أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس "كورونا" الذي نشأ في الصين حالة طوارئ صحية عالمية. ويأتي هذا الإعلان بعد ساعات من تأكيد الولاياتالمتحدة أول حالة انتقال من شخص لآخر للفيروس، الذي تسبب في مقتل عدد كبير من البشر بعدما انتشر في معظم دول العالم. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية "تيدروس أدهانوم غبريسوس" خلال مؤتمر صحفي: "على مدى الأسابيع الماضية، ظهر مرض مميت لم يكن معروفا من قبل ويجب علينا أن نعمل معا الآن للحد من انتشاره". كيف كان تدخل السلطات المغربية؟ وفي أي إطار؟ لم يكن المغرب بعيدا عن ما شهده المنتظم الدولي بل بالعكس قامت السلطات العمومية باتخاذ التدابير الوقائية الاستعجالية من أجل الحد من تفشي جائحة فيروس كورونا حماية صحة المواطنين، و ذلك بالإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بحيث تنبه المواطنين إلى ضرورة الالتزام بما تمليه القرارات الصادرة في تلك الظرفية، كما تفتح المجال أمام السلطة الحكومية لتنفيذ المخططات الموضوعة لمواجهة المشكل القائم. صحيح أن حالة الطوارئ الصحية لم ينص عليها الدستور ولا حتى التشريعات سواء التنظيمية أو العادية، لكن بالرجوع للمرسوم الملكي رقم 64-554 بتاريخ 17 ربيع الأول 1387 (26 يونيو 1967) بمثابة قانون يتعلق بوجوب التصريح بالأمراض واتخاذ التدابير الوقائية للوقاية من هذه الأمراض، وقرار وزير الصحة العمومية رقم 95-683 صادر في 30 شوال 1415 (31 مارس 1995) بتحديد كيفية تطبيق المرسوم. لكن حالات الطوارئ الصحية تعتبر مقياسا دوليا معتمدا من طرف المنظمة العالمية للصحة، لوقف انتشار الأمراض والأوبئة، ومراقبة تفشي الأمراض السارية مثل الجدري والطاعون والأوبئة الخطيرة الأخرى وتعمل على مكافحتها، وإعلان حالة الطوارئ الصحية متى استدعى الأمر ذلك. وبالرجوع إلى مضامين الدستور جاءت حالة الاستثناء المنصوص عليها في الفصل 59 دستور2011: "إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، أمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة. ويخول الملك بذلك صلاحية اتخاذ الإجراءات، التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية. لا يحل البرلمان أثناء ممارسة السلطات الاستثنائية. تبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة. ترفع حالة الاستثناء بمجرد انتفاء الأسباب التي دعت إليها، وباتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها". والفصل 35 من دستور 1996: "إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من الأحداث ما من شأنه أن يمس بسير المؤسسات الدستورية، يمكن الملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير شريف بعد استشارة رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المجلس الدستوري وتوجيه خطاب إلى الأمة؛ ويخول بذلك، على الرغم من جميع النصوص المخالفة، صلاحية اتخاذ جميع الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن حوزة الوطن ويقتضيها رجوع المؤسسات الدستورية إلى سيرها العادي أو يتطلبها تسيير شؤون الدولة لا يترتب على حالة الاستثناء حل البرلمان ترفع حالة الاستثناء باتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها" و بالتفصيل في تعريف دقيق لحالة الاستثناء على أنها منح حاكم البلاد السلطة المطلقة، فحسب كتاب «حالة الاستثناء» للفقيه الإيطالي جورجو أغامبين الذي يعتبر أن حالة الاستثناء لا يمكن أن تتخذ شكلا قانونيا، فهي تشكل « نقطة اختلال التوازن بين القانون العام والشأن السياسي »، وبالتالي قد تثار حوادث استثنائية، تستدعي تدخل القانون، لإعادة التوازن لمؤسسات الدولة عبر إقرار حالة الاستثناء. أما حالة الحصار المنصوص عليها في الفصل 74 من دستور 2011: "يمكن الإعلان لمدة ثلاثين يوما عن حالة الحصار، بمقتضى ظهير يوقعه بالعطف رئيس الحكومة، ولا يمكن تمديد هذا الأجل إلا بقانون" والفصل 49 من دستور 1996: "يمكن الإعلان عن حالة الحصار لمدة ثلاثين يوما بمقتضى ظهير شريف، ولا يمكن تمديد أجل الثلاثين يوما إلا بالقانون"، فبموجب هذا الفصل تطبق حالات الحصار، بظهير يوقع بالعطف من طرف رئيس الحكومة، ويجرى تداولها في المجلس الوزاري، أما بالنسبة لسلطة البرلمان لا تتجلى في إقرار حالة الحصار، بل فقط في تمديد مدتها. وطبقا للفصل 81 من الدستور من الباب الرابع المتعلق بالسلطة التشريعية، ممارسة السلطة التشريعية، الذي ينص على: "يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين"؛ جاءت مصادقة مجلس الحكومة، على مشروع مرسوم رقم 2.20.293 يتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وتخويل السلطات العمومية المعنية لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل؛ عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم، ومنع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه إلا في حالات الضرورة القصوى، ومنع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص، وإغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلنة، بسائر التراب الوطني ابتداء من يوم 20 مارس 2020 في الساعة السادسة مساء إلى غاية يوم 20 أبريل 2020 في الساعة السادسة مساء، وأيضا اتخاذ حزمة من التدابير الأمنية الصارمة والتي تتضمن عقوبات جنائية في حال خرق مقتضيات حالة الطوارئ. المرسوم الذي صادق عليه مجلس الحكومة اليوم الأحد يعاقب بموجبه كل مخالف لأوامر وقرارات السلطات العمومية المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية بالحبس من شهر إلى 3 أشهر، وبغرامة تتراوح بين 300 و1300 درهم أو بإحدى العقوبتين دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد. وتعرف منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية العالمية، والمعروفة أيضا باسم حالة طوارئ الصحة العامة ذات الاهتمام الدولي بأنها "حدث غير عاد". *طالب باحث في ماستر التواصل السياسي