تعد الممارسة السياسية ، أحد أهم الركائز الأساسية التي ينبني عليها مسلسل التنمية المغربية بمختلف تجلياته الاقتصادية الاجتماعية والثقافية، ومن هذا المنطلق ثم ايجاد المؤسسات الحزبية التي أوكلت اليها مهمة القيام بعملية تأطير المواطنين عن قرب، ومن ثمة افراز نخب وكفاءات حزبية قادرة على تدبير الشأن العام الوطني والترابي تدبيرا يتحقق معه التقدم والازدهار الوطني أسوة بالمنظومة الدولية المتقدمة، وذلك من كون العالم قد أصبح محكوما بمجموعة من المتغيرات والتي يمكن اجمالها بالأساس في ظاهرة العولمة المرتبطة بدورها بعدة محددات لايمكن أن تقوم بدونها، والمتجلية أساسا في سرعة الأداء في أفق تدبير جيد للخدمات المواطنة. لقد ظهر مفهوم التسويق بداية في المجال الاقتصادي الذي يتوخى الربح بامتياز، الأمر الذي تحققت معه نتائج ايجابية تمثلت بالأساس في زيادة الربح عبر منظومة المعاملات التجارية، مما أفرز لنا اقتصاديات عالمية متقدمة أصبحت تلعب دور الفيصل والمتحكم فيما يتعلقبرسم مسارات الاقتصاد العالمي ومن ثمة تحقيق التوازن الاقتصادي وخاصة في شقه المتعلق بمسألة التنمية، وبالتالي وانطلاقا من النتائج الايجابية التي حققتها هذه المكنة في المجالات المرتبطة بالتنمية الاقتصادية ، يمكننا القول بأنها قد عرفت تطبيقا واسعا لها في الدول الغربية مما دفع بمجموعة من الأحزاب السياسية الى اعتماد مفهوم التسويق ذي النهج الاقتصادي الصرف ومحاولة اسقاطه على المجال السياسي الذي يرمي الى تحقيق التنمية ، هذه العملية تمت من خلال الاعتماد على مجموعة من الاليات ، والتي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: - الاعتماد على البرامج الحزبية المبنية على تحقيق النتائج ، وكذلك على منطق التقييم الثلاثي الأبعاد - تخليق الحياة السياسية ، وذلك من خلال تفعيل مجموعة من الاليات الكفيلة بانطلاق المشهد السياسي من المبادئ العامة للمواطنة القائمة على مبدأ المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات - ابتكار مجموعة من المكنات بهدف القضاء على تعاظم ظاهرة الأمية السياسية، وذلك من خلال تنظيم المؤسسات الحزبية بمختلف هياكلها لتكوينات تحترم في مراحل اعدادها لخصوصيات كل منطقة من جهات الدولة ، وذلك بهدف ضمان التطبيق السليم لمبدأ انسجام التكوينات مع الأهداف المتضمنة في البرامج الحزبية ومن ثمة الاستجابة لتطلعات المواطنين - الاعتماد على المنهاج الاحصائي بهدف حصر نسب المشاركة السياسية ، وذلك من خلال القيام بأبحاث ميدانية تعتمد في كنهها على الدقة في تحليل المعلومات المحصل عليها في أفق معرفة الأسباب والحيثيات الكامنة وراء تعاظم ظاهرة العزوف السياسي في صفوف المواطنين وخاصة فئة الشباب ، وبالتالي التطرق الى اقتراح وتصور الحلول الكفيلة بتشجيع المشاركة المواطنة في بناء مسلسل التنمية - الاعتماد على أطر وكفاءات أكاديمية متخصصة في تكوين نخب المستقبل، وذلك عبر مدارس التكوين الحزبي التي ثم تضمينها بمجموعة من البرامج والتطبيقات السياسية المقارنة بهدف ضمان تكوين جيد وفعال لنخب المستقبل - تطبيق مبدأ الاستمرار في التعاطي مع قضايا المواطنين اعتمادا على ما ثم تسطيره في البرامج الانتخابية، الأمر الذي لطالما أثر ايجابا على جودة النتائج المحصل عليها في المجالات المرتبطة بمسلسل التنمية لقد ساهم المشهد السياسي المغربي ذي النظام التعددي الحزبي ، في تكوين نخب سياسية محنكة كان لها الفضل الكبير في الدفع بعجلة التنمية الجهوية والترابية ، الا أنه وبالرغم من هذه الايجابيات فان واقع الممارسة السياسية لا زالت تعترضه مجموعة من المعيقات، و التي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: - طغيان الوسائل التقليدية السياسية في التعامل مع مسألة التأطير السياسي للمواطنين ، الأمر يظهر من خلال التجمعات الخطابية والتي عهدنا أن لا نراها الا في مرحلة الانتخابات سواء التشريعية أو الترابية، الأمر الذي لا زال يؤثر سلبا على مسألة التواصل السياسي الذي لا زال يعاني من ضعف الامكانيات ومن ثمة تواضع النتائج - افتقار المشهد الحزبي لاستعمال أدنى الوسائل التواصلية العصرية كالفيديو كونفرونسvidéo conférence بالإضافة الى الوصلات الالكترونية التي يمكنها أن تساهم وان أحسن استعمالها،القيام بعملية التعريف الدقيق لمقتضيات البرامج الحزبية - غياب تام لمناهج تتبع ومن ثمة تقييم أو تقويم البرامج الحزبية التي عادة ما تعتبر قرانا منزلا من قبل منظوماتها - عدم تضمين البرامج الحزبية لخصوصيات كل جهات المملكة، مما انعكس سلبا على مسلسل التنمية المغربية وبالتالي اتساع رقعة الفقر والهشاشة الاجتماعية وخاصة في العالم القروي الخ.. ان التطبيق السليم لمبدأ التسويق السياسي ببلادنا مشروط بضرورة اعادة بناء المشهد الحزبي ، مما يحيلنا مباشرة الى الاحتكام لمبادئ التدبير الاستراتيجي السياسي في شقه المتعلق بمسألة التنمية ، هذه الأخيرة يمكننا أن نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر : - ضرورة القيام بدراسات ميدانية ينحصر دورها في جمع المعطيات الضرورية للبدء في صياغة الخطوات الأولى التي ستمكننا من خلق تصور مبدئي لمشروع الإصلاح السياسي المزمع القيام به; - ضرورة توفير الموارد والإمكانات البشرية واللوجستية الكفيلة بضمان حسن تتبع وتحقيق مشروع التحديث ; - الاعتماد على مبدأ التقييم من اجل التعرف على الحصيلة ومن تمت اختيار إما نهج الاستمرارية أوالتقويم ; - ضرورة اعادة النظر في طريقة التعامل مع وسائل الاعلام السمعي البصري والمقروء، وذلك بهدف ضمان القيام بعملية تحسيس وتأطير المواطنين في المجالات المتعلقة بتدبير الشأن العام عبر منظومة الأحزاب السياسية - ضرورة احداث مراكز ودوريات حزبية يكون عمادها هو نهج سياسة القرب المواطن، الأمر الذي سيمكننا لا محالة من ضمان تأطير جيد للمواطنين تأطيرا ينبني في كنهه على المقاربة التشاركية والخصوصية الوطنية المحلية الجهويةو الاقليمية في تصريف القضايا المرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية الممكنة - اعتماد مبدأ التدقيق اعمالا لمبدأي المساءلة والمحاسبة الدستوريين; - اعتماد مبدأ النزاهة و الشفافية في تقلد المناصب سواء داخل الأحزاب السياسية أو خارجها; - اعتماد مبدأي الفعالية والمفعولية فيما يتعلق بإعداد البرامج الحزبية، وذلك انطلاقا من كونها تشكل خارطة طريق سياسية تنبني عليها قضايا التنميةالمستقبلية; - اعتماد مبدأ التقييم الثلاثي الأبعاد القصير المتوسط والطويل الأمد فيما يتعلق باليات الممارسة السياسية المتضمنة في البرامج الانتخابية - اعتماد مبدأ المشاركة على نطاق واسع،ونقصد بها ضرورة خلق برامج سياسية تشجع الشباب خاصة وجميع شرائح المجتمع عامة على الانخراط في العمل السياسي، مما سيفرز لنا أطرا شابة ومؤهلة قادرة على تحمل المسؤولية السياسية في المستقبل ; - اعتماد مبدأ المرونة في اتخاذ القرارات وتطبيقها على أرض الواقع ; - اعتماد مبدأ الإنتاجية، وذلك من أجل تحفيز الفاعلين السياسيين على بذل مجهودات أكبر ، مما سينعكس وبصفة مباشرة على جودة الخدمات السياسية التنموية الخ ...ذ إن التسويق السياسي، وان ثم الاعتماد عليه بأسسه التنظيمية ، سيمكن بلادنا من الرقي بمسلسل التنمية في شكل تحترم فيه الخصوصية المغربية ، في أفق استكمال ورش بناء دولة الحق والقانون التي تمزج بين الأصالة والمعاصرة.