شكك برلمانيون ينتمون إلى الأغلبية والمعارضة في قدرة "هيئة النزاهة" على مواجهة الفساد، وذلك ضمن المناقشة التفصيلية لمشروع القانون رقم 46.19 القاضي بإحداث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، اليوم الثلاثاء ضمن لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب. وقام المشروع بتوسيع مفهوم الفساد، وذلك عبر إعادة صياغة المقتضيات المتعلقة بتحديد المفهوم والتمييز بين نوعين من أفعال الفساد، مشيرا إلى أن الأول يتمثل في الأفعال التي تشكل جرائم بطبيعتها، إذ تكون عناصرها الجرمية واضحة، وتحيلها الهيئة على النيابة العامة المختصة. وعرّف المشروع النوع الثاني من الفساد بأنه "الأفعال التي تشكل مخالفات إدارية ومالية تكتسي طابعا خاصا دون أن ترقى إلى درجة تكييفها كجرائم قائمة بذاتها"، مشيرا إلى "تمكين الهيئة من إجراء أبحاث وتحريات وإعداد تقارير تحيلها على السلطات والهيئات المختصة، لتحريك المتابعة التأديبية أو الجنائية حسب الحالة". البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة هشام المهاجري شدد على أن "الفساد أسرع من المشرع والتنظيم، لأن له صيغ حديثة أسرع من الهواتف الذكية"، وفق تعبيره، معتبرا أن "الرشوة في المغرب قابلة للخصم من الضرائب، وهي معروفة، ويتم توجيهها أحيانا عن طريق دعم جمعية أو غيرها". وسجل المهاجري أن مشروع القانون حصر الفساد في الإستراتيجيات والتحسيس، وتجاهل كيفية وقفه، وزاد متسائلا إن كان القانون يسعى إلى إحداث نيابة عامة أخرى أو أن المطلوب هو إنشاء هيئة للافتحاص والتنبيه ووضع المناهج، والبحث في الشبهات. من جهتها ترى بثينة قروري، البرلمانية عن فريق العدالة والتنمية، أن تضارب المصالح هو المدخل الرئيس للفساد، مبرزة أن "تسريب المعلومات التي تهم مثلا بناء الطرق للمقاولات وغيرها وما يرافقها من تضارب يعد فسادا كبيرا". قروري ترى أن "تعريف مشروع القانون للفساد نص على تشريعات خاصة تتطلب توضيحات، لأنه تجب الإحاطة بمجمل أشكال وأنواع الفساد"، مبرزة أن "الوكالة الوطنية لمحاربة الفساد في فرنسا من صلاحياتها تلقي التبليغات عن الشركات المختلطة التي تتوفر للدولة أسهم فيها حول شبهات الفساد في هذه المقاولات". ونبهت قروري إلى أن "تعريف الفساد في مشروع القانون يصب فقط في القطاع العمومي"، متسائلة إن كانت صلاحيات الهيئة ستشمل الشركات التي للدولة فيها أسهم، وكذلك الجماعات الترابية التي يمكن أن تعرف الفساد.