مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية في بلادنا المرتقبة إجراؤها في الثامن من شتنبر المقبل ما يزال فهم القاسم الانتخابي الجديد يشكل أمرا تقنيا لحساب المقاعد المحصل عليها من طرف كل لائحة وهو ما سيتم شرحه من خلال هذا المقال بمثال تطبيقي، إذ بعدما كان يتم توزيع المقاعد البرلمانية بناء على عدد الأصوات المعبر عنها (الصحيحة)، حيث يتم قسمتها على عدد المقاعد في دائرة معينة بعد إقصاء الأصوات التي حصل عليها كل حزب لم يصل للعتبة. وهذا ما يعطي لنا في ظل نسبة مشاركة متوسطة قاسم انتخابي صغير نسبيا وهو ما يسمح للأحزاب التي حصلت على المراتب الأولى الحصول على عدة مقاعد. من مساوئ هذا التوزيع أنه يستبعد أصوات الناخبين الذين لم يختاروا أيّ مرشح! إذ يتساوى المواطن الذي تحمل عناء التوجه للصناديق للتعبير عن اختياره المتمثل في أنه لم يختر أي شخص كرسالة منه، يتساوى مع من لم يذهب للصناديق. إذ في حالة تم الأخذ بورقته والأوراق الملغاة وتم احتسابها في معدل القاسم الانتخابي سيجعل هذا الأخير مؤثرا على توزيع المقاعد بطريقة غير مباشرة. ولفهم هذا القاسم القديم وتقريبه لا بد من اللجوء إلى تطبيق عملي لتوضيحه: نفترض أن دائرة انتخابية ما بلغ عدد المسجلين فيها 300000 ناخب وناخبة، وبعد فرز الأصوات تم الحصول على 150500 صوت صحيح. وعدد المقاعد المتبارى عليها هي 5 مقاعد، ونسبة العتبة هي 3%. على اعتبار أن هناك 6 لوائح في تلك الدائر لأن هذا النوع من الاقتراع يكون باللائحة. وقد تم الحصول على النتائج الآتية: – اللائحة الأولى : 65000 صوت وهو ما يمثل 43,19% – اللائحة الثانية : 31000 صوت وهو ما يمثل %20,60 – اللائحة الثالثة : 29000 صوت وهو ما يمثل %19,27 – اللائحة الرابعة : 16000 صوت وهو يمثل %10,63 – اللائحة الخامسة : 9000 صوت وهو ما يمثل %5,98 – اللائحة السادسة : 500 صوت وهو ما يمثل %0,03 بناء على العتبة سيتم استبعاد اللائحة السادسة وكذلك الأوراق التي صوتت لصالحها، إذ سيصبح عدد الأصوات هو 150000 صوت يتم اقتسامها على عدد المقاعد للحصول على القاسم الانتخابي: 30000=5/150000 إذا بناء على هذا القاسم فهو يعني أن كل 30000 صوت تعني الحصول على مقعد مع الاحتفاظ بالأصوات المتبقية، أما من حصل على أقل من القاسم الانتخابي سيتم اللجوء إلى قاعدة أكبر البقايا لتوزيع بقية المقاعد لأن هذا يعتبر حلا لتوزيع المقاعد المتبقية. بالنسبة لمثالنا سيتم التوزيع الأولي كما يلي: – اللائحة الأولى : 65000 صوت يعني لها مقعدان ب 60000 صوت وسيتبقى له 5000 صوت غير مستعمل. – اللائحة الثانية : 31000 صوت يعني له مقعد و 1000 صوت غير مستعمل. – اللائحة الثالثة : 29000 صوت تعني صفر مقعد لأنها حصلت على أقل من القاسم. – اللائحة الرابعة : 16000 صوت تعني صفر مقعد لأنها حصلت على أقل من القاسم. – اللائحة الخامسة : 9000 صوت تعني صفر مقعد لأنها حصلت على أقل من القاسم. بما أنه تم توزيع 3 مقاعد فقد بقي مقعدان وسيتم توزيعهما على أساس أكبر البقايا: – اللائحة الأولى : 5000 صوت غير مستعمل. – اللائحة الثانية : 1000 صوت غير مستعمل. – اللائحة الثالثة : 29000 صوت. – اللائحة الرابعة : 16000 صوت. – اللائحة الخامسة : 9000 صوت. المقعد الرابع ستحصل عليه اللائحة الثالثة والخامس ستحصل عليه اللائحة الرابعة. النتائج النهائية ستكون كما يلي: – اللائحة الأولى : مقعدان. – اللائحة الثانية : مقعد. – اللائحة الثالثة : مقعد. – اللائحة الرابعة : مقعد. أما القاسم الانتخابي الجديد الذي يأخذ بعدد المسجلين في اللوائح الانتخابية كلهم مع إلغاء العتبة، حيث يكون المعدل كبيرا بعد قسمة هذا العدد على عدد المقاعد المخصصة للدائرة، هذا ما سيجعل الحصول على مقعد واحد يستغرق جل الأصوات المحصل عليها من طرف الحزب الذي حصل على المرتبة الأولى، وهو الأمر الذي سيفتح المجال للأحزاب الأخرى للحصول على بقية المقاعد وهو الأمر الذي يجعل الأحزاب سواسية سواء حصلت على أصوات كثيرة أو قليلة! هذا القاسم الجديد سيلغي السباق الانتخابي حيث أنه سيفرمل الأحزاب التي حصلت على الأصوات الكثيرة حيث ستدخل لخط النهاية في نفس الوقت مع الأحزاب التي حصلت على أصوات قليلة، هذا الأمر سيعطي تشكيلة برلمانية من جل الأحزاب وهو الأمر الذي سينعكس على تشكيل الحكومة. أي أن في نهاية المطاف سيتم جعل جميع الأحزاب على قدم المساواة في توزيع المقاعد، حيث سيتم "نزع" المقاعد من الحزب أو الأحزاب التي تصدرت عدديا الانتخابات ومنحها للأحزاب الحاصلة على الأصوات القليلة. نعود لنفس المعطيات السابقة لتطبيق هذا القاسم على النتائج المحصل عليها. القاسم الانتخابي: 60000=5/300000 إذا بناء على هذا القاسم فهو يعني أن كل 60000 صوت تعني الحصول على مقعد مع الاحتفاظ بالأصوات المتبقية، أما من حصل على أقل من القاسم الانتخابي سيتم اللجوء إلى قاعدة أكبر البقايا لتوزيع بقية المقاعد. سيتم التوزيع الأولي كما يلي: – اللائحة الأولى : 65000 صوت يعني له مقعد ب 60000 صوت وسيتبقى له 5000 صوت غير مستعملة. – اللائحة الثانية : 31000 صوت تعني صفر مقعد لأنها حصلت على أقل من القاسم. – اللائحة الثالثة : 29000 صوت تعني صفر مقعد لأنها حصلت على أقل من القاسم. – اللائحة الرابعة : 16000 صوت تعني صفر مقعد لأنها حصلت على أقل من القاسم. – اللائحة الخامسة : 9000 صوت تعني صفر مقعد لأنها حصلت على أقل من القاسم. – اللائحة السادسة : 500 صوت تعني صفر مقعد لأنها حصلت على أقل من القاسم. بما أنه تم توزيع مقعد فقد بقي أربعة مقاعد وسيتم توزيعها على أساس أكبر البقايا: – اللائحة الأولى : 5000 صوت غير مستعمل. – اللائحة الثانية : 31000 صوت. – اللائحة الثالثة : 29000 صوت. – اللائحة الرابعة : 16000 صوت. – اللائحة الخامسة : 9000 صوت. ستحصل كل لائحة على مقعد على التوالي: اللائحة الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة. النتائج النهائية ستكون كما يلي: – اللائحة الأولى : مقعد. – اللائحة الثانية : مقعد. – اللائحة الثالثة : مقعد. – اللائحة الرابعة : مقعد. – اللائحة الخامسة : مقعد. الذي يمكن استنتاجه في هذه الحالة هي أن من حصل على 65000 صوت كمن حصل على 9000 صوت! أي أن الأحزاب سيتم وضعها على قدم "المساواة" مما سيجعل التمثيلية البرلمانية ستشمل الأحزاب التي حصلت على المراتب الأخيرة بعيدا عن حسابات إحقاق إرادة المصوتين، مما سيفقد التصويت العقابي مغزاه! إذا باحتساب قاعدة جميع المسجلين في اللوائح في القاسم الانتخابي قد يعطي صورة أنهم جميعا قاموا بالتصويت كأنه تصويت إجباري، مع افتراض أن الذين لم يصوتوا قد وُضعت أصواتهم إما في خانة الأوراق الملغية أو الذين لم يختاروا أي مرشح!