8 مارس الاحتفال باليوم العالمي للمرأة..المرأة المغربية بين المكتسبات والتحديات تحتفل الأسرة الدولية في كل 8 مارس باليوم العالمي للمرأة، وهذه السنة تحت شعار "تمكين المرأة في الريف من إنهاء الفقر والجوع " وأكد الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون أن النساء أحرزن تقدما ملموسا ومكاسب متزايدة على الصعيد العالمي في مجال الأعمال التجارية والسياسة والإدارة العامة، كما أن الكثير من الفتيات يلتحقن بالمدارس وينشأن موفورات الصحة ويمتلكن من الأدوات ما يساعدهن في تحقيق إمكانياتهن". وأضاف "إلا أنه ورغم هذا الزخم لا يزال الطريق طويلا أمام النساء والفتيات قبل أن يصبح بمقدورنا القول إنهن يتمتعن الآن بالحقوق الأساسية والحرية والكرامة التي هي من حقوقهن الطبيعية والمكتسبة بالولادة والتي ستكفل الرفاه لهن" مشيرا إلى " أن النساء والفتيات الريفيات يشكلن ربع سكان العالم ومع ذلك هن في أسفل مراتب المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بدءا من الدخل والتعليم والصحة ووصولا إلى المشاركة في صنع القرارات..." وبهذه المناسبة يستحضر المجتمع المغربي كل ما حققته المرأة المغربية في مختلف الميادين، وما أحرزته من مراتب متقدمة في العديد من المجالات. وتعد هذه المناسبة العالمية فرصة لمناقشة مشاكل المرأة وقضاياها المختلفة بالمغرب، ونظرا لأهمية ملف المرأة فقد تمّ تخصيص يوم وطني إضافة إلى اليوم العالمي للتذكير بدورها وحقوقها وهو يوم 10 أكتوبر من كل سنة، وهو ما يُظهر حضور المرأة المغربية في مختلف الأوراش الوطنية الكبرى، ومن ذلك تعيين جلالة الملك محمد السادس مؤخرا لعدة نساء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وفي اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، مما يدلّ على جدارتهن وعطائهن في شتى المستويات. وقد برزت وجوه نسائية عديدة على الساحة الوطنية، منهن وزيرات، وسفيرات بدول عديدة، إضافة إلى نساء سلطة وشرطيات في مواجهة الصعاب، برعن بفضل نضالهن في اقتحام وظائف مختلفة، كانت في السابق حكرا على الرجل. كما حققت الكفاءات النسائية المغربية في شتى بقاع العالم نجاحات كبيرة، حيث ثابرن في مجالات مهنية عديدة، وقدمن صورة مميزة عن وطنهن الأم، كما نجحن في بلاد المهجر في أوربا وأمريكا وآسيا وغيرها من البلدان. وقد اتخذت الدولة المغربية قرارات عديدة لإنصاف المرأة وإشراكها في كل أوراش البناء والتغيير، وشكل الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة في 09 مارس 2011، ثورة ملك وشعب في مغرب جديد، حيث أعلن فيه جلالته عن مراجعة دستورية عميقة تهدف إلى ترسيخ الديموقراطية وتعزيزها، كما شدد جلالته بالمناسبة على أهمية تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وضرورة مأسستها. حيث أعلن فيه - وفي إطار مشروع الإصلاح الشامل- عن ضرورة تعزيز مشاركة المرأة في تدبير الشأن الجهوي خاصة، وفي الحقوق السياسية عامة، وذلك بالتنصيص القانوني على تيسير ولوجها للمهام الإنتخابية . وتشكل مقتضيات الدستور الجديد قاطرة مهمة في ترسيخ الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في شموليتها. فمضامين الدستور الجديد للمملكة يكرس مبدأ المساواة والمناصفة والعدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص بين الجنسين، حيث أعطى مكانة خاصة لحقوق الإنسان في إطار المصالحة الوطنية الشاملة، وإنصاف الفئات المهمشة من أطفال وذوي الإحتياجات الخاصة والنساء. وقد استجاب الفصل التاسع عشر لمطالب عديدة للمرأة المغربية، حيث فتح آفاق مرحلة جديدة، بتنصيصه على أن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المساواة بين الرجال والنساء، وإقراره بإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز لأجل هذه الغاية. وبمقتضى هذه النصوص أصبحت المرأة المغربية تتمتع بالعديد من الحقوق السياسية التي كانت محرومة منها من قبل وهكذا يمكن القول إنّ الدستور الجديد يعدّ بمثابة قاطرة انتقال نحو المواطنة الكاملة للمرأة. وبالرغم من تعيين امرأة واحدة في الحكومة الحالية، وهو ما أثار استنكار الحركة النسائية المغربية بمختلف مكوناتها، والتي اعتبرت ذلك تراجعا عن مكاسب المرأة المغربية وعن مضمون الدستور المعدل، إلا أن ذلك لم يضعف الصفّ النسائي المغربي بقدر ما هو مدعاة لبذل المزيد من الجهود لتحتل المرأة المغربية مراتب أخرى موازية ومهمة، نظرا لما عُهد فيها من كفاءة عالية، ونأمل - كعنصر نسوي- ونحن نحتفل بمرور أزيد من قرن لليوم العالمي للمرأة أن نتذكر عام 2012 عاما محفزا ونقطة تحول إيجابية للنساء المغربيات. فبغض النظر عن العرق أواللون أو اللغة، فإن رهان كل مغربية يظلّ هو تفعيل مقتضيات الدستور الجديد. و يحق لنا اليوم أن نفتخر بالمرأة المغربية التي قطعت أشواطا مهمة، فحصلت على حقوقها السياسية عبر المراحل التاريخية وساهمت في الإنتاج مساهمة فعالة، وفتحت أمامها أبوابا لم تفتح بالأمس، ودخلت كل الميادين التي تتناسب مع إمكانياتها واختصاصاتها، وهكذا استطاعت انتزاع مكاسب لائقة بكرامتها كامرأة، وكعضو فاعل في مجتمع، يخطو خطوات ثابتة في طريق البناء الديمقراطي.