لقد كثر الحديث في السنوات الأخيرة حول موضوع إقامة دولة يهودية خالصة، "دولة اشلومو" فمنذ خطاب الإرهابي أرييل شارون يوم 4 يونيو 2003 و الذي طالب فيه بالاعتراف ب"إسرائيل" كدولة يهودية، و أكد الرئيس بوش الابن على هذه المطلب، و كرر مجرم الحرب "إيهود أولمرت" المطلب نفسه، و ذلك أمام مؤتمر "أنابوليس" بحضور الوفود العربية، و تبعه باراك أوباما في مناسبتين، الأولى في خطابه أمام "الإيباك" سنة 2008 و أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شتنبر 2010. وهكذا يتضح أننا في الطريق نحو الإعلان عن قيام "دولة بني قريضة"... رائع أليس كذلك؟ ! مبدئيا أنا لست ضد قيام أية دولة على وجه الأرض، شرط احترام المعطى التاريخي و الديموغرافي و القانوني، و ألا تقوم على حساب دولة أخرى. لكن عندما يريد اشلومو اليهودي يستجيب أوباما الأمريكي و لو كره العالم، أما عندما يقوم الطرف الآخر و يطالب بقيام "دولة محمد" أي الدولة الإسلامية التي تطبق الشريعة هنا تقوم قيامة الإعلام الأوروبي و الأمريكي المتصهين و من يدور في فلكه، فيصبح عندنا إسهال تحليلي و أفواج ممن يسمون أنفسهم "خبراء" يهوّلون من "خطر" قيام هذه الدولة المسلمة و أنها ستكون وبالا على حرية التعبير و يصورونها بمثابة "فتح لباب جهنم" على العالم "الحر" و "المتمدن" و هذا ما تردد صداه في دولة مصر حول قضية "أخونة الدولة"، أما في تونس فحدث و لا حرج، و كيف دخلت فرنسا على خط الربيع العربي لتخويف الشعب التونسي من خطر الإسلاميين و أنهم يستغلون الديمقراطية لتحويل تونس إلى إمارة إسلامية! و انظر كيف ساعدت فرنسا الجيش الجزائري بالسلاح و اللوجيستيك لمنع "جبهة الإنقاذ" سنة 1992 من الوصول إلى الحكم بعد فوزها في انتخابات شهد العالم آنذاك بنزاهتها، و في المغرب فالتخويف من "الخطر الإسلامي" لازال قائما، و هذا يذكرني بنقاش على هامش إحدى التظاهرات في الرباط المساندة للمقاومة في غزة سنة 2008 مع أحد الرفاق –ماركسي لينيني- أو "سلفيي اليسار" إذا صح التعبير، فهذا الأخير ثار مع مجموعة من رفاقه عندما رفع الإخوان شعار "خيبر خيبر يا يهود ..." و اعتبر أن هذا الشعار ديني و طائفي و أن اليهودي ليس بالضرورة صهيوني، و أنه مع الطبقة العمالية في "إسرائيل" دون تمييز ديني و ضد رب العمل الصهيوني !. و شرح لي بالتفصيل الشعار المأخوذ من "البيان الشيوعي" لماركس و إنجلز سنة 1848 "يا عمّال العالم اتّحدوا"، و حاولت إقناعه بأن الصراع يؤطره الدين و ذكرته بالحديث المعجز الذي يقول فيه الرسول "ص" : "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود..." و قلت له بأن الحسم سيكون للمسلمين أصحاب القرآن على أصحاب التوراة، و بالواضح انتصار "دولة محمد" على "دولة اشليمو". و بعد ذلك افترقنا دون أن يقتنع أحدنا بطرح الآخر. و اليوم أظن أن الرفيق عندما يشاهد بوادر قيام دولة اشليمو سيعود إلى الكتاب و السنة لفهم أعمق خبايا الصراع. فأنا أتعجّب لأمر هؤلاء "الخبراء" كيف يقبلون قيام دولة "بني قينقاع" الدينية التوارتية التلموذية، و يرفضون دولة محمد، فلتكن الحرية كاملة يستفيد منها الجميع أو لا تكون . و في الأخير و هذا رأيي الشخصي، إن "دولة بني قريضة" ستقوم لا محال على أسس توراتية و سيُطرد فلسطينيو ال48 و سيعاد اجتياح الضفة و القطاع و يسقط حق العودة و تتعقد الأمور ثمّ تقوم حرب طاحنة ينجلي غبارها عن تحرير كامل فلسطين من النهر إلى البحر. المسألة مسألة وقت عسى أن يكون ذلك قريبا ...