خلف إطلاق سراح المواطن الإسباني العراقي الأصل دانيال غلفان، الذي اغتصب 11 أطفالا مغربيا وأصدرت في حقه العدالة المغربية حكما بالسجن لمدة 30 سنة، غضبا شديدا في صفوف أوساط جمعيات حقوق الإنسان و الدفاع عن الطفولة. لقد شمل العفو الملكي الصادر بمناسبة عيد العرش لائحة 48 مواطنا إسبانيا كانوا يقضون عقوبات في سجون مغربية، على خلفية زيارة العاهل الإسباني خوان كارلوس الأخيرة للمغرب في سياق تقوية وتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين. وإذا كان العفو الملكي حق دستوري يخوله له الدستور المغربي، فإن الملك، بمحض إرادته ونزولا عند طلب الشارع المغربي الذي صدمه هذا الحادث المؤلم، "وكذا احتراما لحقوق الضحايا" قرر سحب عفوه على هذا الجاني بعد اطلاعه على الجرائم الدنيئة التي اقترفها و"اعتبارا للاختلالات التي طبعت المسطرة". كما أعطيت أوامر ملكية لوزارة العدل من أجل إرجاع هذا المجرم إلى السجن واقتراح مقاييس من شأنها تقنين شروط منح العفو في مختلف مراحله مستقبلا. وهذه فعلا أول مرة في تاريخ المغرب المستقل يقوم فيها الملك بإلغاء عفوه عن واحد من المستفيدين به و أن يتوجه الديوان الملكي إلى الشعب المغربي في بلاغين في ظرف يقل عن ثماني وأربعين ساعة لتطويق هذه الأزمة. الآن الكرة في ملعب وزير العدل والحكومة الإسبانية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هذا المجرم الخطير إلى السجن، رفعا للضرر الذي لحق بالضحايا وعائلاتهم وتفاديا لاستغلال هذا الحدث المشين للتشويش على الجهود التي يقوم بها المغرب، دولة ومجتمع مدني، من أجل حماية الطفولة وحقوق الإنسان ومحاربة كل أشكال العنف والظلم. وكما جاء في بلاغ الديوان الملكي فإن اسم الوحش مغتصب الأطفال ما كان ليدس ضمن لائحة المستفيدين من العفو نظرا لخطورة الجرائم المرتكبة ولمدة العقوبة السجنية المحكوم عليه بها. ولا ينبغي بأية حال من الأحوال تعنيف المحتجين والمتظاهرين بالطرق السلمية المعبرين عن سخطهم لإطلاق سراح هذا المجرم الذي ذكرني بالمجرم الأمريكي ريال كاسترو سائق الحافلات المدرسية السابق في كليفلاند بالولايات المتحدة ، حكمت عليه المحكمة بالسجن مدى الحياة لاغتصابه ثلاث نساء لمدة عشر سنوات. المتهم كاسترو ذي الأصل البورتوريكي اعترف بالجرائم المنسوبة إليه حتى ينجو من حكم الاعدام، لكن القاضي أكد أن كاسترو لن يخرج أبدا من السجن.. كما يجب أن لا تمر هذه الواقعة المؤسفة دون التأكيد على أهمية استقلال القضاء وضرورة التسريع بإصلاح وزارة العدل والحريات، إذ توجد إرادة سياسية حقيقية لإصلاح منظومة العدالة بالمغرب، وذلك تنفيذا لتعليمات صاحب الجلالة الذي وضع هذا الورش الهام ضمن الإصلاحات الاستراتيجية التي تعرفها البلاد. وقبل هذا وذاك ينبغي للجمعيات الحقوقية ووزارة التضامن والأسرة أن تعبر عن تضامنها مع الضحايا وأسرهم بالملموس وذلك بزيارتهم في مقر سكناها و منحهم الدعم المادي والمعنوي للمساهمة في التخفيف عنهم وفي جبر الضرر الذي لحق بهم.