رغم جو التضامن الذي أرادت أن ترسمه الحكومة من خلال حث المواطنين على المشاركة في الحملة الحالية للتبرع بالدم، والتي تميزت هذه السنة في بادرة هي الأولى من نوعها بالمشاركة الفعلية لعاهل البلاد، إلا أنه يمكن تسجيل غياب أية سياسة فعلية وواقعية من طرف هذه الحكومة للتغلب على مشكلة الخصاص في الدم الذي تعانيه مستشفيات المملكة من خلال التشجيع الفعلي على التبرع بالدم، كما فعلت إيطاليا منذ ما يزيد عن 50 سنة لتصل في سنة 2000 إلى تحقيق نوع من "الاكتفاء الذاتي" في هذا المجال. وبادرت إيطاليا منذ سنة 1967 إلى سن قوانين منظمة لعملية التبرع بالدم، هدفها التشجيع والتحفيز، فبالإضافة إلى الثقة التي وضعها المشرع الإيطالي في المجتمع المدني من خلال اعتبار كل الجمعيات العاملة في هذا المجال جمعيات ذات منفعة عامة، نصت القوانين على اعتبار يوم التبرع يوم عطلة مؤدى عنها من قبل صندوق الضمان الإجتماعي لجميع المستخدمين الذين يتبرعون بدمائهم. وتشارك في العملية التحسيسية، على مدار السنة، مختلف الهيئات المهنية والثقافية والرياضية وخاصة الدينية، حيث يلاحظ في السنوات الأخيرة المشاركة الفعالة للعديد من المساجد، ليتجاوز في السنوات الأخيرة عدد المتبرعين أكثر من ثلاثة ملايين شخصا، رغم طابع الشيخوخة الذي تتسم به الساكنة الإيطالية حيث لا يتم السماح بالتبرع إلا للذين تقل أعمارهم عن 65 سنة. ويحظى المتبرعون بالدم بإيطاليا بوضعية خاصة لدى مراكز تحاقن الدم التي هي في الغالب مرتبطة بمستشفيات جامعية، حيث تمكن المتبرع من جميع أنواع الفحوصات والتحاليل بالمجان، ويتم تقديم أكياس الدم للمرضى بالمجان. أما في المغرب، فإنه بالرغم من التوصيات التي يرفعها الفاعلون في مجال التبرع بالدم وخاصة من خلال المؤتمر الدولي الذي شهد دورته الثالثة في الصيف الماضي بمدينة مراكش، والتي تنص في مجملها على تحقيق ما سبقت إلى تحقيقه دول عديدة كإيطاليا خاصة الجانب القانوني منها، إلا أن الملاحظ أن نفس التوصيات تتكرر خلال كل دورة دون أن تصل إلى السياسيين الذين يحثون اليوم المواطنين للمشاركة في الحملة الوطنية للتبرع بالدم، متناسين بأن عملية التبرع لا يجب أن ترتبط بالحملات فقط، بل يتعين أن تتحول إلى سلوك ثقافي وحضاري بديهي. *متبرع بالدم بإيطاليا