بعدَ ما يُقارب عامين من المشاورات، مع الفاعلين في قطاع صناعة وبيع الأدوية، قرّر وزير الصحة الحسين الوردي، أن يحسم أمْر تخفيض سعر ما بين 800 و 1000 نوع من الأدوية، حيث أعلن أنّه سيتقدّم بمرسوم إلى المجلس الحكومي في غضون الثلاثة أسابيع القادمة، على أكثر تقدير، ليدخل القرار حيّز التنفيذ. "أقول، وبكل تواضع، إنّ المواطن المغربيّ سيُحسّ، ولأوّل مرّة، أنّه يقتني الدواء بالثمن نفسه الذي يباع به في باقي البلدان المُقارنَة، بل أكثر من هذا فإنّ الأدوية التي ستدخل السوق المغربية من الآن فصاعدا، بعد مصادقة المجلس الحكومي على المرسوم، لن تباع بمعدل الدول الذي نقارَن معها، بل ستباع بثمن أقل من الثمن الذي تباع به في هذه الدول"، يقول الحسين الوردي في تصريحات صحافية على هامش اللقاء الوطني حول نظام تموين المؤسسات الصحية العمومية بالأدوية والمنتجات الصيدلانية الذي افتتحت أشغاله صباح اليوم بالرباط. واعتبر وزير الصحّة أنّ مصلحة المواطن هي التي استدعت الحسم في موضوع تخفيض سعر الدواء، قائلا إنّ ميزانية 376 درهما، التي يخصّصها المواطن المغربي لشراء الدواء، "لا تكفي لشراء أيّ دواء"، إضافة إلى أنّ 40 بالمائة من تعويضات التغطية الصحية المسترجعة، سواء من طرف الضمان الاجتماعي أو "الكنوبس"، تتعلق بثمن الدواء، مضيفا أنّ المُصنّعين والصيادلة، لن يخسروا شيئا. وبخصوص ما إن كان قد وجد عراقيل في اتخاذ هذا القرار، قال وزير الصحة إنه عندما يكون هناك نقاش، لا بد أن يكون هناك اتفاق، "والمرسوم الذي سأتقدم به إلى الحكومة لم أتخذه بشكل عشوائي، بل بعد الاستماع إلى جميع الأطراف، في ستين لقاء، ولمدّة عامين، والآن جاء موعد الحسم، وهنا يكمن دور الوزير، الذي لم يأت إلى منصبه فقط لترديد الوعود، بل لاتخاذ القرارات الحاسمة، وأنا حسمت القرار بكل مسؤولية، بعد التشاور مع الجميع". وزير الصحّة قدّم أرقاما "صادمة"، سواء فيما يتعلق بنسبة الأرباح المستخلصة من بيع الدواء في المغرب، أو المبالغ المالية الكبيرة التي تضيع من الوزارة بسبب تسيير مراكز تخزين وتوزيع الأودية، إذ قال إنّ بعض الأدوية تباع للمواطن المغربيّ بزيادة 4000 بالمائة أكثر من سعر بيعها في دول أخرى، مضيفا أنّ سوق الدواء في المغرب "تسودها فوضى عارمة". وفيما يتعلق بعملية تخزين وتوزيع الأدوية، التي ستفوّضها الوزارة للقطاع الخاصّ، قال الوردي إنّ الوزارة تخسر حاليا 30 مليون درهم (ثلاثة ملايير سنتيم)، على تخزين الأدوية وتوزيعها، إضافة إلى ضياع كميات من الأدوية، مضيفا أنّ الوزارة تركّز جهودها حاليا على تطبيق نظام المناولة، وذلك للحد من الخسائر المالية، ولتوفير الأدوية، خصوصا بعد الشروع في تطبيق نظام "راميد". وتصل نسبة مراكز تخزين الأدوية التي تتوفّر عليها وزارة الصحّة، إلى ثمانية مراكز، (المركز الرئيسي للتخزين يوجد في برشيد)، حيث كلفت البنية التحتية لهذه المراكز، التي يبلغ عدد مواردها البشرية 250 موظفا، عشرة ملايير درهم، وهو مبلغ اعتبره وزير الصحة كافيا لبناء مستشفى جامعي من الطراز الرفيع، أو أكثر من 300 مركز صحّي. واعترف وزير الصحّة خلال الكلمة التي ألقاها في افتتاح اللقاء الوطني حول نظام تموين المؤسسات الصحية العمومية بالأدوية والمنتجات الصيدلانية، أنّ الإمكانات البشرية والمادية الموفَّرة لم تعد قادرة على مسايرة الحاجيات المتزايدة للساكنة على الدواء، رغم الارتفاع الكبير الذي عرفته الاعتمادات المالية المرصودة لاقتناء الأدوية، والتي انتقلت من 300 مليون درهم سنة 2001، إلى أكثر من ملياري درهم خلال السنة الجارية.