يرتبط النمو اللغوي بنضج النسق العصبي وبتعليمات مبرمجة مسبقا في الدماغ، كما جاء ذلك عند لينبيرغ (1967) Lenneberg في كتابه "الأسس البيولوجية للغة". فعند الوصول إلى سن البلوغ يمر كل شيء وكأن الدماغ وصل إلى بنية عصبية فيزيولوجية نهائية، تظهر من خلال تحولات بنيوية مورفولوجية وأحياء كيميائية وكهرودماغية تحدث خلال هذه الفترة. ويتلو هذه التغيرات تراجع في اللدونة الوظيفية للنسق العصبي المركزي، مما ينتج عنه أن اكتساب الألسنة الذي لم يحدث بعد، لا يمكنه أن يحدث لاحقا، وهذا الأمر يظهر عند الأطفال العاديين وأيضا عند المتأخرين ذهنيا، كما جاء عند روندال (1975) Rondal. ويظهر أثر المرحلة الحرجة على اكتساب اللغة الأم في مستويات البنية اللسانية الصوتية والصرفية والنحوية، وعلى مستوى المعجم والدلالة، وعلى مختلف مقاييس فهم اللغة المعالجة (فهم الرواية مثلا، والتأويل والمعالجة النحوية وغيرها). ويرى فريديريك ميشيل وهيلين نيفيل (2002) Michell & Helen Neville Frederick أن التأخر في معالجة المعلومة النحوية في ارتباطه بالعمر يختلف عن التأخر في معالجة المعجم والدلالة. فالأنساق النحوية تستجيب بصورة كبيرة للتجربة اللغوية والعمر، خلافا للأنساق المعجمية والدلالية التي تكون قابليتها للتغيير ضعيفة. فقد أثبتت الدراسات أن لاكتساب اللغة الأولى أثر على تنظيم الدماغ، وأن التعرض للتجربة يحدد نمو الأنساق اللغوية الواردة فيه، حيث يلاحظ نوع من النمو أثناء اكتساب اللغة الأم. وهذه التغييرات تختلف عن تلك التي تحدث في مرحلة النضج. وأظهرت الاختبارات التي أجريت على أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 13 و20 شهرا أنهم في الشهر 13 من عمرهم يبرز أثر فهمهم للكلمات على المناطق الأمامية والخلفية لنصفي الدماغ معا. أما في الشهر 20 فيلاحظ هذا الأثر على المناطق الصدغية والجدارية لنصف الدماغ الأيسر. أما المقارنة بين الأطفال الذين تتطابق أعمارهم ويختلف مقياس المعجم لديهم، فقد بينت التجربة اللغوية والمعرفية توقعا في اختلاف نضج تنظيمهم الداخلي. ويتحدد مكان المعجم ودلالات الكلمات عند أطفال 13شهرا ممن يمتلكون معجما كبيرا في الجهة الصدغية الأمامية اليسرى، خلافا للأطفال الذين لديهم معجم ضعيف. ونفس الأمر ينطبق على نمو طبقة الكلمات المفتوحة (الأفعال والأسماء) وطبقة الكلمات المغلقة (الحروف والروابط). وحينما يبدأ الأطفال بإنتاج جمل قصيرة ما بين 28 و30 شهرا، تطرح طبقة الكلمات المفتوحة والمغلقة صورا مختلفة لنشاط الدماغ. ففي الشهر 36 يبدأ الأطفال بتكلم جمل اللغة واستعمال الطبقة المغلقة من الكلمات كما يشرعون في تحديد العلاقات النحوية مثل البالغين. ولذلك يرى ميشيل ونيفيل أن الأنساق تبدأ بالتخصص تدريجيا تبعا لنوع اللغة الدخل والتجربة. كما أظهر اختبار أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 20 و42 شهرا أنهم جميعهم يمتلكون قدرة على فهم وإنتاج الكلمات من الطبقة المغلقة. وهذه المعطيات تؤكد أن المراحل الأولى من نمو اللغة، حينما يبدأ الأطفال بإنتاج كلمة أو كلمتين، تطرح كلمات الطبقة المفتوحة والمغلقة خطاطات متماثلة لنشاط الدماغ. ويرى اكريستال (2003) Cristal عموما أن الخصائص النحوية والصوتية يستمر اكتسابها إلى غاية البلوغ. والكثير من تلك المهارات تتأسس قبل سن الخامسة من عمر الطفل. وبعض المهارات اللسانية في الدلالات والتداوليات تنمو في سن العاشرة من عمره.