بدأ الرئيس البلاروسي إسكندر لوكاشينكو (الصورة)حملة عنيفة ضد الفساد شملت كبار الموظفين و المسئولين في الدولة، الذين استغلوا مناصبهم للاغتناء على حساب الشعب. "" وقد أزاحت رياح مكافحة الفساد البيلاروسية عددا من كبار المسئولين في وزارة الداخلية البيلاروسية من بينهم النائب الأول للوزير ورجال في القضاء كالمدعي العام لولاية منسك و غيرهما. كما أعطى الرئيس البيلاروسي إسكندر لوكاشينكو أمرا بفتح ملف قضائي ضد الشخصيات المخلوعة بسبب تورطها في قضايا الفساد. هكذا وضح الرئيس البيلاروسي أن المسئولية تكليف و ليست امتيازا و أن كبار المسئولين هم خدم للشعب و ليس العكس. و قد تلقى الشعب البيلاروسي، الذي يحب رئيسه جدا، هذا الخبر بكل ارتياح. هذا في جمهورية بيلاروس و ماذا عندنا نحن في المغرب؟ هل سننعم بحملة مماثلة ضد أكلة لحم الشعب أم أننا سنُبقي دار لقمان على حالها؟ إنه ليس من الأمور الخفية أن ظاهرة الفساد منتشرة بشكل فظيع ووقح في الإدارة المغربية انطلاقا من "مقدم الحومة" إلى كبار الأعيان، مع الاعتراف بتواجد، طبعا، مسئولين شرفاء. و المغرب بوسعه الاستفادة من التجربة البيلاروسية في هذا المجال حيث عمدت الجمهورية إلى معالجة هذه الظاهرة بشكل شمولي. فبيلاروس لم تقتصر على وضع البنية الحقوقية و القانونية للضرب على يد السارق بل قامت في البداية بالرفع من أجورالموظفين الصغار والمتوسطين بالشكل الذي لا يعطيهم عذرا إن سمحت لهم نفسهم باستفزاز المواطنين واستنزاف حصيلة مجهود عرق جبينهم، كما عمدت على تشريع قوانين تحد من سلطة كبار الأعيان وتجعلهم في خدمة المواطن. إن الفساد الإداري مشكل معقد ومركب تقتضي معالجته نظرة شاملة لا تقتصر فقط على التربية الوطنية والعقاب الصارم للراشي و المرتشي بل تتخطاهما إلى الأسباب المؤدية إلى اقتراف الجريمة بالنسبة للموظفين الصغار و أقصد الجانب المادي أي الرفع من أجور هذه الفئة من الموظفين بالشكل الذي يوفر لهم ولأسرهم العيش الكريم و تشريع قوانين تحد من سلطة الموظف الكبير و جعله في نقطة ضعف، لا قوة، أمام أي مواطن. و هذا من اختصاص البرلمان المغربي إن كان، فعلا، يمثل الشعب المغربي. على أي حال أتمنى أن تصلنا رياح بيلاروس العاصفة بالفساد لتصبح الإدارة المغربية كما نحلم بها. إن الفساد جرثوم ينخر جدع الدولة من الداخل و بالتالي يكون مآلها الانهيار، فكل الدول و الإمبراطوريات التي سقطت، إلى جانب عموامل خاصة، جمع بينها انتشار الفساد في جهاز الدولة.