نال نيْزكان مغربيان يسمّيان "واد لحطيبة" و"الفارسية" اعتراف الجمعية العالمية للنيازك، بعد مضيّ عشرة شهور على سقوطهما في المغرب، وتحديدا في منطقة واد نون، حيث سقط النيزك الأول، فيما سقط النيزك الثاني في منطقة لحمادة، جنوب المغرب. ويعود تاريخ سقوط النيزك الأول في منطقة واد نون إلى يوم 27 يونيو 2019، حيث عاين سكان في المنطقة، لبضع ثوان، عند الساعة الخامسة مساء، خطا مضيئا بالأصفر تحول فيما بعد إلى اللون الأحمر أخذ مسارا من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي، دون تسجيل أي انفجار. وبعد شيوع الخبر، انتقل صيادو النيازك إلى المكان المفترض لسقوط النيزك الذي شاهده أهل المنطقة، وعثروا بعد يومين من البحث على القِطع الأولى للنيزك. ويوم 20 غشت، عاين مواطنون في منطقة لحمادة قرب لمحبس، نيزكا آخر على الساعة ال1.15 صباحا، على شكل كرة نارية حمراء تعْبر الغيوم متجهة من الشمال إلى الجنوب، حيث عثر صيادو النيازك في صباح اليوم الموالي على القطع الأولى من النيزك الذي كان سقوطه مصحوبا بانفجارين. وحسب المعطيات التي نشرها معهد GAIA، التابع لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، فإن الجمعية المغربية للنيازك وأحد صيادي النيازك قدما عينات من النيزكين اللذين عثرا عليهما، من أجل دراستهما وتحليلهما؛ وهو ما ساعد العلماء على جمع المعلومات الميدانية لتحديد إحداثيات النيازك وكتْلتها، وتم كذلك الاستماع إلى معلومات تفصيلية قدمها شهود عيان. إضافة إلى ذلك، أخضعت الدكتورة حسناء الشناوي، مديرة مختبر GAIA، بمساعدة الطالبة فاطمة الزهراء جديدة، وهي طالبة في سلك الدكتوراه، عيّنات من النيزكين للدراسة البتروغرافية والمعدنية. كما خضعت عينات من النيزكيْن لتحليلات جيوكيميائية للبلورات بواسطة المحلل المجهري الإلكتروني، من طرف الخبير كارل أجي، وهو مرجع عالمي في دراسة النيازك، من معهد النيازك بجامعة نيومكسيكو بالولايات المتحدةالأمريكية. وتُعد هذه البيانات، وفق المعلومات التي قدمها مختبر GAIA، أساسية ومطلوبة لدى اللجنة الدولية لتسمية النيازك التابعة للجمعية العالمية للنيازك، وهي الجمعية الوحيدة التي تصادق على تصنيف النيازك وتسميتها، والتي نشرت، رسميا، يوم 9 ماي الجاري، إعلانيْن للنيْزكين المغربيين الجديدين. اعتراف الجمعية العالمية للنيازك بالنيْزكين المغربيين الجديدين هو ثمرة المجهود الذي يبذله مختبر GAIA منذ حوالي عشرين سنة، حيث مكّن العمل الذي بدأه خبراء هذا المختبر سنة 2001 من تعريف النيازك التي تسقط في المغرب، وبالتالي معرفة مصدرها، بعدما كان مصدرها، في السابق، مُبهما، حيث يبيعها صيادو النيازك بأسماء مجهولة على أساس أنها قادمة من شمال إفريقيا، دون تحديد حتى المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها. "الآن أصبحنا نسمّي كل النيازك التي تسقط في المغرب بأسماء مغربية، وهذا مكتسب مهم"، تقول حسناء الشناوي، مديرة GAIA، موضحة أن عملية تسمية النيازك بأسماء مغربية ليست بالأمر الهيّن؛ بل تتطلب بحثا عميقا، حيث يتم فحص خريطة المنطقة التي سقط فيها النيزك فحصا دقيقا، قبل تسميته باسم أقرب منطقة إلى النقطة الجغرافية التي سقط فيها. وأضافت الشناوي، في تصريح لهسبريس، أن المغرب أصبح يحتلّ مرتبة عالمية معترفا بها دوليا في مجال البحث العلمي المتعلق بالنيازك، سواء من خلال السمعة التي يحظى بها معهد GAIAأو من حيث الأبحاث والمقالات العلمية التي يتم نشرها في هذا المجال في مجلات علمية محكّمة. وتتألّف الجمعية العالمية للنيازك 12 خبيرا دوليا؛ من بينهم المغربية حسناء الشناوي، التي ترى أن حضورها ضمن هيئة الخبراء المؤلِّفة لهذه الجمعية "يعدّ فخرا بالنسبة للمغرب". وحسب المعطيات التي قدمها معهد GAIA، فقد قُدرت الكتلة الإجمالية للنيزك المسمى "واد لحطيبة" ب20 كيلوغراما، وهو من نوع الكوندريت العادي (H5)، والكوندريت هي المادة التي تتشكل منها أغلب النيازك. وقُدرت كتلة النيزك الثاني، الذي أطلق عليه اسم "الفارسية"، ب1.3 كيلوغرامات، وصُنف ضمن نوع الكوندريت العادي L6. واعتبر معهد GAIA أن المغرب يعد من بين الدول الأحسن تنظيما في العالم من حيث الإعلان عن السقوط النيزكي، ويعرف حركية كبيرة في هذ المجال، مشيرا إلى أن هذه الحركية انطلقت من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء منذ 2001. وأشار المصدر عينه إلى أن هذه الحركية تعطي للبحث العلمي المقام بالجامعة مكانة مهمة داخل المغرب وخارجه على المستوى العالمي، إذ سبق لها تنظيم الاجتماع السنوي السابع والسبعين للجمعية العالمية للنيازك في شتنبر 2014 الذي أقيم لأول مرة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وشارك فيه 420 باحثا، بينهم 40 باحثا من وكالة NASA. وبنشْر إعلانيْهما رسميا، ينضمّ نيْزكا "واد لحطيبة" و"الفارسية"، اللذان سُميا بهذين الاسميْن لكونهما أسماء مغربية قريبة من مناطق سقوط النيزكين، إلى قائمة النيازك المغربية التي نالت اعتراف الجمعية العالمية للنيازك.