بعد ثلاثة أشهر من الإغلاق، عادت الأسواق الكبرى بالدارالبيضاء لتفتح أبوابها الخميس، رغم الحالة الوبائية التي تعرفها البلاد بسبب جائحة كورونا. المئات من التجار توافدوا على محلاتهم منذ الصباح الباكر؛ بالنسبة لهم العودة إلى عملهم مثل من يولد من جديد، لاسيما أن ثلاثة أشهر من الإغلاق تعني خسارة مالية كبيرة تكبدها كل محل على حدة. محلات القريعة تنفض الغبار سوق القريعة، أحد أكبر الأسواق بالدارالبيضاء، عرف صباح اليوم حركة كبيرة وعودة الحياة إليه، بعدما ظلت محلاته مغلقة طوال مرحلة الطوارئ الصحية. المئات من التجار في هذا السوق الكبير، تزامنا مع تخفيف الحجر الصحي، لم يترددوا في القدوم باكرا لفتح محلاتهم، ونفض الغبار عن السلع المتواجدة بها، التي دفعت الطوارئ إلى جعلها مكدسة على الرفوف منذ صدور قرار الإغلاق من طرف السلطات الحكومية. بعض المهنيين كانوا يتوقعون عدم افتتاح المحلات، ومنهم من دعا إلى ذلك، لكن التجار كان لهم رأي آخر، إذ بادروا منذ ساعات الصباح الباكر إلى القدوم إلى سوق القريعة الشهير، وفتح الأبواب من جديد، عسى أن يشرعوا في تجاوز الأضرار التي لحقت بهم. وكان بعض التجار يستخرجون السلع المخزنة في "الكارطون"، بينما يعمل المستخدمون رفقتهم بهذه المحلات على تنظيم السلع ووضعها في الرفوف وإعادة ترتيبها من جديد، واستبدال "الموديلات" القديمة بأخرى حديثة. أما البعض الآخر فكانوا منهمكين في تفعيل إجراءات التعقيم، التي سيتم العمل بها في الأيام المقبلة مع بدء توافد الزبائن على هذه المحلات، تفاديا لأي إصابة بفيروس كورونا المستجد. ويؤكد أحد التجار، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الافتتاح كان ضروريا لتفادي مزيد من تبعات الأزمة الخانقة التي يتخبطون فيها، لافتا إلى كون الوضع لم يعد يحتمل الصبر أكثر، إذ صارت الديون وغيرها تلاحق الكثيرين. وحسب هذا التاجر فإن الافتتاح اليوم ليس بغرض البيع، موردا: "كما ترون، فلا وجود لزبائن، ونحن ندرك هذا الأمر؛ فلا يمكن أن يغامر مواطنون بصحتهم للقدوم إلى سوق قريعة إذا لم يلاحظوا أن المحلات قامت بإجراءات للحفاظ على صحة الجميع". هذا الأمر أكده رئيس جمعية وفاق القريعة للتجار والصناع وأصحاب الخدمات، رشيد نجم، الذي تحدث عن كون البداية صعبة، وتتطلب بذل مجهود كبير من طرف الجميع لتكون الانطلاقة جيدة في الأيام المقبلة. ولفت نجم، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى كون غالبية التجار رغم فتح محلاتهم إلا أنهم وجدوا عدة صعوبات، تتمثل في كون بعض العاملين لديهم مازالوا متواجدين خارج الدارالبيضاء، ما يعني وجوب تدخل السلطات المحلية لتسهيل تنقلهم لضمان استئناف النشاط بالشكل الجيد. وأوضح المتحدث نفسه أن الجمعية، وبتنسيق مع السلطات المحلية، تعمل على توعية التجار في سوق القريعة، من أجل اتباع ألتعليمات الصحية، واتخاذ التدابير الصحية، لتفادي إصابة العاملين أو الزبائن بفيروس كورونا. إقبال بدرب عمر وكراج علال على مستوى شارع محمد السادس المعروف ب"طريق مديونة"، بدت اليوم جميع المحلات مفتوحة، والقيساريات المعروفة نشيطة، حيث توافد التجار والمواطنون عليها، بعدما حرموا منها لأسابيع عديدة بسبب الجائحة. "كراج علال"، المعروف بحيويته والحركية والدينامية التي يخلقها في الاقتصاد الوطني، عادت مختلف القيساريات المتواجدة به لفتح أبوابها واستئناف نشاطها. باعة التجهيزات المنزلية، والمواد الغذائية، والملابس وغيرها، لم ينتظروا وقتا أطول، إذ سارعوا إلى فتح المحلات من جديد واستقبال الزبائن الذين افتقدوهم خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وعلى مستوى درب عمر، الأمر نفسه، إقبال من طرف المواطنين والباعة على محلات البيع بالجملة، التي فتحت من جديد تزامنا مع إجراءات تخفيف الحجر الصحي. غير أن الهاجس الصحي يظل حاضرا بالنسبة لهؤلاء الباعة الذين يؤكدون على وجوب الاستمرار في اتباع التعليمات الصحية قبل البيع والشراء. حسب الطيب أجيك، رئيس اتحاد التجار والمستوردين كراج علال، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، فإن الهاجس الصحي يظل على رأس أولويات التجار، داعيا إياهم إلى مزيد من الحذر وعدم التهاون في هذه الظرفية. وأوضح الطيب أن المحلات التجارية التي فتحت أبوابها اليوم تعمل على تجاوز المدة التي قضتها وهي مغلقة، لكن ذلك لا يجب أن يتم دون الالتزام بالتعليمات الصحية المعمول بها من لدن السلطات في البلاد، وذلك حماية للتجار والزبائن. ويأتي شروع تجار الدارالبيضاء في فتح محلاتهم بعدما قررت السلطات العمومية تنزيل مخطط التخفيف من تدابير الحجر الصحي حسب الحالة الوبائية لكل عمالة أو إقليم، وبصفة تدريجية عبر عدة مراحل ابتداء من يومه الخميس، حيث جاءت الدارالبيضاء، في المنطقة الثانية. وحسب السلطات، سيتم خلال المرحلة الأولى، التي تبتدئ من 11 يونيو 2020، الشروع في التخفيف من قيود الحجر الصحي، عبر استئناف الأنشطة الاقتصادية على المستوى الوطني المتمثّلة في الأنشطة الصناعية، والأنشطة التجارية، وأنشطة الصناعة التقليدية، وأنشطة القرب والمهن الصغرى للقرب، وتجارة القرب، والمهن الحرة والمهن المماثلة، وإعادة فتح الأسواق الأسبوعية.