كشفت دراسة جديدة نشرت في دورية "ذا جورنال أوف إنفيكشوس ديزيزس" (The Journal of Infectious Diseases) أن تنشيط فيروس الحماق النطاقي "الهربس النطاقي" (varicella zoster virus)، يؤدي إلى تكوين أكياس خلوية تحمل البروتينات التي تساهم في تخثر الدم والالتهابات، وقد تؤدي زيادة تلك البروتينات إلى ارتفاع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. ما الهربس النطاقي؟ يعرف الهربس النطاقي بأنه عدوى فيروسية تسبب ظهور طفح جلدي مؤلم أو بثور على الجلد، يسببه فيروس فريسيلا زوستر (VZV) (varicella-zoster)، وهو نفس الفيروس الذي يسبب جدري الماء (chickenpox)، وغالبا ما يظهر على شكل طفح جلدي أو مجموعة من البثور في منطقة واحدة من الجسم. من أين يأتي الهربس النطاقي؟ عندما تصاب بالجدري المائي في طفولتك، فإن جسمك يقاوم فيروس الحماق النطاقي وتختفي العلامات الجسدية للمرض، لكن الفيروس يبقى دائما في جسمك، وفي مرحلة البلوغ يصبح الفيروس نشطا مرة أخرى في بعض الأحيان. ويظهر فيروس الحماق النطاقي للمرة الثانية في شكل القوباء المنطقية (shingles). وفي حين أن معظم الناس على دراية بالطفح الجلدي المؤلم الذي يسببه الحماق النطاقي، فإنهم يجهلون مجموعة واسعة من المضاعفات الأخرى التي يمكن أن تحدث دون ظهور أعراض جلدية مرئية مثل السكتة الدماغية، وخاصة السكتة الدماغية الإقفارية التي تحدث عندما يتم تقييد وصول الدم إلى الدماغ نتيجة لتضيق الشرايين أو انسدادها بجلطة. يعاني المصابون بالهربس النطاقي من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 80% تقريبا مقارنة بمن لا يعانون منه، ويظل هذا الخطر مرتفعا لمدة تصل إلى عام بعد معالجة الطفح الجلدي، ويتضاعف خطر الإصابة بالسكتة الدماغية تقريبا لمن يعانون من الطفح الجلدي على وجوههم، ويتضاعف 3 مرات لمن هم دون سن الأربعين. الأكياس الخلوية وبروتينات تخثر الدم أوضح أندرو بوباك الأستاذ الباحث المساعد في طب الأعصاب بحرم جامعة كولورادو أنشوتز الطبي، في مقاله الذي نشر في موقع ذي كونفرسيشن (The Conversation) حول الدراسة بتاريخ 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بأن الأكياس الخلوية هي حويصلات صغيرة أو أكياس مملوءة بالسوائل تصنع داخل الخلايا في جميع أنحاء الجسم، وعلى الرغم من أهميتها للوظائف البيولوجية الأساسية مثل الاتصال بين الخلايا، فإن الأكياس الخلوية يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في تطور المرض أيضا. وقال بوباك "أردنا معرفة ما إذا كان مرضى الهربس النطاقي يطورون أكياسا خلوية تحمل بروتينات تشارك في تخثر الدم، وهو الأمر الذي يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. لذلك قمنا بعزل الأكياس الخلوية من دم 13 مريضا في وقت ظهور طفح الهربس النطاقي، وقارناها مع الأكياس الخلوية المعزولة من متبرعين أصحاء". وأضاف: "وجدنا أن مرضى الهربس النطاقي لديهم مستويات بروتينات التخثر أعلى بتسعة أضعاف من المرضى الأصحاء. كما حافظت الأكياس الخلوية لمرضى الهربس النطاقي على مستويات مرتفعة من هذه البروتينات بعد 3 أشهر من ظهور الطفح الجلدي الأولي. وجدنا أن تعريض الصفائح الدموية للخلايا الخارجية للهربس النطاقي دفعها إلى التكتل معا وتشكيل تكتلات مع أنواع أخرى من خلايا الدم، كما يحدث في تكوين جلطة دموية". ما مدى شيوع القوباء المنطقية؟ يتم تشخيص حوالي مليون حالة من القوباء المنطقية كل عام في الولاياتالمتحدة. ويزداد خطر الإصابة بالهربس النطاقي مع تقدمك بالعمر، حيث تحدث نصف الحالات تقريبا عند الأشخاص فوق سن الخمسين. وتتطور القوباء المنطقية في حوالي 10% من الذين أصيبوا بجدري الماء في وقت سابق من حياتهم. من المعرض لخطر الإصابة بالهربس النطاقي؟ الذين أصيبوا بجدري الماء ويكونون أكثر عرضة للإصابة بالهربس النطاقي، هم: – الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي (مثل المصابين بالسرطان أو فيروس نقص المناعة البشرية أو متلقي زراعة الأعضاء أو الذين يتلقون العلاج الكيميائي). – من هم فوق سن الخمسين. – الذين عانوا من صدمة. – الذين يعيشون تحت الضغط أو التوتر. لا يخرج فيروس جدري الماء من جسمك بعد إصابتك. بدلاً من ذلك، يبقى الفيروس في جزء من جذر العصب الفقري يسمى عقدة الجذر الظهرية. وبالنسبة لغالبية الناس، يبقى الفيروس هناك بهدوء ولا يسبب مشاكل. هل يمكن أن تصاب بالهربس النطاقي أكثر من مرة؟ نعم، يمكن أن تصاب بالهربس النطاقي أكثر من مرة واحدة. ومن أكبر الخرافات حول القوباء المنطقية هي أنها لا يمكن أن تحدث إلا مرة واحدة، وهذا ليس صحيحا، فعندما تصاب بالهربس النطاقي مرة أخرى فإنك لن تصاب بالطفح الجلدي في نفس المكان السابق. لقاح شينغريكس يتوفر لقاح شينغريكس (Shingrix) الذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأميركية للوقاية من الهربس النطاقي للذين تبلغ أعمارهم 50 عاما أو أكبر، والذين يعانون من نقص المناعة، والذين تبلغ أعمارهم 18 عاما أو أكثر. ومع ذلك، فإن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية هم الأقل من 40 عاما وغير المؤهلين للحصول على لقاح شينغريكس. ومن المحتمل أنه لم يتم تطعيم مجموعة كبيرة من هؤلاء الأفراد ضد جدري الماء عندما كانوا أطفالا، حيث تمت الموافقة على لقاح جدري الماء في الولاياتالمتحدة عام 1995. وتعتبر أفضل طريقة للوقاية من جدري الماء هي الحصول على جرعتين من اللقاح، لمن لم يصابوا بالجدري المائي أو لم يتم تطعيمهم مطلقا. ولن يصاب معظم الناس الذين يحصلون على اللقاح بجدري الماء، وفي حال أصيب الشخص الذي تم تطعيمه فعادة ما تكون الأعراض أكثر اعتدالا، مع وجود عدد أقل من البثور أو عدم وجود بثور (قد يكون لديهم بقع حمراء فقط) وحمى منخفضة أو معدومة. وعلى الرغم من أن التطعيم بلقاح جدري الماء يقلل من خطر الإصابة بالهربس النطاقي بشكل كبير، فإنه لا يزال من الممكن إعادة تنشيط العدوى الكامنة والتسبب بالمرض. المصدر: الجزيرة.