بعد خمسين عاما من وفاة واحد من أبرز أعلام الحداثة التشكيلية المغربية، اجتمعت على قبر الجيلالي الغرباوي بفاس، الأربعاء، وجوه فنية وأدبية وإدارية، في لقاء عرفان هو الأوّل من نوعه، بعد التّعرّف مؤخّرا على قبره. والجيلالي الغرباوي أحد أبرز مؤسّسي الحداثة التشكيلية بالمغرب، ولأعماله الفنية، اليوم، صيت عالميّ بارز، بعدما عاش حياة قاسية، طُويَت آخر صفحاتها على مقعد في ساحة "شون دو مارس" الباريسيّة، دفن بعدها بفاس في صمت. وبعدما سقط مرقَد الغرباوي الأخير من الذاكرة، جُدِّدَ بتنسيق بين ولاية جهة فاسمكناس ووزارة الثقافة والشباب والرياضة والمؤسّسة الوطنيّة للمتاحف، وعادَه مجموعة من الفاعلين الثقافيين المغاربة. وكان من بين الوجوه الحاضرة في لقاء الاعتراف هذا، المهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، والشاعر محمد بنيس، والفنان التشكيلي فؤاد بلامين، ومحمد بنيعقوب، مدير الفنون بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، ومحمد المنصوري الإدريسي، رئيس النقابة المغربية للفنانين التشكيليّين المحترفين. وجذبَ القبرُ الذي نُحِتَ عليه بحروف واضحة اسم الجيلالي الغرباوي، محمدا بنيس الذي نطق شعرا؛ فسلّم على الفقيد "أخا وحبيبا"، في حياته، وفي مماته، وفي حياته مرّات أخرى؛ لأنّه "الحاضر بيننا" وبين الآتين بعده. وناجى بنّيسُ الغرباويَّ، مسلّما على المبدع فيه، والغريبِ، وعلى ما أبدع، ومستحضرا حلمه بما هو جميل، ومستحيل، لبلده، وحبّه للألوان والخطوط. بدوره قال المهدي قطبي، في كلمته أمام قبر الفقيد، إنّ في هذا الموعد اعترافا شخصيا بفضل الغرباوي عليه، واعترافا للمغرب كاملا بفنّان كبير. وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، ذكر المهدي قطبي أنّ حدث تجديد قبر الجيلالي الغرباوي وتعريفه "مهم، وكبير، وعظيم"، وزاد: "بعد خمسين عاما مِن موته، نعيد له مكانه"، موردا: "جئنا وكأننا نحمل معنا هذا العدل لفنان كبير، أعطى الكثير للفنّ والفنانين المغاربة"، وكان، إلى جانب أحمد الشرقاوي، "من ساءَل الكلاسيكية والفلكلورية لجلب الحداثة". محمد المنصوري الإدريسي، رئيس النقابة المغربية للفنانين التّشكيليّين المحترفين، قال من جهته إنّ الاعتراف حتى بمدفن أحد كبار الفنانين المغاربة خطوة "جد مهمة وتاريخية، في تاريخ الحركة التشكيلية في المملكة المغربية". وأضاف المنصوري الإدريسي في تصريح لهسبريس: "هذا احتفال بالذاكرة، يعطي أهمية للذاكرة التاريخية التشكيلية المغربية، وهو أمر مهم جدا، يؤسِّس لاعتراف كبير بهذا القطاع الذي طالما أصابه شيء من التهميش".