"" كشف السفير الهندي بالمغرب،منذ بضعة أيام،لأحد أصدقائه المغاربة،عن خبر في غاية الأهمية،وفحواه أن الحكومة المغربية رفضت الترخيص ل 700 مستثمر هندي،أعلنوا عن اهتمامهم بالمغرب،كمجال لنشاطات اقتصادية متطورة،غير أنه وللمفاجأة الكبيرة،التي عبر السفير الهندي عن عدم فهمه لها،هو أن الحكومة المغربية لم تُعر للأمر اهتماما،بل ورفضت حتى مُجرد الرد بالسلب على الطلبات التي وُضعت لديها في هذا الشأن منذ شهور عديدة. السفير الأسيوي المذكور،مذهول حقا،أمام مثل هذا التصرف غير المفهوم من الحكومة المغربية. تقول بعض تفاصيل هذا الخبر أن السفير الهندي،الذي يُريد أن يجعل منصبه مُنتجا،حسب التوجه الذي تعمل وفقه حكومة بلاده،أشرف على دراسات اقتصادية بالمغرب،زود بها حكومة بلاده،ثم لتُحال على بعض كبار المستثمرين بني جلدته،وقد أثمرت جهود السفير الهندي،حيث استطاع أن يقنع بعضهم بجدوى الاستثمار في المغرب،وبعد استنفاذ كافة السبل الإدارية (من وضع الطلبات المُوثقة بما يلزم من دفاتر تحملات والكشف عن طبيعة الاستثمارات الصناعية والخدماتية..إلخ) جلس السفير في مكتبه مُنتظرا الرد من الحكومة المغربية..طال ذلك الانتظار حتى فهم الموظف الأسيوي السامي أن الرفض هو الرد غير المُعلن من إدارة الوزير الأول المغربي إدريس جطو. غير أن السفير الهندي لا يستطيع أن يفهم،بأن في المغرب اعتبارات أخرى،غير اقتصادية بالضرورة، تتحكم في الرد بالإيجاب على طلبات الاستثمار،ومنها،حسبما أسر لنا به أحد كبار الموظفين السابقين في ديوان الوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي،أن اللوبي التقنوقراطي المُتحكم في دواليب القرار الحكومي،يمنح الأولوية لطلبات الاستثمار الغربية،وبالأساس الفرنسية،مضيفا هذه الجملة القاتلة:"ليس في الأمر أية مُبالغة إذا ما سمعت أحدهم يقول لك أمام مثل هذه المعطيات الصادمة أن المغرب ما زال مستعمرة فرنسية". قد يكون في مثل هذا الرأي الكثير من الوجاهة،سيما إذا ما وضعنا في الاعتبار كتابات حديثة صادرة مؤخرا في فرنسا،لصحافيين فرنسيين لم تتمكن أجهزة المخزن من شراء ذممهم،ذهبوا إلى حد الوقوف عند معطيات خطيرة بصدد ارتهان القرار المغربي للمصالح الفرنسية،حيث نقل مثلا الصحافي الفرنسي المعروف "جون بيير توكوا" تصريحا لأحد الدبلوماسيين الفرنسيين قوله :"إن المغرب بالنسبة لفرنسا مثل البقرة الحلوب التي يجب حلبها بلا أدنى حشمة"..وذلك في سياق عرض الصحافي الفرنسي المذكور لمجموعة من المعطيات الدقيقة حول النفوذ الفرنسي:السياسي والاقتصادي والثقافي..في المغرب،في كتابه الصادر مؤخرا بعنوان :"إنني مدين لوالدكم بالكثير يا صاحب الجلالة". أما الصحافيان الفرنسيان "كاترين غراسييه ونيكولا بو" مُؤلفا الكتاب الذي أثار ضجة،لدى صدوره في مُستهل دجنبر الماضي،وحمل عنوان "حين يُصبح المغرب إسلاميا" فأكدا بالمعطيات الملموسة والمُفحمة،أن مسؤولين مغاربة حكوميين وموظفين كبار لا يقلون عن إدريس جطو وفتح الله ولعلو واندري أزولاي وأحيزون وإدريس بنهيمة يمنحون الامتيازات لفرنسا في مشاريع استثمارية كبيرة خدماتية وتجارية نظير امتيازات يتلقونها بالمقابل من "الأم" فرنسا،كما هو الشأن بالنسبة لمدير اتصالات المغرب "أحيزون" الذي ذهب به الأمر(حسبما أكده المُؤلفان بالحجج الدامغة) إلى حد تلقي رشاوي من شركة فيفاندي الفرنسية لقاء تسهيله لأمر تفويت "كعكة" اتصالات المغرب لها بشروط رخيصة جدا. هكذا يتضح أمر اللوبي الحكومي الذي لا يريد للاستثمارات، غير الغربية، والفرنسية بالأخص، أن تضع أقدامها في المغرب..وهي بضع مُعطيات لو اطلع عليها السفير الهندي المُجتهد، لبطُل عجبه..وعليه أيضا ان يحقن نفسه بهذه اللازمة التي يلوكها المغاربة بلا كلل أو مل،وهي "ما دمت في المغرب فلا تستغرب"..هذا إذا كان السفير الهندي يريد أن يُتم "سربيسه على خير" في "أجمل بلد في العالم" الذي "تُزينه" المتناقضات الألفية. [email protected]