يعرف سوق المنتوجات الحلال توسعا متزايدا في بلجيكا، وذلك مع التطور الكبير الذي يشهده قطاع الصناعات الغذائية، وتوفيره لإمكانيات تصدير السلع الاستهلاكية خاصة منتوجات اللحوم الحمراء إلى مناطق عديدة. وتتنوع المنتوجات الحلال التي أصبحت تتمتع بتنافسية كبيرة خاصة مع النمو السنوي الذي يقدر بنحو 15 في المائة وتمتعه بمردودية كبيرة أصبح معها يتجاوز سوق المنتجات العضوية. ورغم أنه لا توجد معطيات رسمية حول واقع المنتوجات الحلال في بلجيكا، لكن هذا القطاع يتطور بنحو 1.5 مليار أورو سنويا، وهو رقم أكده برونو برنار الخبير البلجيكي في مجال التصدير والمؤلف المشارك في كتاب "فهم الحلال" الذي يفسر فيه أسباب انتشار الأسواق الحلال من وجهة نظر سوسيولوجية لظاهرة تتعلق بتغير في السلوك الاستهلاكي. وقال الخبير البلجيكي، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إن الأشخاص المسلمين الذين قدموا لبلجيكا المنحدرين من الجيل الثالث يستهلكون بشكل مختلف عن الجيلين الأول والثاني، مشيرا إلى أنهم يتوفرون على قدرة شرائية مرتفعة ويفضلون القيام بالتسوق في الأسواق الممتازة وليس في المحلات الشعبية. واعتبر أن هناك قاعدة لاستهلاك المنتوجات التقليدية والأساسية ولمنتجات توفر هوامش عالية جدا (المكملات الغذائية، ومستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية)، وبالتالي ارتفاع الاقبال على المنتوجات الحلال. ويرى أن التسويق هو الذي عزز من تنافسية سوق المنتوجات الحلال من خلال استهداف الزبناء المسلمين الذين يمثلون نحو 5 إلى 10 في المائة من المستهلكين، وبالتالي فإن المصنعين مدعوون إلى أن يضعوا على منتوجاتهم ملصقات تدل على أنها منتوجات حلال، خاصة على مستوى المنتوجات الحيوانية والحلويات الخاصة بالأطفال المنتجة بدون استعمال مواد من لحم الخنزير. وأكد برونو برنار أنه على مستوى السوق البلجيكي، تتنوع المجموعات الحلال ولا تقتصر فقط على اللحوم، بل تتوسع إلى المشروبات الغازية والحلويات والبسكويت ومنتجات الألبان و الدواجن، وكذا مستحضرات التجميل. وبغية مساعدة المقاولات البلجيكية والأوروبية على التموقع في هذا السوق الذي يعرف تطورا، أطلقت غرفة التجارة والصناعة ببروكسيل سنة 2009 مسلسلا لتقديم التراخيص للمنتوجات الحلال. وأوضح برونو برنار أنه يتم الإشهاد على المنتجات الحلال وفقا لمنهجية "صارمة"، بدءا بالتدقيق في المصنع من أجل مراقبة مدى التزامه بالقوانين المحلية وسلسلة الإنتاج، ثم ينتقل إمام من بلد مسلم إلى هناك من أجل الاطلاع على الموقع وإعطاء الضوء الأخضر النهائي، مشيرا إلى أن المقاولة المعنية ينبغي أن تجدد الرخصة بعد مرور سنة على ذلك، مع القيام بنفس الاجراءات وبالتالي الحصول على الرخصة التي يؤدى عنها 1500 أورو. وأكد برنار أن غرفة التجارة والصناعة ببروكسيل تمنح تراخيص أيضا لمنتوجات المشروبات ومنتجات الألبان ومستحضرات التجميل و المواد الطبية الخالية من الكحول أو لا تتضمن مواد من لحم الخنزير من أجل عرضها على المستهلكين. ويثير الترخيص جدالا خاصة أن هناك العديد من الجهات المانحة للشهادات، وكلها مستقلة، ولكون معايير منح التراخيص تختلف من جهة إلى أخرى، ولأن العديد من المستهلكين المسلمين لا يعرفون ذلك ويعتمدون على التسمية الموضوعة التي تشير إلى أنها منتوجات حلال. وأبرز الخبير البلجيكي أن هناك بلقنة حقيقية في أوروبا للمكاتب الخاصة بالتراخيص، حيث لا يوجد ترخيص يقدم من قبل الدولة، أي إن المنظمات المستقلة هي التي تقدم التراخيص، إضافة إلى الأمر أصبح الأمر تجاريا. واعتبر برونو برنار أن من الإيجابيات أن عملية الترخيص منحت لغرفة التجارة والصناعة ببروكسيل التي توجد منذ ثلاثمائة سنة، وأنه منذ سنة 2009 وهي تقدم تراخيص للمنتوجات الحلال للعديد من المقاولات ومن ضمنها مقاولات بلجيكية، وكذا فرنسية وألمانية ومن اللوكسمبورغ، مشيرا إلى أن عدد التراخيص قد ارتفع خلال السنوات الأخيرة. وأكد أنه بفضل هذه التراخيص تمكنت العديد من المقاولات البلجيكية من ربح أسواق في بلدان الخليج العربي، وفي اندونيسيا وماليزيا، والمغرب، وكذا في بلدان أوروبية أخرى مثل ألمانيا التي تتواجد بها جالية مسلمة كبيرة خاصة التركية.