دعت مجموعة من الكفاءات المغربية القاطنة ببلدان المهجر إلى التنزيل الفعلي لمقترحات اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد على أرض الواقع، من خلال تحويلها إلى سياسات وبرامج ترمي إلى خلق مناخ عام من شأنه تمتين أواصر التعاون الثنائي مع البلد الأم في شتى الميادين. لذلك، قال حسن بلعربي، عضو أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، أستاذ باحث في الهندسة الكيميائية بجامعة ألميريا بإسبانيا، إن "أفراد الجالية على أتمّ الاستعداد للمساهمة في التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للمغرب، إذ برهنوا على الطموح القوي خلال العديد من المحطات السابقة". وأضاف بلعربي، خلال اللقاء الذي نظمته قناة "أواصر تيفي" التابعة لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، أن "التفكير الحالي يجب أن ينكبّ على صياغة كيفية مساهمة كفاءات الخارج في النموذج التنموي الجديد، وكذا على خلق الحوافز التي ستدفع الأدمغة إلى العودة إلى الوطن". وأوضح المتحدث، في اللقاء المسائي المعنون ب"النموذج التنموي والحاجة إلى الكفاءات: أية إجراءات لتعبئة كفاءات مغاربة العالم وجذبها؟"، أن "مساهمة الجالية المغربية المقيمة بالخارج في النموذج التنموي ليست بالضرورة اقتصادية؛ وهي مهمة بطبيعة الحال، لكن تكون كذلك عبر نقل التجارب والخبرات والمعارف من بلد الإقامة إلى البلد الأم". ودعا بلعربي إلى مأسسة التواصل مع الجالية، ثم زاد شارحا: "سبق أن دعا عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، إلى خلق وكالة ثقافية لتسهيل عملية التواصل مع الكفاءات، خاصة من الناحية الثقافية، بغرض ربط جسور التواصل مع الأجيال الحالية والمقبلة". وأكد الأستاذ الجامعي أن "الاستفادة من الخبرات المغربية لن تكون بالضرورة عبر العودة الدائمة إلى الوطن، بل هناك صيغ أخرى، من قبيل العودة المؤقتة المرتبطة بتكوين الباحثين في الجامعات المغربية لمدد زمنية محددة، والعودة الرقمية التي تتماشى مع تحديات الجائحة، من خلال الاستفادة من الجالية المقيمة ببلدان المهجر". من جانبه، لفت جواد الخراز، الخبير الدولي المعتمد لدى المفوضية الأوروبية، والأمين العام لجمعية العالم العربي للعلماء الشباب بفرنسا، إلى أن "تشكيل اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد من كفاءات مغربية مقيمة بالخارج دليل قاطع على العناية الكبرى التي تولى لمغاربة المهجر في التخطيط للعقود المقبلة". واسترسل الخراز: "محتويات التقرير محورية وأساسية في ظل الواقع التنموي الراهن، لكن ينبغي وضع تصورات إستراتيجية مستقبلية لتنزيل ذلك على أرض الواقع؛ ومن ثمّ تحفيز الجالية على المساهمة والتعاون في التفعيل الميداني". وأردف المتحدث ذاته بأن "التعاون مع الجالية المغربية المقيمة بالخارج لا بد أن ينتقل من المستوى اللحظي والآني إلى المستوى الإستراتيجي ذي الآفاق الواعدة، ما يتطلب إعداد سياسات وبرامج واضحة ممتدة على فترة من الزمن"، مشددا على أن "أهمية الاستفادة من الخبرات المغربية الموجودة بكافة بلدان العالم". واستطرد الخبير الدولي المعتمد لدى المفوضية الأوروبية: "على السلطات الوطنية خلق مناخ من الثقة بين واضعي التقرير والجالية، بواسطة تحسين الأنظمة الصحية والتعليمية القائمة، ما سيساعد الكفاءات على الاستقرار بالبلد الأم من جهة، والمساهمة في نموذج التنمية من مواقع المسؤولية في بلدان الإقامة من جهة ثانية". ونبّه المتدخل إلى "ضعف البنيات البحثية بالجامعات المغربية حسب المعايير الدولية الموضوعة في هذا الصدد، ما يدفع الكثير من الأدمغة إلى الهجرة للخارج، وهو ما يستدعي إلزامية زيادة الميزانية المخصصة للبحث العلمي، حتى يتمكن الباحثون المغاربة من الاشتغال في ظروف مهنية".