حثّ تقرير رسمي، صدر الأسبوع الجاري، السلطات العُمومية على تسريع تنفيذ الإصلاح المقياسي لأنظمة التقاعد الأساسية بالمغرب، وضمان موارد تمويل مناسبة لها لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها. وكانت السلطات شرعت في تنفيذ جزء من هذا الإصلاح المقياسي للصندوق المغربي للتقاعد في شتنبر من سنة 2016، وشمل ذلك الرفع من سن التقاعد ونسبة المساهمة والنسبة السنوية للأقساط ووعاء تصفية المعاشات. وتُعاني بعض أنظمة التقاعد في المغرب عجزاً منذ سنوات، فيما تواجه أخرى عجزاً مستقبلياً يُهدد أداء المعاشات، وذلك بسبب انخفاض المُعامل الديمغرافي، بحيث يرتفع عدد المتقاعدين مقارنة مع المساهمين. وجاءت دعوة تسريع الإصلاح المقياسي لأنظمة التقاعد الأساسية ضمن تقرير "الاستقرار المالي لسنة 2019"، وهو عمل مشترك لبنك المغرب وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي والهيئة المغربية لسوق الرساميل. وجاء في التقرير أن احتياطات نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، الذي يُدبر معاشات الموظفين العموميين، يواجه خطر استنزاف احتياطاته بحلول سنة 2026 أو 2027، وهو ما يحتم على الدولة اتخاذ إجراءات لتفادي هذا السيناريو. أما فرع التقاعد في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الخاص بأجراء القطاع الخاص، فيتوفر على هامش مناورة أكبر لتصحيح استدامته على المدى الطويل بفضل الدينامية الديموغرافية المسجلة في القطاع الخاص. وأكد التقرير أن مراجعة العديد من معايير اشتغال فرع التقاعد التابع للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في إطار الإصلاح المقياسي سيُمكن من ضمان استدامته على المدى الطويل، ويشير إلى أن المساهمات المحصلة من طرف أنظمة التقاعد بالمغرب بمُجملها بلغت 48.9 مليارات درهم خلال 2019، وهو ما يمثل 4.2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو أقل من الالتزامات التي تمت تأديتها. وحسب مُعطيات التقرير فإن الخدمات المقدمة من طرف هذه الأنظمة التي يشرف عليها كل من الصندوق المغربي للتقاعد، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والصندوق المهني المغربي للتقاعد، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، بلغت 52.6 مليارات درهم، أي ما يمثل 4.6 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ويبلغ عدد المساهمين النشيطين في هذه الأنظمة حوالي 4.7 ملايين مُساهم، أي ما يمثل 42.4 في المائة من الساكنة النشيطة العاملة (57 في المائة من الساكنة النشيطة بدون تغطية اجتماعية). وقد ارتفعت الاحتياطيات التي شكلتها هذه الأنظمة بنسبة 3.3 في المائة مقارنةً مع سنة 2018، لتبلغ حوالي 320.4 مليارات درهم. ولفت المصر ذاته إلى أن احتياطيات نظام رواتب التقاعد المدنية التابع للصندوق المغربي للتقاعد، الذي كان رصيده الإجمالي يعرف عجزاً لعدة سنوات، سجلت انخفاضاً سنوياً متوسطاً نسبته 2.4 في المائة، على مدى السنوات الثلاث الماضية، ليبلغ 80.2 مليار درهم سنة 2019. وبخصوص الرصيد التقني لنظام رواتب التقاعد المدنية التابع للصندوق المغربي للتقاعد، الذي يُسجل عجزاً منذ 2014، فقد عرف تحسناً مقارنة بسنة 2018 بفضل زيادة أكبر للمساهمات ب14.8 في المائة مُقارنة مع الخدمات المقدمة من طرف هذا النظام ب8.6 في المائة، ليصبح العجز الإجمالي 1.3 مليارات درهم عوض 2.7 مليارات درهم سنة 2018. أما العجز التقني للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد فبلغ نهاية السنة الماضية حوالي 2.7 مليار درهم مقابل 2.5 مليار درهم خلال 2018، بينما مكن رصيد المعاملات المالية من امتصاص هذا العجز وبلوغ الرصيد الإجمالي لهذا النظام 1.7 مليارات درهم مقابل 1.3 مليارات درهم سنة 2018. ويشير التقرير إلى أن فرع التقاعد التابع للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الخاص بالقطاع الخاص، سجل من جهته فائضاً تقنياً بلغ 1.8 مليارات درهم مقابل 1.9 مليارات درهم سنة 2018، مضيفًا أن المنتجات المالية للفرع مكنت من تسجيل فائض إجمالي بقيمة 3.1 مليار درهم، بزيادة نسبتها 7 في المائة مقارنة مع مستواه خلال السنة السابقة. أما الرصيدان التقني والعام للصندوق المهني المغربي للتقاعد فحققا 2.5 مليارات درهم و5.6 مليارات درهم على التوالي. ومن المرتقب أن يسجل هذا النظام عجزاً تقنياً ابتداء من سنة 2057، بينما سيظل الرصيد الإجمالي يُسجل فائضاً طيلة مدة التوقعات وسيواصل مراكمة الاحتياطات التي ستبقى على اتجاه تصاعدي.