حظرت وزارة الشؤون الدينية في تونس صلاة الجماعة في المساجد؛ غير أنها أبقت على إذاعة تلاوات القرآن والأدعية عبر المآذن، في مسعى إلى احتواء مشاعر الخوف مما تخبئه الأيام المقبلة. وحيثما تسير الحركة يمكن سماع تلاوات للقرآن تنطلق من مكبرات الصوت في أعلى المآذن؛ ولكن مشاعر القلق والخوف أحيانا بادية على الوجوه في طوابير ممتدة أمام الصيدليات والمطاحن وأماكن البيع بالتجزئة. وقالت نجاة همامي، المكلفة بالإعلام في وزارة الشؤون الدينية، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ): "كان مطلبا شعبيا. أرسلنا منشورا إلى المديرين الجهويين للسماح بإذاعة القرآن والأدعية، بين فترتي المغرب والعشاء؛ وحتى خارج هذه الأوقات". وأضافت همامي: "سيساعد هذا في بث السكينة والهدوء والطمأنينة في نفوس المواطنين.. في مثل هذه الأوقات نحتاج إلى الدعاء وطلب المغفرة". وحظرت تونس التجمعات، بما في ذلك صلاة الجماعة في المساجد وصلاة الجمعة، وقلصت ساعات العمل في المقاهي والمؤسسات العمومية للوقاية من انتشار الفيروس القاتل. وعلى الرغم من قرار السلطات، يتجمع بعض المصلين أمام الباب المغلق لجامع ابن عرفة بحي التحرير في العاصمة من أجل صلاة الجماعة؛ غير أنه مع بداية تطبيق حظر التجوال الليلي، أول أمس الأربعاء، أصبح المكان مقفرا من المصلين وباعة الخبز والفاكهة. وقال الإمام طارق العكروت إن "إلغاء صلاة الجماعة أثار بعض القلق لدى المواطنين؛ لكننا في وضع استثنائي. حفظ النفس أمر مقدس في الإسلام. وقرار الحظر الذي صدر بني على أساس صحي وشرعي، ولم نخالف شرع الله في ما تم اتخاذه". وبالمثل، أوقف مطران الكنيسة الكاثوليكية في تونس وكبير أحبار اليهود كافة الأنشطة الدينية في الكنائس والمعابد. كما توجه ممثلو الديانات الثلاث بنداء مشترك من أجل التضرع إلى الله والتقرب إليه بالدعوات لرفع البلاء. وتسود حالة من الترقب والخوف في الشوارع والبيوت في ظل الأنباء القادمة من وراء البحر الأبيض المتوسط، حيث قضى الفيروس على أكثر من أربعة آلاف شخص في إيطاليا التي تبعد نحو 160 كيلومترا فقط، وهي أقرب نقطة من التراب التونسي. وسبب هذا الخوف أن الامكانات المادية والتقنية المتوفرة بالقطاع الصحي العمومي قد لا تسمح للدولة بمقاومة وباء فتاك، في وقت انهارت فيه إيطاليا المصنفة بين الدول السبع الكبرى المصنعة في العالم وحيث اعترفت أيضا ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا بالوضع الحرج والدقيق. وتونس في المرحلة الثانية من الوباء. وأغلب تعليقات التونسيين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تحوم حول كيف ستتصرف السلطة في الأيام المقبلة، في حال تزايد عدد المصابين بالفيروس بوتيرة أسرع. وفي وقت سابق من يوم الجمعة أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد حجرا صحيا عاما، وطلب من أغلب المواطنين البقاء في بيوتهم إلا للضرورة القصوى. وأعلنت وزارة الصحة، أمس، عن 15 إصابة جديدة؛ وهو أعلى عدد في يوم واحد؛ ليصبح بذلك إجمالي عدد المصابين 54، من بينهم حالة وفاة وحالة شفاء إلى جانب مصاب غادر البلاد في وقت سابق. *د.ب.أ