تقوم جبهة "البوليساريو" بتحرّكات استفزازية متتالية في المنطقة الصحراوية خلال الأيام الأخيرة، بالتزامن مع صدور تقرير مجلس الأمن الدولي نهاية الشهر الجاري، سعياً إلى لفت انتباه المجتمع الأممي، الذي لم يعد يصنّف نزاع الصحراء ضمن أولوياته في ظل الاستقرار الذي تنعم به الجهات الصحراوية. وقد بدأت تحركات "البوليساريو" باستفزاز القوات المسلحة الملكية في منطقة "امهيريز" العازلة، بعدما تظاهر عشرات الصحراويين القادمين من مخيمات تندوف مطالبين بتنظيم استفتاء بالصحراء، ثم أغلقوا في اليوم الموالي معبر "الكركرات" في عرقلة واضحة للحركة التجارية التي يعرفها المعبر الدولي. وقد تفاعلت الأممالمتحدة بصرامة مع هذه الاستفزازات المتواصلة من قبل الجبهة، داعية إلى عدم عرقلة حركة السير المدنية والتجارة المنتظمة والامتناع عن أي إجراء قد يشكل تغييرا في الوضع القائم في المنطقة العازلة ب "الكركارات". ومن وجهة نظر عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، فإن "الجبهة تحاول أن ترد ملف الصحراء إلى الواجهة الدولية، لا سيما أن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة وصف الوضع في الصحراء بأنه هادئ ومستقر". ويرى الفاتحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الأممالمتحدة تتمنى أن تنعم المناطق الساخنة بالأمان والاستقرار الذي تعيشه منطقة الصحراء"، مبرزا أنها "شهادة دولية بأن الصحراء لا تعيش أي انتهاكات أو تعذيب أو اختطاف، وغيرها من الأمور التي قد تهدد السلامة الجسدية والنفسية للأفراد". وأوضح الخبير القانوني المتتبع لخيوط قضية الصحراء أن "المواقف الراديكالية للجزائر وجبهة "البوليساريو" أفشلت المسار الذي حدده المبعوث السابق كوهلر، باعتماد المقاربة الواقعية في الموائد المستديرة"، مردفا: "الأممالمتحدة لم تقم بمجهودات من أجل تعيين مبعوث شخصي جديد إلى الصحراء". واستطرد شارحا: "لم نعد نسمع باقتراحات تعيين المبعوث الشخصي، أو حتى الحديث عن معايير الاختيار، أو ما يتعلق بالتوافقات الدولية، رغم التحركات الدبلوماسية التي تقوم بها الجزائر والجبهة قصد الإسراع بتعيينه؛ ما يعني بأن الهيئة الأممية باتت مقتنعة بعدم الاستعجال في ظل المتغيرات الدولية والمشكلات الإقليمية التي تضعها في سلم الأولوية". ملف الصحراء لا يوجد على سلم أولويات المجتمع الدولي طالما أن المنطقة هادئة، ولا توجد أي انتهاكات حقوقية واقتصادية واجتماعية؛ بل إنها صارت تصنف في مراتب متقدمة على مستوى التنمية"، وفق محدثنا، الذي أورد أن "الموقف التفاوضي المغربي أصبح قويا لأنه يلتزم بكافة مبادئ الشرعية الدولية". وتوقف الباحث في قضايا الصحراء عند الاستفزازات بقوله: "الخصوم يقومون بخرق شروط وقف إطلاق النار في ما يخص الكركرات؛ ما دفع منظمة الأممالمتحدة إلى المطالبة بعدم إغلاق المعبر التجاري الدولي، ما يعني أنها تعي بأنه لا إمكانية لتغيير الوضع القائم في المنطقة".