"المغاربة ما عادُوا يقبلون أن يتمَّ التعاملُ معهم بدونيَّة. والحديثُ عن انتهاكات خطيرة وجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، فِي الأقالِيم الجنوبيَّة أو فِي الشمال، على حد سواء. أمرٌ مثِيرٌ للسخريَّة، بكلِّ بساطة. بلْ إنَّهُ أكذوبة، ومسبَّة"، هكذَا ردَّ رئيسُ المجلس الوطنِي لحقوق الإنسان، إدرِيس اليزمِي، فِي معرضِ حوارٍ مع جون أفريك، حول جملةٍ من القضايا ذات الصلة بملف حقوق الإنسان، في المغرب، أبرزها، مطلبُ توسيع صلاحيَّات المينورسُو لتشملَ مراقبة حقوق الإنسان في جنوبه، الذِي قال إنَّ الطبقة السياسيَّة المغربيَّة، ترَى فيه انتقاصًا من قدرة المغرب، على التقدم حقوقيًّا. عادتْ فكرة توسيع مهام بعثة المينورسُو، لتشملَ مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، بقوَّة، خلال السنوات الأخيرة، كيفَ حصَلَ هذا التطور؟ سيكونُ من الإسهابِ عرضُ مسار التطوراتِ كاملة. وكيْ أكون مختصرًا، أقول، إنَّ ذاك المطلب، الذِي رفع أكثر من مرة في تقارير لمنظمات غير حكومية، أو غيرها. راجعٌ إلى ما يقومُ بهِ نشطاء البوليساريُو، أو الجزائر، فِي الآونة الأخيرة. أمَّا الموقفُ الذِي اتخذتهُ واشنطن، تزامنًا مع صدور التقرير الأخير، للأمين العام للأمم المتحدة، فيظهِرُ أنَّ الموضوعَ الذِي ما فتئَ يتكرر، باتَ يأخذُ حجمًا أكبر. وما الباعثُ للمينورسُو على مراقبة حقوق الإنسان؟ بعضُ من يؤيدون توسيع صلاحيَّات المينورسُو لتشملَ مراقبة حقوق الإنسان، يدَّعُون أنَّ كل بعثات الأممالمتحدة الموفدة لحفظ السلام، تتمتعُ بحق مراقبة احترام "حقوق الإنسان". وهُو أمرٌ غير صحيح. لأنَّ المينورسُو، بالمعنى الدقيق، لا تملكُ تلك الوظيفة، ولا تلك الولاية. في المغرب، لا حاجةَ لنَا بآليات دائمة تابعة للمينورسُو، لأجل مراقبة حقوق الإنسان. بقدر ما يلزمنا مواطنون قادرون على الذُّود عن حقوقهِمْ، بأنفسِهِم. هل مردُّ الضغطِ الحاصل اليوم، إلى كون المغرب لم يتقدم بالصورة المطلُوبَة على الصعيد الحقوقي؟ لا أعتقد ذلك، الآليَّات الوطنيَّة أبانت عن نجاعتها، ولا يمكنُ لأحدٍ أنْ يقولَ العكس، بمَا فِي ذلك، بعض المنظَّمات التي تنادِي بتمديد بعثة المينورسُو، كمنظَّمتَيْ "هيومَان رايتس ووتش"، و"العفو الدوليَّة"، لأنهما تثنيان على مهنيَّة "المجلس الوطنِي لحقوق الإنسان"، ومجالسهِ الجهويَّة. ما دامت الأمور هكذا، ما الذِي يدفعُ المنظمتين إلى الدفاع عن الاختصاص بمراقبة حقوق الإنسان فِي الصحراء؟ الأمرُ يتعلقُ بالمؤسسة، ويدخلُ ضمن المباحثات التِي نجريهَا مع المفوضيَّة السَّاميَة لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة، فإمَّا أنْ نعتبر أجندة الإصلاح من اختصاص الدولة، أو أنها عائدة إلى مؤسسَة خارجيَّة. الهدفُ بالنسبة إليَّ، هو مواكبة الفاعلِين المحليين، وفقَ حاجياتهم. فِي المغرب، لدينا خطَّة عمل وطنية فيما يتعلقُ بالديمقراطيَّة وَحقوق الإنسان، وإنْ بطاقة فاترة. لكننَا نتقدمُ. الخطة قُدمت إلى الوزير الأوَّل السابق، عبَّاس الفاسِي، وتم تحيينها، بعد تبنِي دستور الفاتح من يوليوز 2011، بإحالتها إلى رئيس الحكُومَة، عبد الإله بنكِيران، كيْ يتبنَّاها. الأمرُ يتطلبُ وقتًا، لكننَا سنواصلُ عملنَا إلَى أنْ يتِمَّ تبنِّيها. هل هناك رغبة لوضع المغرب تحت الوصاية؟ فِي جميع الحالاتِ، هناكَ خطر يتجسدُ في تنامِي خطابٍ كونِي ذِي طبيعة استبدادية، فِي نسخة متطرفَة. ذاك ما تابعناهُ فِي العراق، ببعدٍ عسكرِيٍّ، أو بشكلٍ عامٍّ، نظريَّات "الدَّمقرطَة من الخارج". أمَّا المُقاربة الأخرى، فتنْحُو إلى الثقَة فِي الفاعلِين الوطنيِّين، مع بقائهَا متيقِّظَةً، بشكلٍ كبير. تذكُرون كيفَ بدَا الإجماع فِي المملكة على رفْضِ توسيع مهام بعثَة المينورسُو، ما الشيءُ الذِي يخافُ منهُ المغرب؟ المغاربة ما عادُوا يقبلون أن يتمَّ التعاملُ معهم بدونيَّة. الحديثُ عن انتهاكات خطيرة وجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، فِي الأقالِيم الجنوبيَّة أوْ فِي الشَّمال. أمرٌ مثِيرٌ للسخريَّة، بكلِّ بساطة. بلْ إنَّهُ أكذوبة، زيادةً على كونه مسبَّة. هناك توظيفاتٌ واضحة، إذْ كيف يستقيم على سبيل المثال، القولُ إنَّ الأممالمتحدة وأجهزتها ممنوعة من الذَّهاب إلى الصحراء، فيما تلقَّى المغرب، من 2000، حتَّى اليوم، 18 مسطرةً خاصَّة من أجهزة الأممالمتحدة، ذهبت كلُّها تقريبًا، إلى الصحراء، فيما تعدُّ المينورسُو، بدورها، تقارير حول وضعيَّة حقوق الإنسان؟ أليْسَ لدَى المغربِ مَا يخْفِيه فِي الصَّحراء؟ حينَ نعدُّ تقريرًا حول العيُون، فإننا يشيرُ أيضًاأ إلى العيون. بما فِي ذلك مراكز حماية الطفُولة، ومستشفيات الأمراض النفسيَّة. نحنُ لا نغفل أيَّة منطقة، ومنهجيَّتنا واضحة. لأننا نرى ضرورة لمعاينة الأمور بصورة صحيحة قبل رفع توصيات ذات صلة بالإصلاح. لقد قمنا بتطوير ثلاثة مجالس جهويَّة لحقوق الإنسان، اثنان منهُما فِي المنطقة القائمة محلَّ نزاع. هل المغربُ مستعِدٌّ للقبول بتوسيع صلاحيَّات المينورسُو، فِي حال ارتضت تندوف الخضوع للمثل؟ أعتقدُ أنَّ النقاش يقعُ خارج تلك الحدود. تمديد صلاحيات المينورسُو أمرٌ ترفضهُ الطبقة السياسيَّة في المغرب، في المجمل، لأنَّها تشكل، فيما تراه، انتقاصًا من القدرة الوطنيَّة على التقدم فِي مسار حقوق الإنسان. بينما يظهرُ تاريخ المغرب، منذ أزيد من عشرين السنة، أن هناك تقدمًا حقوقيا. كما أن لا إنكار المكتسبات التِي توالتْ. ثمَّ إنَّ مرجعيَّة حقوق الإنسان، ليستْ سوقًا نقتنِي منه ما أردنَا ونذرُ الباقِي. مرجعيَّة لا تتأقلمُ مع مناخٍ معين. وإنما تسمُو دائمًا على ما عداها، وبصورة لا نقاشَ فيها. حقوق الإنسانُ يجبُ أنْ تُحْتَرمَ فِي الجزائر وتندوف والرباط والعيون، لقدْ هيئنَا تقريرًا حول السجُون، قدمَ تشخيصًا ورفع توصياتٍ، فِي الآن ذاته، لكننِي لمْ أرَ عملًا مماثلًا لما قمنا به، فِي تندوف، ولا فِي الجزائر. تقييم وضع حقوق الإنسان يختلفُ، من جهة إلى أخرى، ما هو تقييمكم فِي المجلس الوطنِي لحقوق الإنسان؟ الدفاع عن حقوق الإنسان يجبُ أن يستندَ إلى مرجعيات ومنهجيات ذاتيَّة، خارج نطاق العمل السياسي. فِي المجلس الوطنِي لحقوق الإنسان، هناك آراء جد متباينة بخصوص مستقبل الصحراء، وما يزعج أكثر، هو أن المجلس الوطنِي لحقوق الإنسان، ينظمُ تكويناتٍ حول حقوق الإنسان، يحضرها، الانفصاليُّون، وأطراف عن السلطة، جنبًا إلى جنبٍ، وَمنذُ يناير، نظمنَا 19 تكوينًا بالعيون. مَا المشاكل التي وقفتم عليها؟ وقفنا على 15 حالةً من المساس بحريَّة الجمعيات في الصحراء، (مقابل 50 حالةً في شمال المغرب). وموقفُ المجلس الوطنِي لحقوق الإنسان، يرى أنَّ كلَّ جمعيَّة تأسست بطريقةٍ قانونية عليها أن تستلمَ إيصالها. أمَّا فيما يتعلقُ بالحق في التظاهر، فيعرفُ المغرب 22 ألف تظاهرة سنويًّا، 98 بالمائة منها تتمُ خارج إطَار القانون، الذي يفرضُ تصريحًا مسبقًا. فيما تبقى حالات استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين، جدَّ محدودة. الCNDH بإمكانهِ أنْ يلعبَ دورًا فِي التحسيس، ، لإيجاد توازنٍ بين المتظاهرِين والشُّرطَة. أمَّا فيما يتعلقُ بمخيم أكدِيم إزيك، فإنَّ المجلس، كان يدافع عن مبدأ عدم محاكمة مدنيِّين أمامَ القضَاء العسكرِي، وهو ما حاز موافقة الملك، على أنْ يتمَّ الانتهاءُ عمَّا قريب من إِصْلاح القضَاء العسكرِي، ونحنُ لا زلنا نتدخل كيْ نضمنَ حقوق سجناء اكدِيم إزيك. ما هو حجم الملفات التي تعالجونا، في ملفِّ الصحراء؟ منذُ يناير 2005، تلقى مجلسا الCNDH الجهويين، بالصحراء، حواليْ 500 شكاية، يتعلقُ جزءٌ منها بتعامل السلطة، والانتهاكات الحقوقية. وقد لاحظنا تطورًا، على مستوَى تعاطِي السلطة، ففيما كانت لا ترد، في السابق، أو أنها تنكر الوقائع، أضحت تقدمُ، اليوم، للتدخل، وهيَ مسألة تستأثر باهتمام المجلس، الذِي يأملُ إحداث آليَّة وطنيَّة للوقاية من التعذِيب. على اعتبار أنَّ المغرب واحدٌ من الدول ال45، التي صادقت على بروتوكول اختيارِي ذِ صلة. وأتمنَّى أنْ يكون البلدَ ال37 الذِي يتعززُ بآليَّة وطنيَّة للوقاية من التعذيب. لأنَّ من شأنِ ذلك، أنْ يخولَ المجلس الوطنِي لحقوق الإنسان، الإطلاع على كافَّة المناحِي، التِي يمكن أن تنتهكَ فيه الحريَّات.