تذبذب في الدفاع عن مطلب إلغاء الفصول المجرمة لحق المواطنين في الاختيار في فضاءاتهم الخاصة، وفي التفاعل مع المبادرات المدنية، تعرفه الأحزاب السياسية، رصده ائتلاف "خارجة عن القانون". وباستثناء فيدرالية اليسار التي ضمنت موقفها الرافض للفصل 490 من القانون الجنائي في برنامجها الانتخابي، رفضت بقية الأحزاب التفاعل مع سؤالين مغلقين أرسلهما "ائتلاف خارجة عن القانون"، إما برفض تسلم الوثيقة التي تتضمنهما من المفوض القضائي، أو بعدم التفاعل بالإجابة عليهما، باستثناء حزب التقدم والاشتراكية الذي تفاعل أمينه العام مع المطالب بالإيجاب، دون أن يتضمن موقفَه هذا البرنامجُ الانتخابي لحزبه. ويحمل ائتلاف "خارجة عن القانون" مطلب إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي الذي يعاقب على العلاقات الجنسية الرضائية خارج إطار الزواج، والفصول الأخرى التي تجرم العلاقات المثلية في الفضاءات الخاصة. وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قالت غزلان ماموني، محامية الائتلاف، إن مقصد هذه المبادرة، ولو لم تتفاعل معها معظم الأحزاب، هو "إدخال النقاش حول الفصل 490، وباقي الفصول المجرمة للحريات، في النقاش السياسي". وقالت ماموني إن حزب التقدم والاشتراكية قد تفاعل عبر أمينه العام مع هذه المطالب، قائلا إنه مع إلغاء هذا الفصل، والفصول التي في حكمه، "إلا أن هذا لم يحضر في البرنامج الانتخابي للحزب"، كما سجلت المصرحة. وبالنسبة إلى الحزب الاشتراكي الموحد، قالت المحامية إنه عبّر عن ملاحظة حول شكل المبادرة، خاصة تسليمهم استمارة عبر مفوض قضائي؛ في حين كان من الممكن الجلوس والنقاش. وهو ما علقَت عليه بقولها إن "سبب الاستعانة بمفوض قضائي هو ضمان جدية ومسؤولية الإجابة". وتابعت المصرحة: "كانت المفاجأة الإيجابية مع فيدرالية اليسار الديمقراطي التي رغم عدم إجابتها عن سؤالي الوثيقة التي تسلمتها، إلا أنها ضمنت برنامجَها الانتخابي مطلب إلغاء الفصول المجرمة للعلاقات الرضائية خارج إطار الزواج". ووضحت المحامية عضو ائتلاف "خارجة عن القانون" أن منطلق هذه المبادرة إرادة "معرفة الأحزاب التي تحمل هذا المطلب، لنعرف على من يجب أن نصوت، ليتم تعديل القانون الجنائي في البرلمان، لا أن يبقى هذا النقاش، ومطالب الشباب المغربي هذه محصورة في وسائل التواصل الاجتماعي". وعن الأسباب التي يرى الائتلاف أنها قد دفعت مجموعة من الأحزاب إلى عدم التفاعل مع استمارتها، وعدم الحديث في برامجها الانتخابية بوضوح عن مطلب إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي، وما في حكمه من الفصول، ذكرت المتحدثة أن "الأحزاب تتخوف من الفئة الناخبة. لكن، ما دام هذا الموضوع لا يناقَش فسيبقى مخيفا، ومطلب الإلغاء ليس إيديولوجيا، ولا يسعى إلى تغيير المجتمع المغربي، فلكل الحق في التمسك بالزواج، وحقه في عدم ممارسة الجنس خارج إطاره؛ لكن ما نريده هو ألا يسجن الناس بسبب هذا الفصل وألا يعاقبهم المجتمع على خطأ مراهقة مثلا، سواء كانت أسرهم محافظة أو غير محافظة". وواصلت المصرحة: "لا ندعم ولا ندعو إلى العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، أو إلى الإجهاض، أو إلى المجاهرة في الشارع بهذه الأمور؛ بل لكل حقه وحريته، ويبقى هذا الموضوع بين الراشدين وبين الله، مما يوجب إسقاط هذا التناقض في القانون الجنائي بين حماية الحياة الخاصة في دستور 2011 والفصل 490 الذي يجرمها". كما سلطت المتحدثة الضوء على "منع هذا الفصل ضحايا الاغتصاب من وضع شكايات؛ لأنه من الصعب إثبات الاغتصاب، ومن تتعرض له تتخوف من أن تعتقل برسمه، ولنا شهادات كثيرة في هذا السياق". ووفق تصنيف ائتلاف "خارجة عن القانون"، الذي وثقه مفوض قضائي، فإن من الأحزاب السياسية المغربية ما كانت مقراته مقفلة؛ مثل: الشورى والاستقلال، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الوحدة الديمقراطية، المجتمع الديمقراطي، العهد الديمقراطي، الحركة الديمقراطية الاجتماعية، النهضة. كما سجل الائتلاف وجود أحزاب رفضت استلام المراسلة التي تتضمن سؤالين حول موقف الحزب من مطالب الإلغاء، والتزامه بالدفاع عن هذا المطلب، وهي: الاتحاد الدستوري، والقوات المواطنة، والأمل. أما الأحزاب التي استلمت المراسلة ووقعت على إشعار الاستلام دون رد، فهي: الحرية والعدالة الاجتماعية، الديمقراطيون الجدد، الحزب الاشتراكي الموحد، الوسط الاجتماعي، الإنصاف، النهج الديمقراطي، الأصالة والمعاصرة، التقدم والاشتراكية، الاتحاد المغربي للديمقراطية، البيئة والتنمية المستدامة، الحركة الشعبية، النهضة والفضيلة، الاستقلال، العمل، العدالة والتنمية، التجمع الوطني للأحرار، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الإصلاح والتنمية، جبهة القوى الديمقراطية، الحزب المغربي الحر، واليسار الأخضر. وسجل الائتلاف أن حزب التقدم والاشتراكية، ولو أنه لم يرد على مراسلة الائتلاف بملئها، إلا أن أمينه العام قد تفاعل بالإيجاب عبر البريد الإلكتروني، "قبل أن يتم التراجع عن هذا الموقف، حيث عاينا بخيبة أمل غياب سؤال الفصل 490 والحريات الفردية بشكل تام عن البرنامج الانتخابي للحزب". وأشاد الائتلاف بتخصيص فيدرالية اليسار الديمقراطي حيزا لهذه المطالب ضمن برنامجه الانتخابي خلال استحقاقات 2021، وما يعنيه هذا من إمكان فتح النقاش حول الفصل 490، والفصول الشبيهة، داخل المؤسسة التشريعية. وفي ندوة صحافية لائتلاف "خارجة عن القانون"، مساء الخميس، شددت عضواته على تسجيل أكثر من 15 ألف متابعة قضائية برسم هذا الفصل، في سنة 2019 وحدها؛ من بينها نسبة كبيرة من الشباب والنساء. وذكر الائتلاف أن هذا الفصل يعاقب بالسجن، وتطفو، بين الفينة والأخرى، على سطح الساحة الإعلامية قضايا متابعات، "مثل الشابة هناء التي قضت شهرا من السجن رغم كونها ضحية تشهير وانتقام جنسي من طرف شخص، والشابة خديجة التي لم تأخذ قضتها حيزا كافيا من النقاش العمومي وانتحرت بعد الخروج من السجن". وسجل الائتلاف أن هذه المبادرة تأتي للإسهام في تحريك وضمان استمرار النقاش حول إلغاء الفصول المجرمة للعلاقات الرضائية خارج إطار الزواج وعلى رأسها الفصل 490. وفسر الائتلاف اللجوء إلى مفوض قضائي ب"ضمان الصدق والشفافية في تبادلاتنا مع الأحزاب، دون أن نتحدث باسمها، بل لتعبر بنفسها عن مواقفها". وعن سبب اعتماد سؤالين مغلقين في الرسائل الموجهة إلى الأحزاب، سجل الائتلاف في الندوة الصحافية ذاتها أن عضواته أردن "تفادي لغة الخشب والخطابات الطويلة العقيمة؛ فأرسلنا أسئلة شفافة مباشرة وواضحة، وأجوبتها بنعم أو لا، حول إلغاء الفصل، وتضمين الموقف في البرنامج الانتخابي".