دخلت منظّمة "هيومن رايتس ووتش" على خطّ تسريب المعلومات الشخصية لمجموعة من المثليين المغاربة على صفحات موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"انستغرام"، واصفة ما حدث ب"حملة مضايقات عبر الإنترنت في المغرب، سحقت خصوصية رجال يُفترض أنهم مثليون ومزدوجو التوجه الجنسي، ما قد يُعرضهم للأذى الجسدي، والمتابعة القضائية، والتدابير التمييزية". وطلبت المنظّمة، في بيان لها، من الحكومة المغربية: "إنفاذ الحق في الخصوصية، وإلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية". وقال غرايم ريد، مدير قسم حقوق "مجتمع الميم" في "هيومن رايتس ووتش"، إنّ "عواقب كشف التوجه الجنسي المفترض قد تضر بسبل عيش أفراد مجتمع الميم، وسلامتهم، وصحتهم العقلية". وأضاف: "ينبغي للسلطات المغربية أن تتدخل فورا لحماية خصوصية أفراد مجتمع الميم، وإلغاء القوانين التي تناهضهم والتي لا يمكن إلا أن تُغذي السلوك المعادي للمثلية". وذكر بيان المنظّمة أنّ الدستور المغربي يكرّس الحق في الخصوصية، ويُجرّم القانون الجنائي كل من قام "بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها"، موردا أن الفصل "1-447" من القانون الجنائي يُعاقب المُخالفين بعقوبات تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات حبسا. ثم استدرك موضّحا: "مع ذلك، فإن القانون المغربي يُجرّم أيضا ما يسميه أفعال الشذوذ الجنسي بين أفراد من نفس الجنس، وهو مصطلح تستخدمه السلطات للإشارة إلى المثلية الجنسية بشكل عام. كما يُعاقب الفصل 489 من القانون الجنائي العلاقات الجنسية المثلية بالسجن حتى ثلاث سنوات، وبغرامات تصل إلى ألف درهم". ووضّحت المنظّمة أنّ عددا كبيرا من الأشخاص بدؤوا في استخدام تطبيقات مواعدة المثليين منذ منتصف أبريل 2020 لكشف هوية مستخدمين آخرين للتطبيق، وأفشوا توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية دون موافقتهم؛ وهو ما قد يؤدي بالنسبة للمثليين والمثليات، ومزدوجي التوجه الجنسي، ومتغيري ومتغيّرات النوع الاجتماعي، إلى "نبذهم من قبل أسرهم ومجتمعهم، وطردهم من السكن من قبل الأقارب والمُلاك، وفصلهم من وظائفهم". وأوردت "هيومن رايتس ووتش" تصريح نشطاء مغاربة من مجتمع الميم قالوا إنّ حملة "الفضح" أدت ببعض العائلات إلى طرد أشخاص من منازلها، وتسببت في الذعر بين الأشخاص الذين يحتاجون إلى حماية خصوصيتهم بسبب الوصم الاجتماعي تجاه المثلية الجنسية، والحظر القانوني للعلاقات الجنسية المثلية. كما أوردت المنظّمة تصريحا لممثل أحد تطبيقات المواعدة المعنية قال فيه إن "التطبيق وجه رسائل إلى المستخدمين بالفرنسية والدارجة، يحذرهم من موجة (الفضح)، ووفر رقما خطا أخضر يُمكن من خلاله طلب المساعدة القانونية والنفسية. وشجع التطبيق المستخدمين على الإبلاغ عن الحسابات المزيفة، أو تلك التي تنشر خطاب الكراهية ضد مجتمع الميم على التطبيق". وأورد بيان الهيئة الحقوقية الدولية تصريحا لممثّل تطبيق آخر خاصّ بالتعارف بين المثليين، جاء فيه أنّ التطبيق وجه "رسالة أمنية إلى المستخدمين في المغرب، وحظر جميع الحسابات الشخصية التي أنشئت منذ بدء حملة (الفضح)". وذكّرت "هيومن رايتس ووتش" بإصدار منظمات حقوقية مغربية بيانا عاما يدين الاعتداءات على الإنترنت و"فضح" أفراد مجتمع الميم المغاربة، ويعبّر عن التضامن مع الضحايا، وإنشاء نشطاء موارد عبر الإنترنت مخصصة للاستجابة لحملة "الفضح"، منها تقديم المساعدة لأعضاء مجتمع الميم المعرضين للخطر أو المحتاجين إلى شكل آخر من الدعم. كما نقلت المنظّمة تصريحا ل"الأمن الوطني" المغربي، في 24 أبريل، قال فيه ل "وكالة فرانس برس" إن الشرطة فتحت "تحقيقا أوليا" في "التحريض على الكراهية والتمييز"، على ما يبدو فيما يتعلق بنشر بيانات خاصة بشكل يستهدف أفرادا من مجتمع الميم. وذكرت المنظّمة أنّ إنفاذ الحق في الخصوصية يوفّر ضمانة حاسمة ضد التمييز عبر الإنترنت، خاصة التمييز الذي يستهدف أفراد مجتمع الميم، علما أنّ الدستور والقوانين المغربية يحظران التمييز لأسباب مختلفة ولكن ليس التمييز على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية، واعتبرت ذلك "فجوة قانونية"، إضافة إلى "تجريم المثلية"، اللّذَين "يعرّضان أفراد مجتمع الميم في المغرب بشكل خاص للتمييز". وأوردت "هيومن رايتس ووتش" أنّ تجريم السلوك الجنسي المثلي بالتراضي ينتهك "حقوق الإنسان الأساسية المحمية بموجب القانون الدولي"، وأن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادق عليه المغرب عام 1979، يحظر تقييد الحق في الخصوصية والحق في عدم التمييز، علما أنّ "لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان" قد أدانت القوانين التي تحظر السلوك المثلي بالتراضي باعتبارها منتهِكَة للعهد الدولي. وذكّرت المنظّمة، في السياق نفسه، بمذكرة نُشرت في أكتوبر 2019، أوصى فيها "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" بإسقاط تجريم الجنس بالتراضي بين البالغين غير المتزوجين، وهو ما أيَّدَته أكثر من 25 منظمة غير حكومية، لكن الحكومة المغربية رفضت التّوصية. وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه ينبغي للمغرب إلغاء "الفصل 489"، الذي يُجرّم العلاقات الجنسية المثلية، وإصدار تشريع يحمي الناس من التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية. وأوردت المنظمة في هذا السياق تصريحا لمدير قسم حقوق "مجتمع الميم" بها، قال فيه: "تتحمل الحكومة المغربية مسؤولية حماية أعضاء مجتمع الميم من هذا النوع من المضايقات بسبب رهاب المثلية ومن جميع أشكال التمييز"؛ ف"رهاب المثلية واقع خطير، لكنه يزدهر عندما تُجرِّمُ الحكومة السلوك الجنسي المثلي، ولا تحمي حقوق أفراد الميم في الخصوصية والمعاملة المتساوية".