نشرة انذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من مناطق المملكة    التفكك الأسري: من إصلاح مدونة الأحوال الشخصية إلى مستجدات مدونة الأسرة المغربية    محكمة سلا تقضي بالحبس موقوف التنفيذ في حق 13 ناشطًا من الجبهة المغربية لدعم فلسطين بسبب احتجاجات    تعيين أنس خطاب رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة في سوريا    "زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    تحذير من ثلوج جبلية بدءا من السبت    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    المديرية العامة للضرائب تعلن فتح شبابيكها السبت والأحد    "منتدى الزهراء" يطالب باعتماد منهجية تشاركية في إعداد مشروع تعديل مدونة الأسرة    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    سرقة مجوهرات تناهز قيمتها 300 ألف يورو من متجر كبير في باريس    نظام أساسي للشركة الجهوية بالشمال    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    إياب ساخن في البطولة تبدأ أطواره وسط صراع محتدم على اللقب وتجنب الهبوط    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    هجوم على سفينة روسية قرب سواحل الجزائر    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لم يقله بنكيران في تصريحه ونوايا المخيلة الشعبية
نشر في هسبريس يوم 28 - 01 - 2012

"بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه، ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية. يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب. تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي". (الفصل 83 من الدستور).
أفرج بنكيران عن خطابه الرسمي الأول أمام البرلمان بصفته رئيسا للحكومة المعينة من طرف الملك، خطاب يسمى بلغة الدستور "تصريحا حكوميا"، والفصل 83 من الدستور المشار إليه أعلاه مضبوط في صياغته وبنكيران ملتزم بمعانيه اللفظية، فقد قام "بعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه"، والخطوط الرئيسية التي "تنوي" الحكومة القيام بها اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وبيئيا وثقافيا وفي الخارجية..
مصطلح "النوايا" موجود في الدستور، فلا لوم على "نوايا" بنكيران العديدة والمتعددة، وقد سبقه "بالأحلام" غيره، ولن يكون الأخير بدون شك، في السياسة والخطابة ليس هناك إلا النوايا والوَعدُ وأحيانا الوَعِيدْ.. وهذا خطاب أول قد تَلْحقَهُ خُطَبٌ أخرى تحمل معها إجراءات ملموسة.. كنت أعتقد أن بنكيران سيتفوق على من سبقه ليس بالكلام السلس والمضبوط، ولكن بانتهاز اعتلائه منصة الخطابة بالبرلمان ليقول إن الشمس التي وعدناكم بدفئها سنوات لن تحجبها غيوم، بدليل الخطوة كذا والقرار كذا، ربما كان سيلي الأمر وقع وسيكون للخطاب طعم مخالف، إذ لا يمكن لأحد أن ينكر أن بنكيران كان مثل اليوسفي وجطو وعباس مع اختلاف في طلاقة اللسان فقط، وقد يقول قائل إن الحكومة لم تُنصب بعد، أي نعم ولكن القرار أو "le geste" لا يرهن الميزانية في شيء حتى وإن كان من طرف الملك على لسان أول رئيس حكومة، كان سيداري "سَوْءَة" خطاب بارد أَمْلَس، خطاب الأخلاق وحسن البَدِية.. ابتداء من يومي الإثنين والثلاثاء انطلق النقاش حول التصريح ولِمَن لا يعرف معنى النقاش في البرلمان حول تصريح رئيس الحكومة، أقول إن الأمر لا يتعلق بنقاش مفصل لخطاب الحكومة جملة جملة ومعنى بمعنى وإعلاناً بإعلان ونوايا بنوايا، بالإضافة إلى أن هذا النقاش لا يشارك فيه كلُّ البرلمان، يعني كل أعضائه، لأن هذا غير ممكن من الناحية العملية، إِذْ يوكل الأمر في التعبير على موقف كل فريق سياسي لرئيسه الذي ينوب عن باقي الأعضاء كانوا زمرة كبيرة أو صغيرة، والرئيس وحده من له الحق في تناول الكلمة أو من ينوب عنه بإسمه في حالة حصول طارئ قاهر يمنع حضوره الجسدي إلى جلسة المناقشة، وفي حالات استثنائية يُعتبر تخلف الرئيس عن الحضور وإدعائه بتوكيل أحد غيره رسالة لها معناها السياسي، ما أعتقد أن هناك من داعي لها في هذه الظروف الطبيعية.
لا يتم النقاش التفصيلي في الجلسات العامة بل داخل اللجان البرلمانية الدائمة، والحال أن تصريح الحكومة لا يعرض على اللجان بل يكتفي أهل السياسة من البرلمان بإعلان مواقفهم علنية خلال جلسات عامة كما تابعنا ذلك، ويحصل تصويت داخل الغرفة الأولى فقط التي تمنح "الثقة" بالأغلبية المطلقة لصالح البرنامج الحكومي، آنذاك فقط يصبح أعضاء الحكومة، أعضاءٌ مُنَصَّبِينْ رسميا لتولي تسيير القطاعات الموكولة إليهم، عملية التصويت هذه لا تهم مجلس المستشارين لأن حق التصويت غير ممنوح للغرفة الثانية دستوريا، بالإضافة إلى أن المنطق الذي جاءت به الانتخابات لا يسمح بأن يصوت أعضاء الغرفة الثانية المنعوتين ظلما أو حقا بمجلس "المشترين" عوض المستشارين، الذين ينتظر الجميع رحيلهم مع استكمال المشوار الانتخابي، ولذلك فإن بعض التعليقات التي تتحدث عن صعوبة حصول حكومة بنكيران على الأغلبية بالغرفة الثانية، هي ببساطة خارج السياق أو لا قيمة لها لكونها مبنية عن جهل بالقانون وكفى..
مسار التصريح الحكومي
في شكله العام أخذ تصريح بنكيران مساره الطبيعي.. لكن لا يمكن الإنكار أن تأخيراً وارتباكاً في تاريخ الإعلان عن التصريح قد حصل، بعد أن تم عرض مشروع النسخة الأولى على أعضاء مجلس الحكومة خلال أول اجتماع لها، كان المأمول أن يجد التصريح طريقه إلى البرلمان مباشرة وفي أقرب فرصة، يعني على الأقل قبل تاريخ التصريح الذي لم يحصل إلا يوم الخميس 19 يناير، والسبب في هذا التأخير غير معلوم ويستند إلى بعض الإشاعات التي راجت حول "إمكانية عرض البرنامج أمام مجلس الوزراء أو على الملك للإطلاع..! " وهي إشاعة على الأقل أولاً غير دستورية ولا منطقية، والإشاعة الثانية تتعلق ببعض الاستدراك الذي لم يظهر له ما يفسره خلال إلقاء العرض على مسامع البرلمان.
ولذلك فإن النسخة الموزعة رسميا لم تحدد إلا تاريخا عاما يشير إلى "يناير 2012" بمعنى أن البرنامج كان جاهزا في يناير دون تحديد اليوم الذي سيلقى فيه بخلاف مثلا التصريح أو النسخة الرسمية التي وُزعت عقب خطاب الوزير الأول إدريس جطو والتي كانت تشير إلى التاريخ وباليوم (انظر صورة الإعلانين)، وهو ما يعني أن بنكيران قد هيأ تدخله وظل ينتظر الإشارة مع أن الزمان أصبح يَمَلُّ من الإشارات بحلوها وبمرها، وقد يكون بالغ في إظهار حسن النية وفي تطمين القلوب عبر السير "جَنْبْ الحَيْط"، منذ أن تم تعيينه، وما المواقف والإشارات التي وزعها هنا وهناك من قبوله بالتقنوقراط وبالوساطة وبغيره.. إلا فيض من غيض ينبئ أن هذا الطائر ربما لن كون إلا مثل سابقيه في هذا المجال بالذات، وكم شهد التاريخ حالات نسور تحولوا إلى خرفان وديعة أمام غواية السلطان والمال حتى وإن ظل الرجل يردد شمالا وجنوبا أنه لن يتغير وسيظل ثابتا..
الثابت والمتغير في تصريح بنكيران
لم يخرج بنكيران في تصريحه عن الأدبيات السابقة وإن ظل يشدد على مخارج بعض الكلمات والعبارات من قبيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
فمنذ عبد الرحمان اليوسفي ليس هناك إلا كلام "واجب" من قبيل العرفان لملوك المغرب منذ الراحل محمد الخامس إلى الحسن الثاني ثم محمد السادس.. ليس في الأمر عيب ولكن الوزراء الأولين هؤلاء ورئيس الحكومة الحالي يكرسون لأدبيات مفادها "ألا شيء يجبرنا ألا نعترف ونتوافق مع رئيس الدولة ... ألا نستحضره مطلع تصريحاتنا هاته".. وهكذا تحدث اليوسفي عن الحسن الثاني الذي كان له الفضل في وضع البلاد على نهج الإصلاحات السياسية والسوسيو اقتصادية، وتحدث عن تجديد الثقة المولوية السامية التي أتت في خطاب تاريخي على لسان ملك شهم محبوب..
وتحدث إدريس جطو في تصريحه بتاريخ 23 ماي 2005، في مطلع خطابه طبقا للتعهد الذي أخذته "حكومة صاحب الجلالة، ولقد أضفى الخطاب السامي".. وبطبيعة الحال لم يحد عباس الفاسي عن هذا المسار بالقول "إن البرنامج يستمد روحه وفلسفته من المشروع المجتمعي الذي يريده صاحب الجلالة"...
بنكيران لم يكن أكثر أو أقل من هؤلاء عندما قال إن البرنامج يأتي في سياق عربي تمكن فيه المغرب من التفاعل الإرادي والاستباقي مع تحدياته واستحقاقاته، واستطاع أن يشق مسارا متميزا واستثنائيا نجح فيه الشعب المغربي بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله.. ليست العبرة هنا بالتوصيف ولكن بالانتباه إلى أن الملك كرئيس الدولة ورمزها حاضر أولاً في الخطب الرسمية سواء كان الجالس على منصب رئيس الحكومة أو وزيرها الأول يساري "عفريت" أو رجل مخزن أو محافظ أو محافظ المحافظين، الاحترام والتقدير للملك حاضر بكل اللغات فلا يتنطع علينا أحد بكلام في غير محله..
باقي الكلام حلو، بنكيران ادعى أن برنامج حكومته ذو طبيعة تعاقدية تقوم على العمل المندمج والمقاربة التشاركية وربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى وإن ادعيت أنني أفهم هذا الكلام، فإنه كلام "أوبَسْ"، ما معنى العمل المندمج.. كلام.. ما معنى المقاربة التشاركية.. كلام.. ما معنى ربط المسؤولية بالمحاسبة.. ربما "للِّي فرط إِكَرَّط.." ولكن في المجمل كلام في كلام.. على قول المطربة الفرنسية: Parolé.. Parolé.. Parolé..
في فيلم النوم في العسل، دخل عادل إمام بصفته ضابط شرطة على صاحبة "ماخور" وقد عات أحد زبنائها فوضى في "الإقامة"، فوجده في حالة هيجان متقدم وهو مكبل وسئل "ما الذي حصل، فأجابته: كلام أوبس.. هو لو كان فيه حَاجَة، كَانْ حَصَلْ اللِّي حَصَلْ..المصيبة أنه كان فيه كلام أوبَسْ!" وأتمنى ألا تكون وعود بنكيران كلام في كلام، وإني من المتفائلين..
فلننظر ما جاء أولاً في الكلام..!
كلام بنكيران الحكومي
فوق الحديث عن الملك والربيع العربي والمرتكزات، تحدث بنكيران أن البرنامج ليس إلا "تحالف البرامج الانتخابية لأحزاب التحالف الحكومي" هذا صحيح ومنطقي ذلك أنه بمجرد الاتفاق بين "الأحلاف"، تشكلت لجنة لصياغة المشروع الذي أصبح واقعا لم يعد خافيا على أحد أن نزار البركة ومعزوز ومصطفى الخلفي واليزمي والحداد وسهيل كانوا نجومها بدرجات تفاوت قليلة، ولذلك جميع الفرق تدعي أن برنامجها حاضر في برنامج الحكومة..
كلام التصريح الحكومي فيه أيضا الحديث عن تنزيل الدستور بمقاربة تشاركية وديمقراطية، هذه هي لغة التعتيم والضباب.
اشرحوا لنا معنى تعزيز الهوية الوطنية الموحدة وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها والانفتاح على الثقافات والحضارات، هذا كلام عام ونوايا وأدبيات رددها الجميع.. ثم ما معنى ترسيخ دولة القانون والجهوية المتقدمة والحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والأمن والقائمة على المواطنة الحقة وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق والواجبات "أو سير الضيم" آلمَعَلَّمْ".
ترسيخ دولة القانون كلام عمر منذ زمان، ولا حاجة لي بالقول إن الدولة موجودة والقانون موجود والجمع بينهما غير موجود إلا على الأوراق البيضاء، الجهوية المتقدمة لا توجد أيضا إلا في نص القانون، رغم الندوات ورغم اللجنة الجهوية، لم نسمع عن جهة الشمال برئيس وبرلمان وحكومة ولم نسمع عن جهة الشرق والجنوب، ولم نسمع عن جهة الوسط.. الجهوية المتقدمة وفق المشروع الذي قدمه المغرب لهيئة الأمم لإقفال وجع تيندوف يتحدث عن جميع مقومات السيادة إلا الدفاع والخارجية والعملة، وهذا معقول وليس فيه عيب، لكنه غير معمم على جميع مناطق المغرب، ثانيا بنكيران لم يبحر فيه كما يجب، وظل ملتصقا بالقشور، ومع ذلك لا نتحامل على الرجل، بل ندعوه فقط إلى الانتقال من الكلام إلى الفعل..
الحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والأمن.. إنها مصطلح جميل ويحمل في طياته التكرار أو ما يعرف بالفرنسية un pléonasme ، الحكامة إما أن تكون أو لا تكون ليست هناك حكامة رشيدة أو غير رشيدة.
والحكامة ببساطة تحيل مباشرة على العدل "أُولْمَعْقُول" "أُو الرُّجْلَة.." والإنصاف والمساواة وعدم التبدير والإسراف "أُو الزْوَّاقْ الخاوي"، ومن باب هذه الحكامة تجميع كل الطاقات والموارد المالية للبلاد لخدمة القضايا الأولية، يعني المرور من الأهم إلى المهم..
التصريح الحكومي في المخيلة الشعبية
رافق تصريح بنكيران كلام كثير، ليس أوله تدخلات رؤساء فرق الأغلبية والمعارضة بالبرلمان بغرفتيه، رئيس فريق العدالة والتنمية والذي يعتبر رئيسا للأغلبية أفرد لنفسه ما يزيد عن 70 دقيقة في الرد على تصريح بنكيران الذي لم يكن إلا عبارة عن المساندة الداعمة والحامدة والشاكرة وفي نفس الوقت الناصحة ليس لبنكيران رئيس الحكومة ولكن لباقي أعضاء الحكومة حتى لا يزيغوا عن الخط، وهو نفس المسار الذي صار فيه رئيس الاستقلاليين، بنفس النهج والنفس، بطبيعة الحال لم ينس الاستقلاليون تذكيرنا بأن هذا البرنامج ليس إلا امتداداً للحكومة السابقة، والحديث هنا قد يطول.
معارضة الأحرار لا تهم كثيرا بالنظر إلى مقارنة تدخلها مع تدخل الاشتراكيين خصوصاً والأصالة والمعاصرة.
لكن في البال خطاب لا يحتاج إلى 60 أو سبعين دقيقة، يحتاج إلى الفصاحة، وإلى ملامسة القلوب والعقول، لم يذكره بنكيران، لكننا نتحف أنظاركم به عسى نتدارك به ما قد يكون سقط.
السيد الرئيس، السادة الوزراء، السادة البرلمانيون المحترمون
"إن الحمد لله والولاء ثابت للملك والوطن وبعد، إن الأزمة العالمية لا زالت حاضرة وترخي بتداعياتها على أوضاعنا، ولكننا شعب وبلاد غنية بطاقاتها وبأبنائها، لذلك لن ندخر جهدا في إقتسام خيراتها بالتساوي، كما سنتحمل أية أزمة بالتساوي حسب وضعية كل شخص، إن منطق الريع حرام، ومن يمتلك شيئا بغير وجه أمر مخالف للقانون، إن الكريمات لا تُستحق إلا لليتامى من أبناء المقاومين وأبناء الجيش، إنني لا أقصد فقط الكريمات الخاصة بالطاكسيات، بل أقصد أيضا رخص الصيد في أعالي البحار ومقالع الرمال والرخام وغيره..
السيد الرئيس، إن موظفي الدولة سواءٌ في أية إدارة كانت، ولذلك فإن ما يحصل عليه
موظف المالية هو نفسه ما يحصل عليه موظف العدل وآخر موظف في أبعد جماعة قروية على التراب الوطني.
إن مستخدمي القطاع الخاص يوجدون في صلب اهتمامات المجتمع، ولذلك فإن حقوقهم محفوظة بقوة القانون، إن صاحب أو رب العمل واحدٌ منا نفرح لغناه ولكن عليه أن ينعم بغناه وسط أيدي عاملة سعيدة وليست بئيسة، والسعادة المقصودة هي سعادة الدخل، فلا تأخر في آداء الأجور والواجبات بعد اليوم، ولا أجور هزيلة بعد اليوم، وفي نفس الوقت الإخلاص في العمل واجب على الموظف وعلى المستخدم.
إن التعليم حق للجميع وكل تلميذ وكل طالب لا يجلس إلى دروسه سيُعاقب، كما سيعاقب كل مدرس وأستاذ تهاون في أداء مهامه.. إن الفلاح موضع اهتمامنا، فليذهب ولينصرف إلى حرث أرضه وستتكفل الدولة بما لا يستطيع له سبيلا في أموره العائلية والاجتماعية، وما ينطبق على الطالب والأستاذ والفلاح ينطبق على الطبيب والمهندس والممرض والنجار والحرفي والصانع والبناء والمقاول والتاجر والخراز والحداد وغيره..
السيد الرئيس، لقد شارفت على إنهاء مداخلتي وقد شرفني من أوكل إلي أمركم بأن أزف إليك من أعلى هذه المنصة كما وعدتكم إبان تعييني أن فلاناً أطلق من سجنه والملف الفلاني قد وُضع لدى الجهات المختصة، وأن قنينة الغاز قد خفض ثمنها إلى النصف بالنسبة للفقراء وارتفع ثمنها إلى قيمتها ونصف بالنسبة للأغنياء، وإن رشيد نيني طليق وملف الجهاديين السلفيين قد فتح من جديد بأيادي قضائية نبيلة.
والله ولي التوفيق والسلام.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.