نظم المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور، والمندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بالناظور، والوحدة الإدارية لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين بالناظور يومه السبت 28 رمضان 1443ه الموافق ل: 30 أبريل 2022م حفلا قرآنيا متميزا تتويجا لمجموعة من الأنشطة العلمية والثقافية والاجتماعية التي نظمت بمناسبة شهر رمضان المعظم لعام: 1443ه. وقد كان من أعظم حسنات هذا الحفل تكريم الفقيه والأستاذ: سيدي علي الخلفيوي قيدوم طلبة مدرسة الإمام مالك الخاصة للتعليم العتيق، والرجل الخدوم لهذه المدرسة منذ ما يربو على 26 سنة. الأستاذ: سيدي علي الخلفيوي من مواليد 28/08/1975 بتمسمانإقليم الناظور تلقى تعليمه الأولي كعادة المغاربة في كتاب القرية بمسجد ( إبوعيادا ) بتسمان على يد الفقيه: التجاني أبجطيط ثم انتقل إلى مدشر : (بن طيب) ليتابع دراسة القرآن على يد الفقيه: الخلفيوي محمد الذي تربطه به قرابة نسب. ويعد الأستاذ علي الخلفيوي من أقدم الطلبة بمدرسة الإمام مالك الخاصة للتعليم العتيق بالناظور التي كانت تسمى آنذاك : معهد الإمام مالك لتحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلوم الشرعية. ذلك بأنه وطئت قدماه رحاب هذه المؤسسة المباركة في سنة: 1992 ولم يكن قد مضى على تأسيسها سوى سنة واحدة؛حيث إنها أسست في سنة: 1991 على يد نخبة من المحسنين الذين كانوا يعدون على رؤوس الأصابع ولكن بفضل الله تعالى ، وبسبب صدقهم وإخلاصهم أضحت هذه المعلمة بتعبير القرآن الكريم {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا }. وفي بداية الأمر تابع حفظهللقرآن الكريم على يد الفقيه: التهامي إمام مسجد أولاد إبراهيم في ذلك الوقت، والفقيه: البشير أنزاغ، والفقيه : أحمد بوبوح، رحمهما الله تعالى. وبعدما أتم حفظ القرآن الكريم وأتقنه، شرع في طلب العلم الشريف على يد ثلة من الشيوخ والأساتذة الذين كانوا يتقاطرون على هذه المؤسسة وأغلبهم كانوا من المتطوعين، ومن المواد التي درسها على يد هؤلاء الشيوخ والأساتذة الأفاضل: مادة: النحو والصرف، والفقه، ومصطلح الحديث، على يد الفقيه: عبد السلام العربي، والفقيه: حسن الطلحاوي. مادة:العاصمية، والمنطق، على يد الفقيه: محمد حلوة رحمه الله تعالى . مادة:التفسير على يدالأستاذ: شفيق تايتاي والأستاذ:أعروص محمد، كما درس على يد هذا الأخير مادة: الحديث أيضا. مادة: السيرة النبوية على يدالأستاذ: عبد الناصر السايح. مادة: علوم القرآن على يدالأستاذ: نجيب أزواغ. مادة: التجويد على يد الأستاذ: أوس الرمال. مادة: العقيدة الإسلامية على يدالأستاذ: محمد أعراب. مادة: التعبير والإنشاء، على يدالأستاذ: محمد أوسار، والأستاذ: محمد أمغار رحمه الله تعالى. مادة: الفرائض على يدالفقيه: عبد السلام الوزيري. مادة: الرياضيات على يد الأستاذ: علي الحمومي. مادة: النصوص الأدبية، على يد الأستاذ: علي اليحياوي. مادة: الاجتماعيات، على يد الأستاذ: محمد التوابي. ولقد شاءت لي الأقدار الإلهية أن أتعرف على هذا الرجل النبيل حينما التحقت بهذا المعهد الفتي ، وتشرفت بأن أكون أحد طلبته الذين يغرفون من معينه ما تبقى لهم من حفظ القرآن الكريم، ويتلقون المبادئ الأولى في العلوم الشرعية، وذلك في منتصف عام: 1994م إلى بداية عام: 1998م فعاشرته في هذه الحقبة الزمنية، وكذلك عاشرته أيضا حينما شاءت لي الأقدار مرة أخرى أن أوثق عرى الصلة والمودةمعه، وذلك عندما التحقت بهذه المعلمة الشامخة أستاذا في العلوم الشرعية عام: 2007م فوجدته نعم الصاحب والرفيق ، ويتميز بهدوئه ورزانته، ويتفرد بحسن سلوكه ودماثة خلقه. وما زلت شديد الصلة به إلى يومنا الحاضر، وأحسبه من الصالحين، والله حسيبه ولا أزكيه على الله تعالى أحسبه من الصادقين، وممن يشملهم قوله تعالى: { من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} إلى أن يقول: {وما بدلوا تبديلا ليجزي الصادقين بصدقهم} وقد انتقل الأستاذ : علي الخلفيوي إلى العمل الإداري ، وشغل مهمة الحارس العام وتسيير الشؤون الداخلية بهذه المؤسسة المباركة، منذ شهر فبراير من عام: 1996م. ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا وهو يعمل بجد واجتهاد ويواصل الليل بالنهار، ويسهر على خدمة أهل القرآن وطلبة العلم الشريف، ولا يكاد يفارق هذه المؤسسة حتى في أيام العطل، وتجدر الإشارة هنا إلى أن نجاح الأستاذ علي الخلفيوي في مهمته طوال مسيرته،وتفانيه في عمله، لم يكن الفضل في ذلك يرجع اليه فقط،ولكن يرجع الفضل أيضا إلى أسرته وأهل بيته، وبخاصة زوجته الفاضلة التي وقفت بجانبه بتضحياتها الجسيمة الدؤوبة، وجهودها الخيرية الطيبة،وسهرت معه على خدمة أهل القرآن إلى أن وافتها المنية،وفاضت روحها إلى بارئها يوم الخميس 05 /08/2021م أثناء خضوعها لعملية جراحية، فغادرته إلى دار البقاء مخلفة له أربعة أطفال رحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته. وكل من يعرف الأستاذ سيدي علي الخلفيوي فإنه يشهد له بالفضل والصبر المنقطع النظير، والتفاني ونكران الذات في خدمة أهل القرآن وطلبة التعليم العتيق، ولذلك استحسن جميع الحضور الكرام هذه الالتفاتة الكريمة من مؤسسة المجلس العلمي ومؤسسة المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية، ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين بالناظور، وهذا التكريم الرمزي للأستاذ : علي الخلفيوي بتذكرة العمرة. بل تأثروا تأثرا بالغا بتلك اللحظة المشهودة التي غلبت فيها فضيلة الأستاذ سيدي ميمون بريسول دموعه، وهو يعدد مناقب هذا الرجل الخدوم لأهل القرآن، ويعلن عن هذا التكريم الذي يعتبر قليلا في حقه. وليس هذا غريبا من فضيلة الأستاذ سيدي ميمون بريسول الذي خبر التعليم العتيق وخدم القرآن الكريم طوال حياته، فقد كان من أولئك النخبة الذين راودتهم فكرة تأسيس هذه المعلمة القرآنية بقلب مدينة الناظور، ثم بعد تأسيسها ظل يشرف على تسييرها، ويدير شؤونها إلى يومنا هذا، وما من طالب حفظ القرآن الكريم بهذه المدرسة، أو تعلم بها شيئا من العلم الشريف النافع، أو أتم دراسته وتخرج فيها إلا كان الفضل بعد الله تعالى يرجع إلى هذا الرجل ؛ ولذلك لا نعجب إذا ذرفت عيناه الدموع وهو يتذكر الجهود والخدمات التي يقدمها الأستاذ علي الخلفيوي لطلبة القرآن والتعليم العتيق،وصدقشاعرالحمراء محمد بن إبراهيم حينما قال: سَلِال فضلَ أهلَا لفَضلِ قِدماً ولاتَسَل** غُلاماً نَشا في الفقر ثم تَمَوَّلا فلو مَلَك الدُّنيا جميعا بأسرِها ** تُذكِّرُه الأيامُ ما كانَ أوَّلا وقديماقالأبو العتاهية في ديوانه: إنَّما يصنع المعرو … ف في الناس ذَوُوهُ وبهذه المناسبة العطرة لا يسعني إلا أن أهنئ صديقنا وزميلنا الأستاذ: علي الخلفيوي على هذا التكريم الرمزي ، أما التكريم الحقيقي فلا يقدر أحد أن يكافئه على جهوده إلا ربنا الكريم . كما أشكر المجلس العلمي المحلي بالناظور وعلى رأسه فضيلة الأستاذ العلامة سيدي ميمون بريسول حفظه الله تعالى على جهوده المبذولة ، وعلى التفاتاته المشكورة إلى مختلف فئات المجتمع وشرائحه، وبخاصة فيما يتعلق بالحقل الديني ويرتبط بالقيمين الدينين، كما أشكر المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية، ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، وفي طليعتهما الدكتور الفاضل: سيدي أحمد بلحاج على خدماته الجليلة في هذا المجال، وفي الختام أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لخدمة أهل القرآن، ونشر قيم التسامح ومقتضيات الإيمان، ويسمو بأخلاقنا وسلوكنا إلى مستوى الإحسان، في ظل القيادة الرشيدة لأمير المومنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وأصلح به وعلى يديه. والحمد لله رب العالمين.