لم يكن يحلُم محمد زوهتان، "الشيخ" الستّينِي بائع الحلوى للأطفال والمارّة في شارع عبد الكريم الخطابي بمدينة جرادة، أن يأتي اليوم الذي سيُكرّم فيه من طرف الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، تشجيعا له على ممارسته لفعل القراءة منذ 1962 وبدون انقطاع، حيث يرى فيه ساكنة المدينة حماسة الشباب التي افتقدها الشيوخ، وإرادة الوعي والتثقيف التي تكاد تغيب عن شباب اليوم، إلا من رحم الله. يجلس زوهتان كعادته يوميّا على قارعة شارع عبد الكريم الخطابي الرئيسي بجرادة، يبيع الحلوى للمارّة بمن فيهم الأطفال وتلامذة مدرستَيّ أنوال وابن سينا للبنين القريب منهما، وهو يمسك بإحدى الكتب التاريخية والاجتماعية والقصصية وغيرها، يقرؤها ويمرّ لما بعدها، وهو الذي انقطع عن دراسته لظروف قاهرة لأزيد من 50 سنة، ليعقد قرانه منذئذ على الكتب وتصفح أوراقها، حُبّاً في المطالعة ورغبة في الثقافة والوعي. يروي محمد زوهتان كيف أنه يعيش زمن المفارقة بين جيل الأمس واليوم، فجيل ما بعد الاستقلال، في نظره، حريص على الدراسة واطلاع الكتب وتحبيب ذلك لأبنائه، وهو ما يراه نادرا هذه الأيام، ما عزاه إلى "الغزو الثقافي والفكري وغلبة القيم الفاسدة على القيم الأصيلة". عكاشة البخيت، رئيس فرع جرادة للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، قال لهسبريس إن التكريم الذي تلقاه زوهتان من قبل الجمعية هو عرفان بسيط واعتراف واجب لهذا النموذج "الذي كنا نقف له مدهوشين وصرنا معتادين على رؤية منظره وهو جالس يتصفح الكتب من دون انقطاع"، إضافة إلى تشجيعه ليكون قدوة أمام الناس ومثالا جديرا بالاتباع من لدن أبناء هذا الجيل. وأضاف عكاشة بأن زوهتان شخصية معروفة ومحبوبة داخل الوسط الجرادي، "له صلة وثيقة بشرائح المجتمع من مثقفين وأستاذة وجمعيات وشخصيات"، مردفا "نقاشاته التي يبادر بها مع البعض تكشف عن موهبته وقدرته في معرفة وتحليل الأوضاع القائمة محليا ووطنيا ودوليا"، فيما أكد عكاشة أن "الشيخ المثقف" يمارس نشاطات "ثقافية" أخرى، من قبيل إيقاظ الناس لموعد السحور خلال شهر رمضان والقيام بالتعليقات الرياضية لدى الجمعية الرياضية بجرادة. ودعا رئيس الجمعية الهيئات والجهات المحلية والوطنية بتقديم الدعم والتشجيع اللائق بمحمد زوهتان، "حتى لا تبقى هذه الموهبة معزولة في مجتمعها"، ملتمسا من المسؤولين المعنيين منح زوهتان دعما ماديا ومقرا لائقا رفعا للحرج عن حالته الاجتماعية المزرية.