الرباط.. بقيادة البقالي وشارية وأوزين.. الإعلان عن تحالف سياسي جديد (صور)    المغرب استعاد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا (بايتاس)    الانتاج المرتقب للحوامض بحوض ملوية يفوق 192 ألف طن    من بينهم صوفيا بلمان.. اعتقال مؤثرين جزائريين بفرنسا بعد تورطهم في نشر مقاطع فيديو محرضة على الكراهية والعنف    إسبانيا تبرئ المغرب من "عرقلة" فتح الجمارك التجارية بسبتة ومليلية وترجع السبب لإجراءات تقنية    الموسيقار محمد بن عبد السلام في ذمة الله    بايتاس: عملية التسوية الجبائية تفوق التوقعات بأكثر من 127 مليار درهم    لقجع: معدل المديونية يبلغ 69 %    كواليس قرار ال UMT بشأن "الإضراب"    عون: اليوم تبدأ لبنان "مرحلة جديدة"    إسرائيل تتجاوز 46 ألف قتيل بغزة    موعد الجموع العامة لجامعة الكرة    الأهلي يعلن غياب داري 10 أيام    البرلمان يستمع لتقرير "الحسابات"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بحضور الوزيرة المنصوري.. مديرة الوكالة الحضرية لتطوان تلقي الضوء على برنامج تأهيل الأحياء الناقصة التجهيز بعمالة المضيق الفنيدق    أمن ولاية فاس…توقيف شخص ذوي السوابق القضائية للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بحيازة السلاح الابيض و تعريض حياة المواطنين للخطر    طرامواي الرباط-سلا.. توقف مؤقت للخدمة بين محطتي "قنطرة الحسن الثاني" و"ساحة 16 نونبر"    تفاصيل مثول مبدع أمام المحكمة    مجلس الحكومة يجدد الثقة في جمال حنفي على رأس الوكالة الحضرية للحسيمة    تسجيل 41 حالة إصابة بداء بوحمرون بعدد من المؤسسات السجنية    الحكومة تؤجل تدارس مشروع قانون إحداث وتنظيم مؤسسة الأعمال الاجتماعية لموظفي إدارة السجون    الموسيقار المغربي محمد بن عبد السلام في ذمة الله    تحليل: تصاعد التوتر بين المغرب وأوروبا يفتح الباب أمام نفوذ روسيا والصين    أخبار الساحة    أما زال للجزائر دور تقوم به، حتى لا تزرع الفوضى؟    الذهب يتراجع بعد أن وصل لأعلى مستوياته في نحو أربعة أسابيع    وست هام يُعيّن غراهام بوتر مدربا للفريق    إقبال جماهيري غير مسبوق على تذاكر مباراة الجيش الملكي والرجاء الرياضي في دوري أبطال إفريقيا    عبد السلام الكلاعي يحكي الحب في "سوناتا ليلية"    مارلاسكا: دعم المغرب إثر فيضانات إسبانيا يعكس "عمق العلاقات" بين البلدين    وزير الداخلية الإسباني: دعم المغرب لنا في فيضانات فالنسيا يعكس "عمق العلاقات" بين البلدين    بسبب حملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل.. كارفور تعلن إغلاق فروعها في سلطنة عُمان    يربط إسبانيا بجنوب المملكة.. شركة ريان إير تدشن خطًا جويًا جديدًا بين مدريد والداخلة    وادي "السلسيون": كوميديا الفشل في زمن النيوليبرالية    أخذنا على حين ′′غزة′′!    جواز السفر المغربي يسجل قفزة في التصنيف العالمي لعام 2025    "بوحمرون" يغزو أسوار السجون ويفتك بالنزلاء    وفاة الموسيقار محمد بنعبد السلام    مندوبية: رصد ما مجموعه 41 حالة إصابة بداء الحصبة بعدد من المؤسسات السجنية    حول الآخر في زمن المغرب ..    تايلور سويفت تتصدر مبيعات بريطانية قياسية للموسيقى    أتليتيكو يستغل غياب البارصا والريال    طوفان الأقصى: أوهام الصهيونية    أسعار النفط تواصل خسائرها وسط ارتفاع مخزونات الوقود الأمريكية    533 عاماً على سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام فى الأندلس    مشروع قانون الإضراب.. السكوري: الحكومة مستعدة للقيام ب "تعديلات جوهرية" استجابة لمطالب الشغيلة    المغرب إلى نصف النهائي في"دوري الملوك"    تعيين مهدي بنعطية مديرًا رياضيًا لأولمبيك مارسيليا    حصيلة حرائق لوس أنجليس ترتفع إلى خمسة قتلى    طنجة: ثلاث سنوات حبسا لطبيب وشريكه يتاجران في أدوية باهظة الثمن للمرضى    ترامب يقف أمام نعش الراحل كارتر    السجن المحلي لطنجة يتصدر وطنيا.. رصد 23 حالة إصابة بداء "بوحمرون"    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    منظة الصحة العالمية توضح بشأن مخاطر انتشار الفيروسات التنفسية    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدارس القرب زمن كورونا.. حق أم فضل؟
نشر في هسبريس يوم 12 - 10 - 2020

مع بداية كل موسم دراسي، تعيش الأسر الراغبة في انتقال أبنائها إلى المؤسسات القريبة من مقر سكناها في توتر شديد، نتيجة التماطل في تلبية رغباتها بالنسبة لبعضها أو رفض الطلب بالنسبة للبعض الآخر. وخلال هذه السنة "سنة الوباء" يرتفع منسوب القلق ليبلغ مداه نتيجة تضاعف عدد الإصابات بفيروس كورونا يوما بعد يوم، خلال الثمانية أشهر الماضية، لتظهر معه هواجس انتقال المرض بين الأفراد، فتسيطر على أولياء الأمور فكرة انتقال أبنائهم إلى مدارس القرب، قصد التخلي عن استعمال وسائل النقل العمومي، كإجراء وقائي يقلل من خطر الإصابة بالوباء ونقل العدوى للآخرين.
هذا السياق "الوبائي" الجديد يحيلنا على طرح التساؤلات التالية:
هل مدارس القرب حق أم فضل؟
ما هي الآثار السلبية التي تترتب عن رفض طلبات الانتقال إلى مؤسسات القرب؟
ما هي الإجراءات الإدارية والتربوية التي تيسر تدبير عمليات استقبال التلاميذ بمدارس الجوار؟
تعد مدارس القرب، تلك المؤسسات العمومية التي تستقطب التلاميذ الذين يسكنون بالأحياء المجاورة. ونظرا للوضعية الوبائية المقلقة التي تعيشها أغلب المدن، إثر ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس، أصبح الانتقال إلى تلك المدارس حقا ومطلبا تسعى جميع الأسر لتحقيقه، خوفا من انتشار المرض بين أبنائها نتيجة استعمال وسائل النقل العمومي.
وفي مقابل كل تلك الهواجس، تظهر بعض السلوكات الشاذة، التي تمنع بعض التلاميذ من حقهم في الانتقال إلى مؤسسات الجوار، بدعوى أن المؤسسات التعليمية العمومية لا يمكنها استيعاب أكثر من 20 تلميذا بكل فصل. هذا السلوك الشاذ يفتقد للواقعية والموضوعية ولا يتناسب مع الحقوق الشرعية للتلميذ. فهذه السنة استثنائية وتستدعى تدابير خاصة لاستقبال أفواج الوافدين من التلاميذ عليها، إذ عرف الموسم الماضي نسبة نجاح مرتفعة قاربت المئة بالمئة بالإضافة إلى هجرة عدد مهم من المتعلمين من مؤسسات التعليم الخصوصي إلى مدارس التعليم العمومي.
هذا الواقع الجديد، يلزم مؤسسات القرب توفير مقعد لكل تلميذ راغب في الانتقال إليها، مع تدبير ذلك بكل مسؤولية، واستحضار مصلحة التلميذ قبل الدوافع الذاتية، واعتبار السلامة الصحية لأبناء هذا الوطن، أولوية تستحق رؤية جديدة في تدبير المرفق التعليمي العمومي، تنتقل من التدبير الفرداني العمودي الذي تطغى عليه "عقلية مول العزيب"، إلى تدبير جماعي تشاركي تنخرط فيه كافة مكونات المجتمع المدرسي وعلى رأسها جمعية الآباء وأمهات وأولياء التلاميذ، باعتبارها ممثلا فاعلا بمجلس تدبير المؤسسة.
إن تدبير هذه الوضعية، يستدعي استحضار أبعاد متعددة تتنوع بين البعد النفسي والاجتماعي والاقتصادي. فقد عاشت جل الأسر أزمات خانقة خلال الأشهر القليلة الماضية، بسبب فترات الحجر الصحي وما ترتب عنها من قلق وخوف وضيق العيش وتفكك أسري بسبب البطالة.
ما هي الآثار السلبية التي تترتب عن رفض طلبات الانتقال إلى مؤسسات القرب؟
إن لرفض طلبات الانتقال إلى مؤسسات القرب آثار سلبية متعددة. فهواجس الإصابة بالعدوى نتيجة الاكتظاظ والازدحام الذي تعرفه محطات النقل العمومي، وداخل الحافلات، وبالشوارع المؤدية للمؤسسات التعليمية. والتعب والانهاك والتوتر المستمر الذي يصيب التلاميذ وذويهم جراء التنقل اليومي عبر وسائل النقل المشتركة، وكذا المضايقات والتحرش والاعتداءات الجسدية، التي تتعرض لها التلميذات والتلاميذ باستمرار، كل ذلك ينعكس سلبا على نفسية التلاميذ فتتدهور نتائجهم الدراسية كما تتأثر الأسر أيضا بذلك، فتعيش في قلق مستمر أثناء انتظار عودة أبنائها من المدارس سالمة معافاة.
ما هي الإجراءات الإدارية والتربوية التي تيسر تدبير عمليات استقبال التلاميذ بمدارس الجوار؟
إن تدبير عمليات استقبال التلاميذ بمؤسسات القرب، وما تتطلبه من مراعاة للظرفية الوبائية، تستلزم القيام بمجموعة من الإجراءات الإدارية والتربوية التي تيسر لمدارسنا العمومية استقبال أفواج الوافدين عليها في احترام تام للبروتوكول الصحي، مع الالتزام بتقديم تعليم جيد يستجيب للمعايير والمرجعيات المنظمة لعمليات التدريس.
أولها يرتبط بتدبير فضاءات الفصول الدراسية بشكل استثنائي بحيث يمكن أن تستوعب أكثر من 20 تلميذا بالفصل مع احترام مسافة التباعد 1.5 متر. هذه العملية تستدعي تزويد المؤسسات التعليمية بكل ما تحتاجه من طاولات إضافية حتى يحظى كل متعلم بمقعد خاص به.
أما ثانيها فيهتم بتدبير الزمن المدرسي وزمن التعلمات، بحيث يمكن للمؤسسات التعليمية الانتقال من العمل بفترتي تدريس إلى ثلاث فترات خلال اليوم الواحد. لما تتيحه هذه العملية من استغلال أفضل لفضاءات المدارس كما تساهم في التخفيف من عدد التلاميذ بالفصول الدراسية. إن هذه العمليات تتطلب من الجهات المسؤولة ترشيد توزيع الموارد البشرية على المؤسسات التعليمية وكذا تغيير البنيات التربوية حتى تتناسب مع توزيع التلاميذ على المسالك والشعب، بالإضافة إلى مراجعة المناهج والبرامج والتقليل من زمن التعلمات ومأسسة التعليم عن بعد لتدبير الاكتظاظ والخصاص الذي تعاني منه الفضاءات المدرسية وتعويضه بالفضاءات الافتراضية.
وثالثها يهتم بتعميم بعض الشعب الخاصة على مؤسسات الإقليم الواحد والعمل بنظام الأقطاب المدرسية. إن هذه العملية تتيح توزيعا جغرافيا متوازنا للمؤسسات التي تضم الشعب التقنية، لتصبح ضمن مؤسسات القرب التي بفضلها سيتمكن جل التلاميذ من الاستغناء عن وسائل النقل العمومي خلال تنقلهم نحو مدارسهم.
أما التدبير الأخير فيرتبط بتعزيز دور الاستشارة والتوجيه المدرسي في الارتقاء بالاختيارات الدراسية والمهنية للمتعلمين وجعلها تنبثق من رؤية ومشروع شخصي يسعى التلميذ من خلاله إلى إيجاد الروابط بين مؤهلاته وميوله وتطلعاته المهنية. لذلك فتفعيل دور الأستاذ الرئيس في المواكبة التربوية والنفسية، حضوريا أو عن بعد، سيساهم لا محالة في تجاوز التردد والعشوائية التي يمكن أن تصيب المتعلمين خلال تعبئتهم لبطاقات رغبات التوجيه المدرسي.
إن لإنضاج اختيارات التلاميذ دورا محوريا في ترشيد عمليات إعداد الخرائط التوقعية المدرسية وفي التدبير الجيد للبنيات التربوية للمؤسسات التعليمية. كما تجنب التلاميذ الوقوع في الاختيارات المتسرعة والوقوع في التردد والحيرة بين تغيير الشعبة أو التراجع عن اختيارها خلال فترات التوجيه وإعادة التوجيه كما ستساهم في الحفاظ على ثبات البنيات التربوية للمؤسسات التعليمية خلال السنة الدراسية.
خاتمة
رغم الهواجس والآلام التي لحقت المجتمعات جراء انتشار الوباء بين الأفراد والجماعات، إلا أن الجميع يتفق على أن زمن ما بعد كورونا يعد بداية إصلاحات جديدة تهم بالأساس الحكامة في تدبير المرفق التعليمي العمومي، حتى يصبح التلميذ فعلا محور العملية التعليمية التعلمية وفي قلب اهتمام منظومة التربية والتكوين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.