بادئ البدأ أود تذكير القراء الكرام بمقالة كتبها الزميل عمر علوي ناسنا اختار لها كعنوان من يملك الحل في المغرب عنوان براق وسؤال يثير شهية القرراءة حتى لمن أضربوا على قراءة ما هب ودب مثلي واكتفوا بتأمل المشهد السياسي المغربي بصمت وخجل.. "" لكنني أكاد أجزم أنني أصبت بالإستحمار ( نسبة إلى السيد الحمار شرف الله قدركم ) عندما ضيعت وقتي في البحث بين ثنايا مقالة الزميل عن جواب لسؤاله. فكانت قرائتي لمقالته ضربا من ضروب مضيعة الوقت فقد بدا الزميل فعلته الفكرية بالجزم أنه لم يكتب دفاعا عن حكومة عباس الفاسي.. لكنه سفه عملية البحث عن بديل حزبي قادر على حلحلة السكون السياسي الذي أصاب المؤسسة الحزبية المغربية فأفقدها مصدقايتها وسحب الهيدورة ( وللهيدورة قصة يعرفها أبناء الإستقلال ) من تحت أقدام حزب السيد الفاسي وما تفرع عنه من روافد تتقن الكلام .. الكلام فقط.
الغريب أن الزميل عمر مر مرور الكرام وفي فقرة غامضة تكاد تشبه الهلوسة الفكرية ضمن تبريره لعدم دفاعه على السيد عباس الفاسي .. دعونا نقتبس من ( مقالته ) هذه الفقرة (( لست هنا لأدافع عن حكومة عباس الفاسي، غير أني أريد اليوم قراءة صناعة الحل وبناء النماذج البديلة التي تسوق في بورصة التداول السياسي تحت مسميات كثيرة وبمرور الجميع على ماهو جوهري خصوصا حين يكون ذاك الجوهري محميا بترسانة من الخطوط الحمراء. ))
بصريح العبارة كل ما فهمته من هذه الفقرة هو محاولة تلغيم فكر القارئ بمسميات وعبارات لا يقصد منها سوى الهروب إلى الوراء ورفع شعار البارحة كان أحسن وذلك بحشو عبارة ترسانة الخطوط الحمراء . كما لم يتحلى السيد المحلل بالشجاعة الكافية للتعريف بهذه الخطوط الحمراء ولو على سبيل فعل الخير حتى ينبهنا لهذه الخطوط كي لا نتجاوزها فيصيبنا ما أصاب الزميل حرمة الله..غموض صاحبنا تركنا نحلق بخيالنا هل يقصد فلان أم علان فالنماذج البديلة التي غازل بها عقولنا لم تبرز في مقالته ( أقول مقالة وإن الله غفور رحيم ) هل يريد صاحبنا الحديث عن النائب الهمة أم عن العدالة والتنمية ام لعله أصيب بدوار البحر فلم يدرك ما تخطه يداه.
وما كدت أصدق ان السيد عمر يحن بنا للماضي القريب حتى اكتشفت أنه ينقلب في مقالته على رفاق الأمس وينهال عليهم بالنعوت. اقرأوا معي هذه الفقرة : ((...وعلق الجميع آمالا على اليد التي طالما طرقت فوق منبر البرلمان معرفة الدولة الديموقراطية بأنها الدولة التي لا ترضي جناب الموازنة والتضخم على حساب المطالب الاجتماعية، لكنها ماكادت تستوزر حتى انقلبت على خطابها ومثلت دورا جديدا يتناسب وموضة العقلانية والحكمة الاقتصادية التي تفكر في المستثمر أكثر من ابن البلد )). ثم يعود ويلمح – بتسفيه وسخرية واضحة – لأي جديد خارج منظومة المتعارف عليه..
ويدور السيد عمر حول نفسه بحثا عن لون سياسي يتستر تحته فلم يجد غير شعارات جوفاء فتشدق بالحديث باسم المغاربة ووصفِ شكل ولو الحرية التي ينشدها المغرب. وبعد ان تأكد انه اعجز من أن يطرح جوابا لسؤاله ( من يملك الحل في المغرب) عاد وسفه سؤاله وضربه عرض الحائط فكتب يقول : ((السؤال ليس هو من يملك الحل في المغرب ؟ بل السؤال البديل هو من يملك المغرب؟))
وطبعا فهمنا شكل الحل من المنفيستو السياسي الذي ختم به صاحبنا ( مقالته ) مستغبيا قراء هذا الموقع الذي بدات تنهال عليه الكوارث والحشرات من كل حدب ومدونة..لا لشيء سوى لأنه حمل شعار الحرية والتعبير بحرية لكن مهلا مهلا للحرية حدود. والله يلعن ابوها حرية .. عندما يكتب مثل هذا المسخ ويسمى مقالة. لن استرسل في الرد على الفقرات فالرسالة واضحة من عنوانها .. لكنني سأسطر بعض الأجوبة حول ما صاغه صاحبنا من أسئلة عجز عن الإجابة عنها وسأعمل على فك رموز الكلام المشفر الذي اتضح لي أن هذه التميمة أو الفزورة ولنقل المقالة تقصده.
يا سادة يا كرام أراد صاحبنا تجريح مفهوم الحراك السياسي الذي يعرفه بلدنا بحثا عن بديل حزبي قادر عن بلوغ عقل الشعب المغربي وإقناعه بأن التجربة الحزبية القديمة تجاوزها العصر وان إحجام المغاربة عن التصويت لم يكن من سبيل الكسل السياسي ولكن من قبيل العجز التام لدى الفاعل الحزبي في بلورة طرح وبرنامج يحفظ ماء وجهه بعد تراكم النكسات وتكدس الفضائح .. هذا البديل الذي جاء البحث عنه كنتيجة حتمية لواقع سياسي أصيب بالشلل ولم يكن مؤامرة كما لمح لها السيد الكاتب غفر الله له.
إن البديل اي بديل حزبي كان ومهما تنوعت مصادره أو فرسانه هو حتما الطريق الوحيد الذي من شأنه بلورة نقاش وطني حر وجاد حول المخاطر التي تتهدد المغرب إذ العولماتية منها أو الجهادية والتي لن تتورع في إستعمال كل الوسائل لبلوغ أهدافها. لا يهم أن تنطلق نداءات التعديل الحزبي في المغرب من أي كان ولا مجال للحجر على أي مغربي وطمس روح المباردة والتنقيب عن الحل ليه .. لسنا هنا بصدد تغليب كفة الهمة أو غيره لكننا بصدد القول الصريح والحوار الواضح الذي لا يقبل التفسير بأكثر من وجه.
الهمة لم يأتي من فراغ بل أوجده الفراغ .. والمنطق السياسي والعقل يقول أن وجود الهمة بتكتله سيفرز ردود فعل أخرى لربما تأتي لمواجهة طرحه ومحاججة رؤيته والكلمة للشعب.
لن تسقط حكومة عباس الفاسي لأن عالي الهمة قادر على إعدامها ولن تسقط لأن الملك يريد تسليم مقاليد الوزارة الأولى لصديقه . فكل هذا الكلام محض خرمزة سياسية وتطاول على السياسة ..
قد تسقط حكومة السيد الفاسي لأنها ستكون قد عجزت على حفظ توازنها وخلق دعم شعبي يمنحها إكسير البقاء..والسؤال الأكثر شرعية.. من اين لهذه الحكومة الشرعية الشعبية.. هل اكتسبتها من القلة القليلة التي صوتت ؟ ام من الفداحات والأخطاء التي ارتكبتها منذ توليها في أكثر الملفات الخارجية حساسية .. سبتة ومليلية و قضية الصحراء..( إستدعاء سفير المغرب في داكار) وذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين ؟؟
لقد بات واضحا أن الحراك السياسي في المغرب يعيش ابهى ايامه ايا كانت نتيجة هذا الحراك ستكون أحسن من اللعب الذي ميز مرحلة طويلة من تاريخ البلاد..دعنا نفسح الطريق للتغيير ثم نحكم عليه أو لربما نحاكمه.