المغرب يعد قوائم الخدمة العسكرية    الأمير مولاي رشيد يترأس افتتاح الدورة ال 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    لاعب يهدد أولمبيك خريبكة بالانتحار    من بينها طنجة.. وزارة الداخلية تتابع تقدم الأشغال المتعلقة بملاعب كأس الأمم الإفريقية 2025 في المدن المستضيفة    منتخب الفتيان يستعد لنهائي "الكان"    عاجل | هزة أرضية قوية تُثير الهلع بمراكش وتامنصورت    الاعتداء على أستاذ يسلب حرية تلميذ    تطوان.. توقيف شرطي وشقيقين ضمن شبكة لترويج الأقراص المهلوسة وحجز 3600 قرص مخدر    حكم يدين "العراقية" بملف إجهاض    ندوة وطنية تتدارس تجربة محمد الشيخي في رؤيا وتشكيل الشعر المغربي    بعد برلمان الأنديز ولد الرشيد وسلامة يرافقان رئيس برلمان أمريكا الوسطى في زيارة إلى مدينة العيون    قيادي في حماس: لا نقبل الصفقات الجزئية وسلاح المقاومة حق وموجود طالما بقي الاحتلال    تدشين الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس    ارتفاع معدل التضخم بالمغرب.. والمواد الغذائية على رأس الأسباب    وزير الخارجية الإسباني يشيد بمتانة العلاقات مع المغرب ويصفها بالأفضل في التاريخ    واقعة اعدادية اكار ازكاغ بالحسيمة..ولي أمر تلميذ ينفي الاعتداء ويوضح ملابسات القضية    فرنسا تصعد ضد الجزائر.. وزير الداخلية يهدد باستعمال القوة ضد نظام تبون    تمغرابيت... كتاب جماعي لمغاربة العالم    توتر داخل دورة غرفة الفلاحة بالشمال.. وأعضاء ينسحبون ثم يعودون لاستكمال الدورة    الأمير مولاي رشيد يترأس بالرباط افتتاح الدورة ال 30 للمعرض الدولي للكتاب    طنجة.. إلغاء مفاجئ لحفل مغني الراپ ElGrande Toto بسبب أشغال "الكان"    "إعلان الدوحة" يُتوج مؤتمر "إيكاو" بشأن تسهيل النقل الجوي الدولي    حكيمي لعب 41 مباراة سجل 6 أهداف وقدم 14 تمريرة حاسمة    صناعة السيارات: افتتاح الدورة الثامنة لملتقى "طنجة المتوسط أوطوموتیف میتینغ"    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    الصين تدعو واشنطن للكف عن الضغوط وتؤكد استعدادها للتعاون دون تنازل عن مصالحها    هل يسرع تصنيف المغرب ضمن الدول الآمنة ترحيل المهاجرين من أوروبا؟    المغرب-إسبانيا.. تعزيز الشراكة الاستراتيجية محور مباحثات بوريطة مع نظيره الإسباني    "التراث الثقافي المغربي في سياق الذكاء الاصطناعي ومقاربة الهوية الإفريقية" محور ندوة علمية    الأبيض ‬والأسود ‬من ‬تقرير ‬دي ‬ميستورا (2)    آيت ملول تحتضن مهرجان سينما الأسرة    تراجع جديد في أسعار المحروقات بمحطات الوقود    العمال الموسميون يرفعون حالات الإصابة ببوحمرون بإسبانيا    فرقة الأخلاق العامة بطنجة توقف أزيد من 20 شابة للاشتباه بقيامهنّ ب "الدعارة والفساد"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاتحادات الكروية ترفض مقترح أمريكا الجنوبية المتعلق بتنظيم كأس العالم 2030 بمشاركة 64 منتخبا    بلقشور يعلن عن رفع المنع في حق حسنية أكادير ويؤكد أن العصبة ستقوم بتسوية الملفات المتبقية    محمد السادس للرئيس السوري أحمد الشرع: أنتم تديرون هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلدكم الشقيق    إسبانيا: "الحكم الذاتي" يظل الحل الأكثر مصداقية وجدية لتسوية النزاع حول الصحراء    أكثر من 20 قتيلا ضمنهم أطفال في قصف همجي إسرائيلي على مخيم نازحين    بعد "ميتا" و"إكس".. "تيك توك" ينضم إلى محاربة المعلومات المضللة    سعد لمجرد لن يشارك في الدورة 20 من موازين    رسميا.. فيرجيل فان دايك يجدد عقده مع ليفربول    وزارة الداخلية تتخذ قرارا مفاجئا في حق "قائد تمارة"    نصائح طبية لمرضى حساسية الحيوانات الأليفة دون الحاجة للتخلي عنها    هيومن رايتس ووتش: السلطات التونسية حولت الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في "سياستها القمعية"    أمريكا.. إلغاء الامتيازات الصحفية لوكالات الأنباء الكبرى    بنك المغرب بالجديدة يستقبل في لقاء تربوي    تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 17 سنة إلى نهائي كأس إفريقيا..نادي موناكو يشيد بأداء موهبته إلياس بلمختار    البندقية تنفتح على السينما المغربية    واكي: الرقمنة تدعم تنمية المغرب .. و"جيتيكس إفريقيا" يخدم الشراكات    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لم يقله بنكيران في تصريحه ونوايا المخيلة الشعبية
نشر في هسبريس يوم 28 - 01 - 2012

"بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه، ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية. يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب. تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي". (الفصل 83 من الدستور).
أفرج بنكيران عن خطابه الرسمي الأول أمام البرلمان بصفته رئيسا للحكومة المعينة من طرف الملك، خطاب يسمى بلغة الدستور "تصريحا حكوميا"، والفصل 83 من الدستور المشار إليه أعلاه مضبوط في صياغته وبنكيران ملتزم بمعانيه اللفظية، فقد قام "بعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه"، والخطوط الرئيسية التي "تنوي" الحكومة القيام بها اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وبيئيا وثقافيا وفي الخارجية..
مصطلح "النوايا" موجود في الدستور، فلا لوم على "نوايا" بنكيران العديدة والمتعددة، وقد سبقه "بالأحلام" غيره، ولن يكون الأخير بدون شك، في السياسة والخطابة ليس هناك إلا النوايا والوَعدُ وأحيانا الوَعِيدْ.. وهذا خطاب أول قد تَلْحقَهُ خُطَبٌ أخرى تحمل معها إجراءات ملموسة.. كنت أعتقد أن بنكيران سيتفوق على من سبقه ليس بالكلام السلس والمضبوط، ولكن بانتهاز اعتلائه منصة الخطابة بالبرلمان ليقول إن الشمس التي وعدناكم بدفئها سنوات لن تحجبها غيوم، بدليل الخطوة كذا والقرار كذا، ربما كان سيلي الأمر وقع وسيكون للخطاب طعم مخالف، إذ لا يمكن لأحد أن ينكر أن بنكيران كان مثل اليوسفي وجطو وعباس مع اختلاف في طلاقة اللسان فقط، وقد يقول قائل إن الحكومة لم تُنصب بعد، أي نعم ولكن القرار أو "le geste" لا يرهن الميزانية في شيء حتى وإن كان من طرف الملك على لسان أول رئيس حكومة، كان سيداري "سَوْءَة" خطاب بارد أَمْلَس، خطاب الأخلاق وحسن البَدِية.. ابتداء من يومي الإثنين والثلاثاء انطلق النقاش حول التصريح ولِمَن لا يعرف معنى النقاش في البرلمان حول تصريح رئيس الحكومة، أقول إن الأمر لا يتعلق بنقاش مفصل لخطاب الحكومة جملة جملة ومعنى بمعنى وإعلاناً بإعلان ونوايا بنوايا، بالإضافة إلى أن هذا النقاش لا يشارك فيه كلُّ البرلمان، يعني كل أعضائه، لأن هذا غير ممكن من الناحية العملية، إِذْ يوكل الأمر في التعبير على موقف كل فريق سياسي لرئيسه الذي ينوب عن باقي الأعضاء كانوا زمرة كبيرة أو صغيرة، والرئيس وحده من له الحق في تناول الكلمة أو من ينوب عنه بإسمه في حالة حصول طارئ قاهر يمنع حضوره الجسدي إلى جلسة المناقشة، وفي حالات استثنائية يُعتبر تخلف الرئيس عن الحضور وإدعائه بتوكيل أحد غيره رسالة لها معناها السياسي، ما أعتقد أن هناك من داعي لها في هذه الظروف الطبيعية.
لا يتم النقاش التفصيلي في الجلسات العامة بل داخل اللجان البرلمانية الدائمة، والحال أن تصريح الحكومة لا يعرض على اللجان بل يكتفي أهل السياسة من البرلمان بإعلان مواقفهم علنية خلال جلسات عامة كما تابعنا ذلك، ويحصل تصويت داخل الغرفة الأولى فقط التي تمنح "الثقة" بالأغلبية المطلقة لصالح البرنامج الحكومي، آنذاك فقط يصبح أعضاء الحكومة، أعضاءٌ مُنَصَّبِينْ رسميا لتولي تسيير القطاعات الموكولة إليهم، عملية التصويت هذه لا تهم مجلس المستشارين لأن حق التصويت غير ممنوح للغرفة الثانية دستوريا، بالإضافة إلى أن المنطق الذي جاءت به الانتخابات لا يسمح بأن يصوت أعضاء الغرفة الثانية المنعوتين ظلما أو حقا بمجلس "المشترين" عوض المستشارين، الذين ينتظر الجميع رحيلهم مع استكمال المشوار الانتخابي، ولذلك فإن بعض التعليقات التي تتحدث عن صعوبة حصول حكومة بنكيران على الأغلبية بالغرفة الثانية، هي ببساطة خارج السياق أو لا قيمة لها لكونها مبنية عن جهل بالقانون وكفى..
مسار التصريح الحكومي
في شكله العام أخذ تصريح بنكيران مساره الطبيعي.. لكن لا يمكن الإنكار أن تأخيراً وارتباكاً في تاريخ الإعلان عن التصريح قد حصل، بعد أن تم عرض مشروع النسخة الأولى على أعضاء مجلس الحكومة خلال أول اجتماع لها، كان المأمول أن يجد التصريح طريقه إلى البرلمان مباشرة وفي أقرب فرصة، يعني على الأقل قبل تاريخ التصريح الذي لم يحصل إلا يوم الخميس 19 يناير، والسبب في هذا التأخير غير معلوم ويستند إلى بعض الإشاعات التي راجت حول "إمكانية عرض البرنامج أمام مجلس الوزراء أو على الملك للإطلاع..! " وهي إشاعة على الأقل أولاً غير دستورية ولا منطقية، والإشاعة الثانية تتعلق ببعض الاستدراك الذي لم يظهر له ما يفسره خلال إلقاء العرض على مسامع البرلمان.
ولذلك فإن النسخة الموزعة رسميا لم تحدد إلا تاريخا عاما يشير إلى "يناير 2012" بمعنى أن البرنامج كان جاهزا في يناير دون تحديد اليوم الذي سيلقى فيه بخلاف مثلا التصريح أو النسخة الرسمية التي وُزعت عقب خطاب الوزير الأول إدريس جطو والتي كانت تشير إلى التاريخ وباليوم (انظر صورة الإعلانين)، وهو ما يعني أن بنكيران قد هيأ تدخله وظل ينتظر الإشارة مع أن الزمان أصبح يَمَلُّ من الإشارات بحلوها وبمرها، وقد يكون بالغ في إظهار حسن النية وفي تطمين القلوب عبر السير "جَنْبْ الحَيْط"، منذ أن تم تعيينه، وما المواقف والإشارات التي وزعها هنا وهناك من قبوله بالتقنوقراط وبالوساطة وبغيره.. إلا فيض من غيض ينبئ أن هذا الطائر ربما لن كون إلا مثل سابقيه في هذا المجال بالذات، وكم شهد التاريخ حالات نسور تحولوا إلى خرفان وديعة أمام غواية السلطان والمال حتى وإن ظل الرجل يردد شمالا وجنوبا أنه لن يتغير وسيظل ثابتا..
الثابت والمتغير في تصريح بنكيران
لم يخرج بنكيران في تصريحه عن الأدبيات السابقة وإن ظل يشدد على مخارج بعض الكلمات والعبارات من قبيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
فمنذ عبد الرحمان اليوسفي ليس هناك إلا كلام "واجب" من قبيل العرفان لملوك المغرب منذ الراحل محمد الخامس إلى الحسن الثاني ثم محمد السادس.. ليس في الأمر عيب ولكن الوزراء الأولين هؤلاء ورئيس الحكومة الحالي يكرسون لأدبيات مفادها "ألا شيء يجبرنا ألا نعترف ونتوافق مع رئيس الدولة ... ألا نستحضره مطلع تصريحاتنا هاته".. وهكذا تحدث اليوسفي عن الحسن الثاني الذي كان له الفضل في وضع البلاد على نهج الإصلاحات السياسية والسوسيو اقتصادية، وتحدث عن تجديد الثقة المولوية السامية التي أتت في خطاب تاريخي على لسان ملك شهم محبوب..
وتحدث إدريس جطو في تصريحه بتاريخ 23 ماي 2005، في مطلع خطابه طبقا للتعهد الذي أخذته "حكومة صاحب الجلالة، ولقد أضفى الخطاب السامي".. وبطبيعة الحال لم يحد عباس الفاسي عن هذا المسار بالقول "إن البرنامج يستمد روحه وفلسفته من المشروع المجتمعي الذي يريده صاحب الجلالة"...
بنكيران لم يكن أكثر أو أقل من هؤلاء عندما قال إن البرنامج يأتي في سياق عربي تمكن فيه المغرب من التفاعل الإرادي والاستباقي مع تحدياته واستحقاقاته، واستطاع أن يشق مسارا متميزا واستثنائيا نجح فيه الشعب المغربي بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله.. ليست العبرة هنا بالتوصيف ولكن بالانتباه إلى أن الملك كرئيس الدولة ورمزها حاضر أولاً في الخطب الرسمية سواء كان الجالس على منصب رئيس الحكومة أو وزيرها الأول يساري "عفريت" أو رجل مخزن أو محافظ أو محافظ المحافظين، الاحترام والتقدير للملك حاضر بكل اللغات فلا يتنطع علينا أحد بكلام في غير محله..
باقي الكلام حلو، بنكيران ادعى أن برنامج حكومته ذو طبيعة تعاقدية تقوم على العمل المندمج والمقاربة التشاركية وربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى وإن ادعيت أنني أفهم هذا الكلام، فإنه كلام "أوبَسْ"، ما معنى العمل المندمج.. كلام.. ما معنى المقاربة التشاركية.. كلام.. ما معنى ربط المسؤولية بالمحاسبة.. ربما "للِّي فرط إِكَرَّط.." ولكن في المجمل كلام في كلام.. على قول المطربة الفرنسية: Parolé.. Parolé.. Parolé..
في فيلم النوم في العسل، دخل عادل إمام بصفته ضابط شرطة على صاحبة "ماخور" وقد عات أحد زبنائها فوضى في "الإقامة"، فوجده في حالة هيجان متقدم وهو مكبل وسئل "ما الذي حصل، فأجابته: كلام أوبس.. هو لو كان فيه حَاجَة، كَانْ حَصَلْ اللِّي حَصَلْ..المصيبة أنه كان فيه كلام أوبَسْ!" وأتمنى ألا تكون وعود بنكيران كلام في كلام، وإني من المتفائلين..
فلننظر ما جاء أولاً في الكلام..!
كلام بنكيران الحكومي
فوق الحديث عن الملك والربيع العربي والمرتكزات، تحدث بنكيران أن البرنامج ليس إلا "تحالف البرامج الانتخابية لأحزاب التحالف الحكومي" هذا صحيح ومنطقي ذلك أنه بمجرد الاتفاق بين "الأحلاف"، تشكلت لجنة لصياغة المشروع الذي أصبح واقعا لم يعد خافيا على أحد أن نزار البركة ومعزوز ومصطفى الخلفي واليزمي والحداد وسهيل كانوا نجومها بدرجات تفاوت قليلة، ولذلك جميع الفرق تدعي أن برنامجها حاضر في برنامج الحكومة..
كلام التصريح الحكومي فيه أيضا الحديث عن تنزيل الدستور بمقاربة تشاركية وديمقراطية، هذه هي لغة التعتيم والضباب.
اشرحوا لنا معنى تعزيز الهوية الوطنية الموحدة وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها والانفتاح على الثقافات والحضارات، هذا كلام عام ونوايا وأدبيات رددها الجميع.. ثم ما معنى ترسيخ دولة القانون والجهوية المتقدمة والحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والأمن والقائمة على المواطنة الحقة وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق والواجبات "أو سير الضيم" آلمَعَلَّمْ".
ترسيخ دولة القانون كلام عمر منذ زمان، ولا حاجة لي بالقول إن الدولة موجودة والقانون موجود والجمع بينهما غير موجود إلا على الأوراق البيضاء، الجهوية المتقدمة لا توجد أيضا إلا في نص القانون، رغم الندوات ورغم اللجنة الجهوية، لم نسمع عن جهة الشمال برئيس وبرلمان وحكومة ولم نسمع عن جهة الشرق والجنوب، ولم نسمع عن جهة الوسط.. الجهوية المتقدمة وفق المشروع الذي قدمه المغرب لهيئة الأمم لإقفال وجع تيندوف يتحدث عن جميع مقومات السيادة إلا الدفاع والخارجية والعملة، وهذا معقول وليس فيه عيب، لكنه غير معمم على جميع مناطق المغرب، ثانيا بنكيران لم يبحر فيه كما يجب، وظل ملتصقا بالقشور، ومع ذلك لا نتحامل على الرجل، بل ندعوه فقط إلى الانتقال من الكلام إلى الفعل..
الحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والأمن.. إنها مصطلح جميل ويحمل في طياته التكرار أو ما يعرف بالفرنسية un pléonasme ، الحكامة إما أن تكون أو لا تكون ليست هناك حكامة رشيدة أو غير رشيدة.
والحكامة ببساطة تحيل مباشرة على العدل "أُولْمَعْقُول" "أُو الرُّجْلَة.." والإنصاف والمساواة وعدم التبدير والإسراف "أُو الزْوَّاقْ الخاوي"، ومن باب هذه الحكامة تجميع كل الطاقات والموارد المالية للبلاد لخدمة القضايا الأولية، يعني المرور من الأهم إلى المهم..
التصريح الحكومي في المخيلة الشعبية
رافق تصريح بنكيران كلام كثير، ليس أوله تدخلات رؤساء فرق الأغلبية والمعارضة بالبرلمان بغرفتيه، رئيس فريق العدالة والتنمية والذي يعتبر رئيسا للأغلبية أفرد لنفسه ما يزيد عن 70 دقيقة في الرد على تصريح بنكيران الذي لم يكن إلا عبارة عن المساندة الداعمة والحامدة والشاكرة وفي نفس الوقت الناصحة ليس لبنكيران رئيس الحكومة ولكن لباقي أعضاء الحكومة حتى لا يزيغوا عن الخط، وهو نفس المسار الذي صار فيه رئيس الاستقلاليين، بنفس النهج والنفس، بطبيعة الحال لم ينس الاستقلاليون تذكيرنا بأن هذا البرنامج ليس إلا امتداداً للحكومة السابقة، والحديث هنا قد يطول.
معارضة الأحرار لا تهم كثيرا بالنظر إلى مقارنة تدخلها مع تدخل الاشتراكيين خصوصاً والأصالة والمعاصرة.
لكن في البال خطاب لا يحتاج إلى 60 أو سبعين دقيقة، يحتاج إلى الفصاحة، وإلى ملامسة القلوب والعقول، لم يذكره بنكيران، لكننا نتحف أنظاركم به عسى نتدارك به ما قد يكون سقط.
السيد الرئيس، السادة الوزراء، السادة البرلمانيون المحترمون
"إن الحمد لله والولاء ثابت للملك والوطن وبعد، إن الأزمة العالمية لا زالت حاضرة وترخي بتداعياتها على أوضاعنا، ولكننا شعب وبلاد غنية بطاقاتها وبأبنائها، لذلك لن ندخر جهدا في إقتسام خيراتها بالتساوي، كما سنتحمل أية أزمة بالتساوي حسب وضعية كل شخص، إن منطق الريع حرام، ومن يمتلك شيئا بغير وجه أمر مخالف للقانون، إن الكريمات لا تُستحق إلا لليتامى من أبناء المقاومين وأبناء الجيش، إنني لا أقصد فقط الكريمات الخاصة بالطاكسيات، بل أقصد أيضا رخص الصيد في أعالي البحار ومقالع الرمال والرخام وغيره..
السيد الرئيس، إن موظفي الدولة سواءٌ في أية إدارة كانت، ولذلك فإن ما يحصل عليه
موظف المالية هو نفسه ما يحصل عليه موظف العدل وآخر موظف في أبعد جماعة قروية على التراب الوطني.
إن مستخدمي القطاع الخاص يوجدون في صلب اهتمامات المجتمع، ولذلك فإن حقوقهم محفوظة بقوة القانون، إن صاحب أو رب العمل واحدٌ منا نفرح لغناه ولكن عليه أن ينعم بغناه وسط أيدي عاملة سعيدة وليست بئيسة، والسعادة المقصودة هي سعادة الدخل، فلا تأخر في آداء الأجور والواجبات بعد اليوم، ولا أجور هزيلة بعد اليوم، وفي نفس الوقت الإخلاص في العمل واجب على الموظف وعلى المستخدم.
إن التعليم حق للجميع وكل تلميذ وكل طالب لا يجلس إلى دروسه سيُعاقب، كما سيعاقب كل مدرس وأستاذ تهاون في أداء مهامه.. إن الفلاح موضع اهتمامنا، فليذهب ولينصرف إلى حرث أرضه وستتكفل الدولة بما لا يستطيع له سبيلا في أموره العائلية والاجتماعية، وما ينطبق على الطالب والأستاذ والفلاح ينطبق على الطبيب والمهندس والممرض والنجار والحرفي والصانع والبناء والمقاول والتاجر والخراز والحداد وغيره..
السيد الرئيس، لقد شارفت على إنهاء مداخلتي وقد شرفني من أوكل إلي أمركم بأن أزف إليك من أعلى هذه المنصة كما وعدتكم إبان تعييني أن فلاناً أطلق من سجنه والملف الفلاني قد وُضع لدى الجهات المختصة، وأن قنينة الغاز قد خفض ثمنها إلى النصف بالنسبة للفقراء وارتفع ثمنها إلى قيمتها ونصف بالنسبة للأغنياء، وإن رشيد نيني طليق وملف الجهاديين السلفيين قد فتح من جديد بأيادي قضائية نبيلة.
والله ولي التوفيق والسلام.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.