخصيات أخرى منحى دعم وتقوية الدولة اليمنية والجيش الوطني للقيام بواجبه في كف الاعتداءات وإيقاف سفك الدماء". وأكد أن مقتل الشيخ السلفي علي باوزير من قبل القاعدة في حضرموت، فيه داع للإحساس بهذا الخطر المحدق باليمن، والمتمثل بتكرار تجربة "داعش" العراقية وتجاوزاتها الشرعية واللاأخلاقية في اليمن. من جهته أعتبر القيادي في جماعة الحكمة الشيخ توفيق البازلي أن المفترض أن تمثل الأحداث والشدائد عامل توحد وتقارب بين أصحاب المنهج الواحد من أجل مواجهتها. موضحاً أن أزمة دماج أبرزت نوعاً من التلاحم والتواصل بين تيارات العمل السلفي المختلفة من أجل المناصرة والمشاورة لرفع المحنة عن أهل دماج. وأعتبر البازلي في حديثه ل"البيان" أنه مع وجود ذلك الحس بضرورة الوحدة لمواجهة الخطر، فقد بقيت قواعد التصنيفات العميقة حاضرة في الطرق والوسائل وقنوات العمل مع اتحاد الهدف واشتراك الراية. وأوضح أن هناك خطوط حواجز مصطنعة لم تكسر بعد، وإن حصل لها اختراق محدود أوجبته الظروف، ولذلك بقيت آمال التوحد وأحلام التماسك تراوح مكانها بفعل التمترس حول المواقف والمواقع لدى الرموز وأصحاب القرار. واختتم حديثه بقوله: "ربما ينتظر السلفيون أزمات جديدة وظروف حالكة تحيي فيهم من جديدة هذه الأماني والآمال، ما لم توجد إرادة جادة وعزيمة صادقة في تجاوز الأسماء والمسميات والالتفاف حول المنهج الصحيح والبرامج المشتركة والغايات المتفق عليها". وبشكل عام فإن التيارات السلفية في اليمن تقف أمام منحدر خطير في ظل التباينات المتزايدة داخل الإطار السلفي، أمام عدوٍ متماسك بات على بعد خطوات من العاصمة صنعاء، وهو الأمر الذي سيؤثر على طبيعة تحركاتهم وعملهم الدعوي والإغاثي كما حدث لطلاب الشيخ يحيى الحجوري في دماج.