هي رسالة أوجهها إلى شعب عرفت بعضا من أهله من خلال صداقات عابرة وأخرى راسخة..شعب أصبح يعيش بين ظهرانيه صديق عزيز جدا من أزمنة الطفولة والمراهقة الفكرية حين كان تداول الفلسفة أفضل سبيل لعدم تداول السجائر أو كؤوس البيرة..صديق اسمه طارق أذكره بخير الآن وهو يعيش هنيئا كأي مغربي-جزائري حر في مدينة "وركلة" بالجنوب الجزائري.. إنه شعب صديق، ولست أقول هذا الكلام مماراة لأحد لأني لست مجبرا على ذلك، وأصدقائي الجزائريون يعرفون هذا الكلام جيدا لأني كررته أمامهم مرارا وتكرارا... إنه شعب صديق.. ولكنه شعب صديق لذاته في نفس الوقت... يعلم أن حكامه هناك على شفى حفرة من خداع يساومون السياسة العامة بانشغالات الصحراء حتى لا تعلم طواحين الشعب ما تلوكه طواحين العسكر في مطاحن السياسة والاقتصاد...هو شعب سألت كل من صادفته أو صادقته من أفرداه عن موقف الجمهور هناك من مسألة الصحراء فكانت الإجابة كل مرة ولازالت هي "ماعلابالنيش" وقد سبق لي أن صرحت بهذا الكلام في جرائد أخرى من قبل. الجزائريون لا علاقة لهم بقضية الصحراء المغربية وهم يعون أكثر من غيرهم أن الحديث عن "تقرير المصير" ما هو إلا ملهاة كبرى ومسرحية عقيمة لازال الساسة في الجزائر يتبعونها ليلفتوا انتباه الجزائريين بعيدا عن ما تفعله "سوناتراك" في أرصدة عسكر الجزائر المفتوحة في جنة العالم المسماة سويسرا.. يضحكني كثيرا حديث المسرولين الجزائريين الرسميين عن منافحة الحكومة الجزائرية عن حق الشعوب في تقرير مصيرها... ألعن الملل كثيرا وأنا أستمع إلى هذا الرأي المضحك والمغرق في الاستحمار السياسي.. ولكي تدفع الجزائر الرسمية الأنظار عن مأزقها الأخير في الأممالمتحدة وفي قصر المرادية حيث لم يعد الرئيس يرقد وهو الذي قد لا يرقد هناك أبدا بعد اليوم، شافاه الله، هاهي تقول أن "صفعة الأممالمتحدة لها ما بعدها" وأن الصحراء بالنسبة لها تشبه كثيرا تيمور الشرقية وربما استحى االمسؤول الجزائري المحترم أن يقول لنا ربما أنها "أختها من الرضاعة"... هم يساندون حق الشعب في تقرير مصيره، أينما كان هذا الشعب؟ في المريخ، في المشتري، زحل، أورانوس، نبتون، أو حتى بلوتو أو عطارد لا يهم.. المهم أن رسميي الجزائر يؤيدون حقوق " الأشباح في تقرير مصيرها"...وحق الكائنات الفضائية في المطالبة بمجرة "التبانة" أرضا كونية لها... عموما هي أسطوانة مقرفة وليست مشروخة، لأن المشروخ على الأقل يظل محافظا على هيبته الموسيقية.. أما المقرف فهو ما تكرر مرارا ولم يعد له من معنى، أو محل من التصديق.. "يكلمونك عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها"، والشعب الجزائري الشقيق لم يتمكن بعد من تقرير مصيره مع الثروة التي بوسعه امتلاكها بفضل النفط والغاز المتدفقين فلا يعيشهما لأن التدفق ينصب نحو مصب يقع بعيدا عن جيوب المواطنين مختبأ في دهاليز وأدغال بنوك "سويسرا الاستيلائية"...صحيح أننا في المغرب لا نعيش "الجنة فوق الأرض" وصحيح أن الديمقراطية لا محل لها من الممارسة الحقة بعد، ولكننا على الأقل لا نسمح لأنفسنا بالتدخل للشؤون الداخلية للبلدان الأخرى تحت أي مسوغ كان وفي مقدمتها الجزائر.. أيها الجزائريون، أيتها الأجيال الصاعدة آناء الجمهورية الجزائرية الموالية، فكروا جيدا، وتذكروا أن الذئب تأكل من الشاة القاصية.. تذكروا أن العقول إن تظافرت والجغرافيا إن توحدت والدين إن جمع، واللغة إن اشتركت كانت تلك مقومات أولى للتوافق لا الاختلاف، فما الذي ستربحه الجزائر إن قسم المغرب؟ اطرحوا هذا السؤال على أنفسكم يا سادة الجيل الجديد.. اسألوا أنفسكم عن التاريخ وابحثوا واعلموا كم كان هذا الشعب المغربي دائما صديقا لكم..انظروا حولكم فمن تجدون غير تونس وليبيا والمغرب وما كان أسفل الصحراء.. انظروا حولكم لتروا أن أزمنة الفرقة قد انتهت وانظروا إلى أوربا كيف توحدت فيها سبع وعشرون دولة لا يكاد يجمع بين بعضها البعض ما قد يشترك على غرار ما قد "تفرق" "من قبل"... الحكومة الجزائرية تشتري السلاح أكثر مما تشتري القوت لأبنائها.. تشتري السلاح لتحارب من؟ إسرائيل؟ أم "كفار قريش؟ أم من تحديدا؟.. هي حرب وهمية وحالة من الشيزوفرينية المفتعلة وليلاحظ أشقائنا الجزائريون أننا أصحاب القضية ولكم أن تضعوا أنفسكم مكاننا فتروننا،مثلا، نتدخل في شؤونكم الداخلية من داخل تخوم جبال القبائل... أكيد لن يعجبكم الامر..أكيد.. لهذا لا يعجبنا نحن أيضا الأمر.. لا يعجبنا تدخل الجزائر في شؤوننا دونا عن بقية العالم.. لا يعجبنا أن تصرف حكومتكم أموال بملايير الدينارات من ثرواتكم الوطنية لإرشاء بعض قادة أفريقيا ومتسولي العالم الفقير للاعتراف بجبهة البوليساريو دولة وهمية في الوقت الذي لا تجدون أنتم فيه عملا ولو ببضع دينارات في اليوم.. أيها الجزائريون الأشقاء.. ماذا تفضلون.. جزائر قوية.. تعود فيها عائدات الشعب على أهلها، ومغرب قوي يقف بجنبها وتقف بجنبه، أم جزائر تضيع أموالها في حرب وهمية لا يختلف حولها المغاربة إطلاقا وتكونون أنتم أول المتضررين منها لأن أموالكم تذهب إلى أماكن لا علاقة لكم بها ولا تشكل بالنسبة لكم القضية الأولى؟... هل تريدون العيش في رفاهية تامة كما يعيش الكثيرون في الخليج العربي بفضل أموال النفط وتريدون تحديث بلدكم وتنميته، أم تريدون الجري وراء جنرالات ورثوا الجزائر عن بكرة أبيها بدعوى التحرير من الاستعمار ونهبوها ومنحوها لكل من يحارب من أجل قضية اختلقت لكي تلهيكم من الأساس؟.. أعلم يقينا أنكم ستختارون المغرب والجزائر، وليس العسكر والخراب... فتحياتي لكم جميعا..