وحده علي لمرابط يحتكر صفة "صحافي مهني" دون سواه من باقي الصحافيين المغاربة، ووحده ناشر "دومان" دون غيره يمسك بناصية الحقيقة، ويملك "شفرة" استقراء القضايا والملفات التي تستأثر باهتمام الرأي العام، بما فيها ملف زكرياء مومني. ففي آخر خرجة إعلامية لعلي لمرابط، من محراب "يوتيوب" والشبكات الافتراضية، انبرى صاحب أكبر ترصيد لتراكمات الفشل في مجال الصحافة يقسم الإعلام بالمغرب إلى قسمين لا ثالث لهما: قسم أول يتجسّم في علي لمرابط الذي يزعم متبجحا أنه يحتكر لوحده "لوازم الصحافة الاستقصائية والصحافة المهنية"، ثم قسم آخر يحشر فيه باقي الإعلام المغربي، ممثلا في عدة مواقع إخبارية نزع عنها علي لمرابط صفة "الصحافة"، وأسدل عليها أوصافا ترشف من معين الازدراء والاستهجان. ومن المؤسف جدا أن تصل أعراض البارانويا بعلي لمرابط إلى هذا المستوى المتقدم من "الفصام والانفصام"، إلى درجة أمسى معها يقول الشيء ونقيضه، في مداخلة مفعمة بالطباق، وهو يحاول تبرئة زكرياء مومني من تهمة النصب والاحتيال والابتزاز. ولعل من لواعج الأسى أن ينتهي المطاف بعلي لمرابط إلى هذه الدرجة المسرفة في العبث والسخرية؛ فالرجل الذي يزعم أنه يحتكر صفة "صحافي مهني" ادعى بكثير من السطحية والرعونة أن زكرياء مومني حضر إلى المغرب لاستلام مبلغ التعويض من مدير الاستعلامات العامة! الذي كثيرا ما أسدل عليه عن طريق الخطأ وصف "المدير العام"، بيد أن الاستعلامات العامة هي مديرية وليست مديرية عامة؛ وكانت هذه أولى كبوات "الصحفي الاستقصائي" علي لمرابط. وهنا يحق لنا أن نتساءل بصوت مسموع: هل سمع علي لمرابط يوما بأن الاستعلامات العامة تقدم مبالغ التعويضات للضحايا المفترضين؟ وهل الاستعلامات العامة سلطة قضائية حتى يكون من حقها تقدير قيمة التعويض وتقرير من له صلاحية الدفع ومن له حق الحصول على التعويض؟ بل إن علي لمرابط عندما حاول الاستشهاد بقضايا مماثلة في أمريكا ضرب مثلا بمحامي التعويضات، في إشارة صريحة إلى أن العدالة هي المختصة في الحكم بالتعويض لصالح المطالبين بالحق المدني، وليس جهاز الاستعلامات العامة!. ولم يقتصر علي لمرابط على استبلاد المغاربة ومحاولة النصب عليهم بهذه "التخريجة التي فيها كثير من تخراج العينين"، بل ادعى كاذبا أن السلطات المغربية، بما فيها مدير التشريفات والأوسمة السابق، جواد بلحاج، هي التي كانت تتصل بزكرياء مومني لمساومته على مبلغ التعويض! وربما نسى أو تناسى هذا "الصحافي المهني الخارق" أنه كان يستشهد بتسجيلات هاتفية مسجلة يظهر فيها زكرياء مومني وهو يجري المكالمات وينتظر الرد كثيرا على وقع موسيقي موزع الهاتف! "لا هذه ما شافوهاش"، كما تقول أغنية فصائل الإلترات الشهيرة. ومن زلات علي لمرابط الكثيرة أنه حاول أيضا تسويغ غير المستساغ، عندما ادعى أن زكرياء مومني، الذي كان ملهوفا على عدّ مبلغ عشرة آلاف يورو ومشغولا بكيفية تهريبه بعيدا عن أعين الجمارك، قام بالتخلي عن المبلغ في الفندق عند مغادرته في الصباح! فهل ضمير زكرياء مومني ينام بالليل ويستيقظ في الصباح؟ ولماذا يزايد علي لمرابط على المغاربة ويطالبهم بنشر الشريط الذي يثبت إهمال المبلغ بالفندق، والحال أنهم شاهدوا زكرياء مومني ملهوفا وهو يوزع القبلات رفقة زوجته على مدير الاستعلامات العامة طمعا في المبلغ الممنوح؟. أكثر من ذلك، برهن علي لمرابط عن "تواضع" كبير وهو يدعي أنه يتعامل مع زكرياء مومني ومحمد حاجب ودنيا فيلالي كملفات وليس كصداقات، وزعم في هذا الصدد أنه يمارس عمله كصحافي استقصائي دون التقيد بمزاعم هؤلاء الذين قال إنهم لا يكشفون دائما عن الحقيقة. فهل مارس علي لمرابط صحافة الاستقصاء عندما ادعى أن زكرياء مومني تم تقديمه أمام المحكمة بدون مؤازرة محام؟ رغم أنه أسهب في الحديث عن الإجراءات المسطرية التي قام بها النقيب عبد الرحيم الجامعي كمحام لزكرياء مومني؟ فهل هي أعراض ثقب الذاكرة أم إنه انفصام في الشخصية عند علي لمرابط؟. وهل كان علي لمرابط حقا في كامل قواه العقلية، وليس تحت تأثير المسكنات أو "المسخنات"، وهو يتحدث عن جلوس زكرياء مومني القرفصاء تحت نافذة قصر "بيتز" بفرنسا؟ فهل يعتقد ابن تطوان أن الإقامات والقصور مثلها مثل منازل حي "باب النوادر" أو حي "جبل درسة"، حيث تطل النوافذ على أزقة الأحياء الشعبية؟ إنها عبثية علي لمرابط أم ربما طريقته المبتدعة لافتراض الجهل في عموم المغاربة. ولم يقف الغرور والاستفزاز بعلي لمرابط عند هذا الحد، بل تجاسر كثيرا عندما خرج على المغاربة بخريطة مختارة بعناية، كان يؤثث بها خلفية الفيديو، حيث يظهر المغرب مبتورا من صحرائه! فهل كان علي لمرابط يحاول الإمعان في استفزاز المغاربة؟ أم إنه كان يتوجه بخطابه أساسا إلى الانفصاليين ومتعددي الولاءات الوطنية، ومن يقف وراءهم في دولة مستجدة في شمال إفريقيا؟. كما تطاول علي لمرابط بكثير من الشعبوية والإسفاف على ضحايا توفيق بوعشرين، ومنهن أسماء الحلاوي التي انتقلت مؤخرا إلى عفو الله، وكذا ضحية سليمان الريسوني، عندما تحدث عن "مونطاج" هذه القضايا! فهل التراشق بمثل هذا الكلام من صميم "العمل الاستقصائي" الذي يقوم به علي لمرابط؟ وهل تخوين الضحايا وازدراء الفقيدات منهن نتاج عمل الصحافي المهني؟ أم إن الدفاع عن النصاب والشيطان يقتضي الركوب على معاناة الضحايا وتبخيسهم حقهم في طلب الانتصاف القضائي. وفي المحصلة، لم يكن علي لمرابط يحتاج أو يتطلب الرد والتعقيب، لأنه كمن ينفخ في الرماد بحثا عن إعادة إحياء زكرياء مومني الذي دخل الأرشيف المجتمعي كأول نصاب يحاول ابتزاز الدولة في خمسة مليارات سنتيم! وكذلك لأنه كمن يحاول استدرار الماء من غبش السراب بحثا عن إعادة بعث نفسه كصحافي استقصائي بعدما راكم من الفشل ما يجعله "نموذجا لا يحتذى به نهائيا". لكن هذا الرد كان ضروريا لئلا يتوهم علي لمرابط أن المغاربة يمكن أن يتماهوا مع "أراجيفه البالية"، ولكي يظهر على سجيته الحقيقية "كمحام إعلامي للشيطان والنصاب وبائعي الدمى الجنسية".