هزة أرضية بقوة 5.2 درجة بإقليم وزان دون تسجيل أية خسائر    حادثة سير بملوسة تُصيب 14 تلميذًا وتعيد طرح إشكالية النقل المدرسي    "صولير إكسبو": 120 عارضًا و10 آلاف زائر لاستكشاف حلول الطاقات المتجددة    ترامب يتوعد "حماس" ب "جحيم حقيقي" إذا لم تٌطلق سراح جميع الأسرى الإسرائليين يوم السبت (فيديو)    تفاصيل "زلزال ليلي" بالمغرب .. القوة 5,2 درجات والبؤرة في إقليم وزان    السلطات المحلية بإقليم وزان تؤكد: زلزال اليوم لم يخلف أية خسائر    الصويرة: التوقيع على أربع اتفاقيات من أجل هيكلة وتطوير منظومات للصناعة التقليدية    ترامب: لا حق للفلسطينيين للعودة وسأحول غزة إلى قطعة أرض جميلة (فيديو)    رمضان 1446 .. استقرار الأسعار وعرض وافر من المنتجات الغذائية بأكادير إداوتنان    هزة أرضية قرب القصر الكبير تصل درجتها 5.10 شعر بها المواطنون في عدد من المدن    عاجل | هزة أرضية تضرب شمال المغرب ويشعر بها السكان    سبعة مغاربة ضمن الفائزين ب"جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة" برسم دورة 2024-2025    التوفيق يربط فوضى الخطاب الديني بفوضى حرية التعبير    لفتيت يجري محادثات مع وزير داخلية إسبانيا حول قضايا الإرهاب والإجرام    صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المغربي بنسبة 3.9% سنة 2025    حماس تقرر تأجيل تسليم الرهائن الإسرائيليين المقرر الإفراج عنهم السبت والجيش الاسرائيلي يعلن استعداده لكل الاحتمالات    لاراثون الاسبانية: ملف الاعتراف بجمهورية القبائل على طاولة وزير الخارجية الأمريكي    المحكمة الابتدائية بطنجة ترفض تمتيع المدون رضوان القسطيط بالسراح المؤقت وتبقيه قيد الاعتقال الاحتياطي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ارتفاع يسم تداولات بورصة البيضاء    تتويج الرامي بجائزة "بول إيلوار"    "بوحمرون" يستنفر السلطات الصحية باقليم الدريوش    مجلس المستشارين يختتم الدورة الأولى من السنة التشريعية 2024 – 2025    الشراكة الأخلاقية بين الوضعي والروحي في المغرب..    توقيف شخص وذلك للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالتخدير وإلحاق خسائر مادية بممتلكات خاصة    تقرير: المغرب يبقى منفتحا على التنين الصيني في ظل إغلاق الأسواق الكبرى    "خطة التشغيل" على طاولة المجلس الحكومي    محمد زريدة يعزز صفوف الاتحاد الليبي    فلسطين تثمن جهود الملك محمد السادس من أجل حل أزمة الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى "إسرائيل"    المغرب في شراكة للذكاء الاصطناعي    الأستاذ البعمري يكتب: "تهجير الفلسطينيين للمغرب.. الكذبة الكبيرة!"    المستشفى الحسني يفرض الكمامة على المواطنين    أوزين عن التصويت لصالح قانون الإضراب :"نشرع للوطن وليس لموقع في الوطن"    الفنان عبد الحفيظ الدوزي يصدر أغنيته الجديدة "اش هدا"    نهضة بركان ينفرد بصدارة البطولة ويواصل الزحف نحو اللقب هذا الموسم    وفاة الفنانة السورية الشابة إنجي مراد في ظروف مأساوية    الندوة الدولية الثالثة حول مصطفى الأزموري (إستيبانيكو) في نيويورك تكرس الروابط الأطلسية بين المغرب وأمريكا    أرقام قياسيها تحققها الصناعة السينمائية المغربية خلال سنة 2024    من كازابلانكا إلى فاس.. أوركسترا مزيكا تُطلق جولتها الموسيقية في المغرب    ترتيب البطولة الاحترافية المغربية للقسم الأول "الدورة 20"    المغرب يشارك في المؤتمر العام الثامن للاتحاد العربي للكهرباء بالرياض    خبراء يحذرون من التأثيرات الخطيرة لسوء استخدام الأدوية والمكملات الغذائية    البرتغالي "ألكسندر دوس سانتوس" مدربا جديدا للجيش الملكي    إقصاء مبكر.. ليفربول يتجرع خسارة مُذلة على يد فريق في أسفل الترتيب    فيلم "دوغ مان" يواصل تصدّر شباك التذاكر في الصالات الأميركية    تصفيات كأس إفريقيا للريكبي…المنتخب المغربي يبلغ النهائيات بفوزه على نظيره التونسي    الذهب قرب ذروة مع تزايد الطلب على الملاذ آمن بعد خطط رسوم جمركية جديدة    علماء أمريكيون يطورون كاميرا فائقة السرعة تعالج الصور فور التقاطها    المغرب يقترب من التأهل التاريخي إلى مونديال 2026 بعد إقصاء هذا المنتخب    بكراوي يهدي "إستوريل" هدفين    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    دراسة: القهوة تقلل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني    الاتحاد الأوروبي يسمح باستخدام مسحوق حشرات في الأغذية    وداعا للشراهة في تناول الطعام.. دراسة تكشف عن نتائج غير متوقعة    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزاوية ‬التيجانية.. بذرة مغربية وبوابة ‬روحية ‬لإفريقيا
نشر في هسبريس يوم 28 - 07 - 2013

استقبل ‬الملك ‬محمد ‬السادس في زيارته الأخيرة إلى السينغال، ‬‮"‬أبو ‬باكار ‬محمد ‬منصور ‬سي‮"‬ ‬أحد ‬شيوخ ‬الزاوية ‬التيجانية ‬بالسينغال٬ ‬قال ‬هذا ‬الأخير"شرف ‬كبير ‬لنا ‬أن ‬نحظى ‬باستقبال ‬من ‬طرف ‬جلالة ‬الملك ‬محمد ‬السادس٬ ‬أمير ‬المؤمنين، ‬لأننا ‬نحن ‬التيجيانيون ‬نعتبر ‬المملكة ‬وطننا ‬الروحي٬ ‬بالنظر ‬لارتباطنا ‬القوي ‬بفاس ‬التي ‬تحتضن ‬مؤسس ‬طريقتنا ‬الشيخ ‬سيدي ‬أحمد ‬التيجاني..‬‮"‬ ‬كان ‬يؤكد ‬بعد ‬قرون ‬طويلة، ‬مدى ‬الارتباط ‬الذي ‬يشد ‬تيجانيي ‬إفريقيا ‬إلى ‬المغرب، ‬البلد ‬الذي ‬خرجت ‬منه ‬الدعوة ‬التيجانية ‬إلى ‬ثغور ‬البلاد ‬الإفريقية. ‬وأعاد ‬إلى ‬الأذهان ‬ما ‬تمثله ‬الطريقة ‬التيجانية ‬التي ‬يرقد ‬قطبها ‬الشيخ ‬سيدي ‬أحمد ‬التجاني ‬بفاس، ‬بالنسبة ‬لشعوب ‬إفريقيا ‬جنوب ‬الصحراء.‬
التيجانية ‬بذرة ‬مغربية ‬
أزيد ‬من ‬400 ‬مليون ‬تيجاني ‬يوجدون ‬حول ‬العالم، ‬وهو ‬ثلث ‬عدد ‬المسلمين ‬في ‬العالم.. ‬أزيد ‬من ‬مائة ‬منهم ‬يعيشون ‬جنوب ‬الصحراء، ‬المغرب ‬الذي ‬أكرم ‬وفادة ‬الشيخ ‬المزداد ‬بعين ‬ماضي ‬بالجزائر، ‬لم ‬يجد ‬سوى ‬السلطان ‬العلوي ‬الذي ‬اشتهر ‬بحب ‬العلماء ‬والمتصوفة، ‬المولى ‬سليمان، ‬الذي ‬احتضنه ‬واقتطع ‬له ‬بعض ‬الأراضي ‬ومنحه ‬قصر ‬دار ‬المرايا، ‬حيث ‬انطلقت ‬مجالس ‬الذكر ‬لتتحول ‬إلى ‬واحدة ‬من ‬أكثر ‬الطرق ‬انتشارا ‬في ‬العالم.‬
عندما ‬تذكر ‬الطريقة ‬التيجانية ‬لا ‬يذكر ‬سوى ‬الشيخ ‬القطب ‬سيدي ‬احمد ‬التيجاني، ‬ولا ‬يذكر ‬سوى ‬العارفين ‬بخبايا ‬الطريقة ‬اسما ‬آخر، ‬الشيخ ‬محمد ‬الحافظ ‬بن ‬المختار ‬بن ‬احبيب ‬العلوي ‬المتوفي ‬سنة ‬1247ه ‬الذي ‬أخذ ‬كلام ‬أهل ‬الطريق ‬عن ‬الشيخ ‬التجاني ‬مباشرة ‬ومشافهة، ‬ومكث ‬معه ‬ثلاث ‬سنوات ‬في ‬فاس ‬قبل ‬أن ‬يعود ‬إلى ‬شنقيط. ‬
الحافظ ‬بن ‬المختار ‬كان ‬سببا ‬في ‬تخرج ‬العديد ‬من ‬الأقطاب ‬والعلماء، ‬منهم ‬سيدي ‬مولود ‬فال ‬المتوفي ‬سنة ‬1267ه ‬الذي ‬لقن ‬الطريقة ‬للسيد ‬عبد ‬الكريم ‬الناقل ‬الذي ‬لقن ‬الطريقة -‬بدوره- ‬للعالم ‬المجاهد ‬سلطان ‬الطريقة ‬الحاج ‬عمر ‬الفوتي ‬المولود ‬1213ه. ‬
ومنذ ‬مطلع ‬القرن ‬العشرين ‬وحتى ‬منتصف ‬السبعينيات، ‬كانت ‬الخلافة ‬في ‬أبناء ‬الشيخ ‬التيجاني ‬سيدي ‬الطيب ‬بن ‬سيدي ‬أحمد ‬عمار ‬التيجاني ‬الذي ‬عاش ‬في ‬مراكش ‬بالمغرب ‬وتوفي ‬سنة ‬1974.. ‬
الملوك ‬المغاربة ‬المعاصرون ‬دأبوا ‬على ‬ربط ‬العرش ‬بشيوخ ‬الطريقة، ‬فكان ‬الملك ‬الحسن ‬الثاني ‬قد ‬عين ‬بظهير ‬ملكي ‬سيدي ‬البشير ‬بن ‬السيد ‬محمد ‬الكبير ‬بن ‬سيدي ‬البشير ‬شيخا ‬للطريقة ‬التيجانية. ‬وبقي ‬كذلك ‬حتى ‬عين ‬الملك ‬المغربي ‬محمد ‬السادس ‬في ‬سنة ‬2009 ‬بظهير ‬ملكي ‬سيدي ‬محمد ‬الكبير ‬بن ‬السيد ‬أحمد ‬بن ‬السيد ‬محمد ‬الكبير ‬بن ‬سيدي ‬البشير ‬شيخا ‬للطريقة ‬التيجانية.‬ ‬ومنذ ‬خمس ‬سنوات ‬توجه ‬المغرب ‬إلى ‬الطرق ‬الصوفية، ‬خصوصا ‬عندما ‬بدأت ‬الجزائر ‬تستعمل ‬ورقة ‬التيجانيين، ‬في ‬محاولة ‬لنزع ‬البساط ‬الروحي ‬من ‬تحت ‬أقدام ‬المغرب، ‬فأقام ‬بفاس ‬أكبر ‬محفل ‬للتيجانيين ‬عبر ‬العالم، ‬شيوخ ‬ومريدو ‬الطريقة ‬التيجانية ‬تجمعوا ‬بالعاصمة ‬العلمية ‬والروحية، ‬بإيعاز ‬من ‬النظام ‬المغربي ‬الذي ‬أطر ‬اللقاء، ‬والذي ‬جرى ‬تحت ‬الرعاية ‬السامية ‬للملك ‬محمد ‬السادس، ‬وبالإشراف ‬المباشر ‬لوزير ‬الأوقاف ‬المغربي ‬أحمد ‬التوفيق، ‬وخلاله ‬وجه ‬الملك ‬رسالة ‬إلى ‬المريدين ‬والشيوخ ‬يحثهم ‬على ‬إدراك ‬الدور ‬التاريخي ‬للملوك ‬العلويين، ‬في ‬رعاية ‬مشايخ ‬الطريقة ‬التيجانية ‬ومساعدتهم ‬على ‬نشر ‬التربية ‬الروحية، ‬وترسيخ ‬قيم ‬الإسلام ‬المثلى ‬على ‬منهج ‬التصوف ‬السني.. ‬
التيجانيون ‬مقاومون ‬أم ‬خونة
‬تضاربت ‬المصادر ‬التاريخية ‬حول ‬مواقف ‬التيجانيين ‬من ‬الاستعمار، ‬فهناك ‬من ‬اعتبرهم ‬مقاومين ‬وهناك ‬من ‬يتهمهم ‬بموالاة ‬فرنسا، ‬لكن ‬ما ‬يميز ‬تاريخ ‬علاقة ‬التيجانيين ‬بالغزاة ‬أنه ‬ينقسم ‬حسب ‬الجغرافيا ‬والتاريخ، ‬ففي ‬مملكة ‬غانا ‬أو ‬ما ‬كان ‬يسمى ‬آنذاك ‬دولة ‬‮"‬التوكولور‮"‬ ‬الإسلامية، ‬التي ‬قادها ‬أحد ‬أقطاب ‬الزاوية ‬الشيخ ‬عمر ‬الفوتي، ‬والذي ‬يعد ‬في ‬نظر ‬التيجانيين ‬الفاتح ‬الغازي ‬الذي ‬خرج ‬في ‬سبيل ‬الله ‬والطريقة، ‬من ‬أجل ‬تأسيس ‬دولة ‬إسلامية ‬في ‬إفريقيا، ‬وامتدت ‬حدوده ‬من ‬شنقيط ‬إلى ‬دولتي ‬مالي ‬ونيجيريا ‬مرورا ‬ببلاد ‬السودان ‬الغربي، ‬وسيطر ‬الحاج ‬عمر ‬في ‬عشر ‬سنوات ‬على ‬كل ‬السودان ‬الغربي ‬من ‬مدينة ‬تمبكتو ‬حتى ‬حدود ‬السينغال ‬الفرنسية، ‬وأسس ‬دولة ‬إسلامية ‬بكل ‬معانيها، ‬وحاول ‬أن ‬يمدها ‬في ‬الشرق ‬ليقاوم ‬بها ‬التوسع ‬الفرنسي ‬المسيحي ‬ودحر ‬الوثنيين ‬من ‬الشرق ‬والغرب. ‬لكن ‬القوات ‬الفرنسية ‬استطاعت ‬احتلال ‬مدينة ‬بانديا ‬جارا ‬عاصمة ‬الشيخ ‬أحمدو ‬لوبو ‬بفضل ‬تفوقهم ‬العسكري ‬سنة ‬1893م. ‬ولجأ ‬الشيخ ‬إلى ‬دولة ‬الفولاني ‬وسوكوتو ‬ومات ‬هناك ‬عام ‬1895م، ‬وانتهت ‬بذلك ‬الدولة ‬التيجانية (‬الدولة ‬العمرية)‬، ‬وأصبح ‬سكانها ‬المسلمون ‬تحت ‬الحكم ‬الفرنسي، ‬ولكن ‬أتباع ‬الشيخ ‬عمر ‬ظلوا ‬يقاومون ‬التبشير ‬المسيحي.‬
‬ما ‬رواه ‬المؤرخون ‬أعلاه ‬يجد ‬ما ‬يناقضه ‬بشكل ‬كبير ‬في ‬مصادر ‬أخرى، ‬ففي ‬مستهل ‬القرن ‬العشرين ‬نشرت ‬جريدة (‬لابريس ‬ليبر) ‬وهي ‬جريدة ‬يومية ‬فرنسية ‬استعمارية ‬كانت ‬تصدر ‬في ‬الجزائر، ‬خطبة ‬لشيخ ‬الطريقة ‬التيجانية"محمد ‬الكبير‮"‬ ‬الملقب ‬بصاحب ‬السجادة ‬الكبرى، ‬ألقاها ‬أمام ‬الكولونيل ‬‮"‬يسكوني‮"‬، ‬في ‬زيارة ‬له ‬حضرها ‬مشايخ ‬تيجانيون ‬كبار: ‬‮"‬إن ‬من ‬الواجب ‬علينا ‬إعانة ‬حبيبة ‬قلوبنا ‬مادياً ‬وأدبياً ‬وسياسياً ! ‬ولهذا ‬فإني ‬أقول ‬لا ‬على ‬سبيل ‬المن ‬والافتخار، ‬ولكن ‬على ‬سبيل ‬الاحتساب ‬والتشرف ‬بالقيام ‬بالواجب... ‬أن ‬أجدادي ‬قد ‬أحسنوا ‬صنعًا ‬في ‬انضمامهم ‬إلى ‬فرنسا، ‬قبل ‬أن ‬تصل ‬إلى ‬بلادنا. ‬ففي ‬سنة ‬1838 ‬كان ‬أحد ‬أجدادي - ‬سيدي ‬محمد ‬الصغير ‬رئيس ‬التيجانية ‬يومئذ - ‬قد ‬أظهر ‬شجاعة ‬نادرة ‬في ‬مقاومة ‬أكبر ‬عدو ‬لفرنسا ‬الأمير ‬عبد ‬القادر ‬الجزائري، ‬ومع ‬أن ‬هذا ‬العدو -‬عبد ‬القادر- ‬حاصر ‬بلدتنا )‬عين ‬ماضي) ‬وشدد ‬عليها ‬الخناق ‬ثمانية ‬أشهر، ‬فإن ‬هذا ‬الحصار ‬تم ‬بتسليمِ ‬فيه ‬شرف ‬لنا ‬نحن ‬المغلوبين ‬وليس ‬فيه ‬شرف ‬لأعداء ‬فرنسا ‬الغالبين، ‬وذلك ‬أن ‬جدي ‬أبى ‬وامتنع ‬أن ‬يرى ‬وجهاً ‬لأكبر ‬عدو ‬لفرنسا ‬فلم ‬يقابل ‬الأمير ‬عبد ‬القادر..‬‮"‬ ‬
وفي ‬عام ‬1870 ‬قدم ‬سيدي ‬أحمد ‬ولاءه ‬العلني ‬لفرنسا، ‬وبرهن ‬على ‬ارتباطه ‬بالدولة ‬العظمى ‬على ‬شكل ‬مصاهرة، ‬فتزوج ‬على ‬يد ‬الكاردينال ‬لافيجري ‬من ‬أوريلي ‬بيكار ‬التي ‬وسمت ‬تاريخ ‬الزاوية ‬التيجانية، ‬وكان ‬لقبها ‬‮"‬زوجة ‬السيدين‮"‬، ‬ويذكر ‬أنها ‬كانت ‬من ‬عميلات ‬المخابرات ‬الفرنسية، ‬وفق ‬الطقوس ‬المسيحية، ‬فلما ‬مات ‬تزوجت ‬بشقيقه، ‬وكان ‬الأتباع ‬يطلقون ‬عليها ‬‮"‬الشريفة ‬امرأة ‬الشريف‮"‬ ‬ويحملون ‬التراب ‬الذي ‬تمشي ‬عليه ‬لكي ‬يتيمموا ‬به، ‬ونقل ‬المؤرخ ‬والانتروبولوجي ‬الفرنسي ‬‮"‬شارل ‬دو ‬فوكو‮"‬ ‬في ‬بعض ‬مدوناته، ‬أنها ‬لم ‬تتخل ‬عن ‬المسيحية، ‬بل ‬إنها ‬كانت ‬كاثوليكية ‬متدينة، ‬وقد ‬أنعمت ‬عليها ‬فرنسا ‬بوسام ‬الشرف، ‬وجاء ‬في ‬أسباب ‬منحها ‬الوسام، ‬أنها ‬استطاعت ‬تجنيد ‬مريدي ‬الزاوية ‬التيجانية ‬ليقاتلوا ‬إلى ‬جانب ‬فرنسا ‬كأنهم ‬بنيان ‬مرصوص. ‬وبالرجوع ‬إلى ‬مصادر ‬أخرى ‬نجد ‬المؤرخ ‬الكولونيالي (‬روم ‬لاندو) ‬يقول ‬في ‬كتابه : (‬تاريخ ‬المغرب ‬في ‬القرن ‬العشرين) : ‬‮"‬وقد ‬خبر ‬الفرنسيون ‬قضية ‬الطرق ‬الصوفية ‬والدور ‬الذي ‬تلعبه ‬مرات ‬متعددة ‬من ‬قبل، ‬وثمة ‬وثيقة ‬هامة.. ‬رسالة ‬بعث ‬بها ‬قبل ‬قرن ‬من ‬الزمن ‬المارشال (‬بوجو) ‬أول ‬حاكم ‬للجزائر ‬إلى ‬شيخ ‬التيجانية ‬ذات ‬النفوذ ‬الواسع، ‬إذ ‬أنه ‬لولا ‬موقفها ‬المشبع ‬بالعطف ‬لكان ‬استقرار ‬الفرنسيين ‬في ‬البلاد ‬المفتتحة ‬حديثا ‬أصعب ‬بكثير ‬مما ‬كان‮"‬. ‬
قلما ‬يعرف ‬المغاربة ‬ما ‬الدور ‬الذي ‬يمكن ‬أن ‬تلعبه ‬الزاوية ‬التيجانية ‬في ‬استمرار ‬دول ‬الساحل ‬والغرب ‬الإفريقي ‬للمغرب، ‬ولعل ‬لقاء ‬الملك ‬بشيوخ ‬الطريقة، ‬إيذان ‬ببدء ‬طريق ‬آخر ‬للديبلوماسية ‬الصوفية.‬‬
بناء ‬الزاوية ‬بأمر ‬من ‬الرسول
يتناقل ‬المريدون ‬التيجانيون ‬قصة ‬عجيبة ‬عن ‬استقرار ‬الشيخ ‬المؤسس ‬بفاس، ‬فعندما ‬وهب ‬السلطان ‬المولى ‬سليمان ‬قصر ‬‮"‬دار ‬المرايا‮"‬ ‬في ‬حي ‬زقاق ‬الرواح ‬لسيدي ‬أحمد ‬التيجاني، ‬تردد ‬القطب ‬الصوفي ‬في ‬قبول ‬المنحة ‬الملكية، ‬وانتظر ‬إذنا ‬من ‬النبي (‬ص) ‬حتى ‬جاءه ‬في ‬رؤيا ‬وأقره ‬على ‬ذلك، ‬واتخذ ‬الشيخ ‬منها ‬مكانا ‬للذكر ‬وتلاوة ‬الورد ‬التيجاني ‬وإحياء ‬حضرة ‬يوم ‬الجمعة ‬الأسبوعية، ‬مع ‬أصحابه ‬بباب ‬الدار ‬المذكورة. ‬فازدحم ‬عليه ‬الناس ‬وضاق ‬بهم ‬المكان. ‬فعاد ‬إلى ‬استشارة ‬الرسول، ‬فأمره ‬عليه ‬الصلاة ‬والسلام ‬ببناء ‬الزاوية ‬بقوله ‬‮"‬اخترها ‬من ‬هذا ‬البلد ‬اللماع ‬في ‬خير ‬البقاع ‬واجعلها ‬واسعة ‬المراح، ‬كثيرة ‬المياه‮"‬. ‬فشرع ‬في ‬بناء ‬الزاوية ‬في ‬شهر ‬ربيع ‬الأول ‬عام ‬1214هجرية، ‬وانتهى ‬بناؤها ‬عام ‬1215 ‬هجرية. ‬دار ‬المرايا ‬حاليا ‬سيشملها ‬مشروع ‬تهيئة، ‬ويكلف ‬ترميمها ‬6 ‬ملايين ‬درهم ‬مغربي..‬وسيكتمل ‬في ‬ظرف ‬24 ‬شهرا، ‬كما ‬أعلنت ‬وزارة ‬الأوقاف ‬المغربية، ‬والدار ‬من ‬الوقف ‬التابع ‬للزاوية ‬التيجانية ‬بفاس.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.