مازالت النقاشات المتكررة لأكثر من خمسة عشر عامًا هي الطاغية على الانتخابات الفرنسية، وأبرز سماتها "حظر الحجاب" و"منع الأكل الحلال"؛ أكثر المواضيع جدلا بين كل من زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، والرئيس الحالي إيمانويل ماكرون. وفي وقت أصرت لوبان في بداية حملتها الانتخابية على أنها في حالة الفوز ستفرض غرامة مالية على النساء اللواتي يرتدين الحجاب في الأماكن العامة، مع منع ذبح الحيوانات بالطريقة الإسلامية واليهودية، تحاول المرشحة اليمينية اليوم تقديم صورة أكثر اعتدالا عن نفسها، معتبرة أن "الحجاب مشكلة معقدة"، وأن مشروع الحظر المثير للجدل سيطرح للنقاش في الجمعية الوطنية. يأتي هذا في وقت مازال ماكرون يتصدر استطلاعات الانتخابات بنسب تتراوح ما بين 53 و55.5 بالمائة، وبفرق بسيط عن لوبان بأرقام تتراوح ما بين 44.5 و47 بالمائة، وهو ما جعل الأخيرة تعدل خطابها، حسب متتبعين، في محاولة لحشد أصوات الجالية المسلمة. ويمكن أن تمثل المناظرة المتلفزة يوم الأربعاء نقطة تحول، كما حدث قبل خمس سنوات خلال المناظرة نفسها بين ماكرون ولوبان، التي أساءت التعامل معها. لكن هذه المرة تعتقد المرشحة اليمينية المتطرفة أنها مستعدة بشكل أفضل، وتقول إنها "هادئة للغاية". وسبق أن أعلنت المرشحة اليمينية المتطرفة عن نيتها إضفاء الطابع الرسمي على مشروع قانون تم تقديمه في فبراير 2021، يحظر أي شكل من أشكال الرموز الدينية في الأماكن العامة، وهو المشروع الذي يستنكره ماكرون ويصفه ب"المشروع المتطرف" الذي من شأنه أن يجعل فرنسا "الدولة الأولى في العالم التي يحظر فيها الحجاب بالفضاء العام". ماكرون ينتقد مثل هذا الحظر في مجال الحرية الدينية، وعلى حد قوله ضمن تصريحات نقلتها وسائل إعلام فرنسية فإنه "إذا ما دخل المشروع حيز التنفيذ ستلزم السيدة لوبان بأن تحظر أيضًا في الشارع الصليب ورموزا دينية أخرى، حتى لا تميز بين المؤمنين". المرشحة اليمينية في دفاعها تحاول "إزالة المعنى الديني للحجاب وإعطاءه معنى أيديولوجيا فقط"، وتقول إنه "زي إيديولوجي وليس دينا"، مشيرة إلى أن "هذا الحظر لا يقوم على مفهوم العلمانية، وإنما يقوم على القتال ضد الأيديولوجيات الإسلامية". وتضيف لوبان: "النساء اللواتي يرتدين الحجاب لسن إسلاميات كلهن، لأن كثيرا منهن ضحايا يخضعن لضغوط؛ لهذا المنع مهم جدا على وجه التحديد لأولئك الذين يسعون إلى فرض الإسلاموية في بلادنا". ومن وعود لوبان أيضا حظر الذبح بدون صعق مسبق، أي منع الأكل "حلال" لكل من المسلمين واليهود، وهو أقل مركزية في حملتها، لكنها مسألة حساسة بالقدر نفسه. المسؤولون عن حملة المرشحة اليمينية يقولون إنه "سيكون هناك نقاش مع الطوائف لإيجاد حل للأمر يحترم كرامة الحيوان". وفي المقابل ينتقد ماكرون "فرنسا التي تمنع على المسلمين واليهود أن يأكلوا على النحو المنصوص عليه في دينهم".