تستعد وزارة الصحة لتخفيض أسعار مائة دواء جديد، بعد تخفيض أسعار مئات الأدوية منذ انطلاق هذه العملية في عهد الحسين الوردي، وزير الصحة السابق؛ لكنّ نتائج تخفيض أسعار الأدوية لا تزال محَط جدال، بين مدافع عنها وبين مَن يرى أنها لم تعُد بأي نفع على المواطنين. حين أقدمت وزارة الصحة على اتخاذ قرار تخفيض الدفعة الأولى من الأدوية كانت الغاية من هذا القرار هي توسيع دائرة استفادة المواطنين من الأدوية؛ لكن الصيادلة يقولون إنّ هذا القرار دفع بالشركات المصنّعة للدواء إلى الامتناع عن تصنيع الأدوية التي خُفضت أسعارها، بعد أن قلّ هامش الربح. محمد لحبابي، رئيس كونفدرالية نقابات الصيادلة بالمغرب، قال إنّ قرار تخفيض أسعار الأدوية "لم يسهّل ولوج المواطنين إلى الدواء، كما سوقت لذلك الوزارة؛ بل انعكس سلبا على اقتصاد الصيدليات وعلى اقتصاد الموزعين وعلى المصنعين، وتضرر منه المواطنون". وعلل لحبابي موقفه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بكون مجموع النفقات السنوية الفردية على الدواء في المغرب كانت في حدود 400 درهم حين صدر مرسوم تخفيض الأدوية، "وبعد أربع سنوات من تطبيق المرسوم، سنة 2018، كان مجموع النفقات الفردية السنوية هو 414 درهما، وهذا يعني أننا إذا احتسبنا نسبة التضخم سنجد أننا تراجعنا"، على حد تعبيره. وتثير أسعار الدواء جدلا واسعا في المغرب، نظرا لارتفاع أسعارها، خاصة الأدوية باهظة الثمن، والتي تشكل عبئا ثقيلا على كاهل المواطنين المغاربة، خاصة منهم الذين يعانون من أمراض مزمنة، تتطلب استعمال الأدوية الباهظة لمدد طويلة. وفي الوقت الذي يقول الصيادلة إنّ شركات تصنيع الأدوية تتفادى صناعة الدواء مخفّض السعر، لضعف هامش الربح، جاء في تقرير أصدرته الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة أن شركات الأدوية لا تحترم المرسوم المحدد لسعر بيع الأدوية، وتعمد إلى رفع الأسعار، مرجّحة "تواطؤ" الحكومة معها. واعتبرت الشبكة أن 90 في المائة من الأدوية التي قامت الحكومة بتخفيض أسعارها أدوية لا يتم استهلاكها؛ وهو ما يعني محدودية استفادة المواطنين من هذا التخفيض، أو أنها أدوية خاصة بالمستشفيات. وبينما تمضي وزارة الصحة في تخفيض أسعار الأدوية، قال رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب إن عملية تخفيض الأسعار "أفرزت انعكاسات سلبية، أولها انقطاع الأدوية". وتابع المتحدث ذاته: "اليوم، لم يعد المصنّعون يصنعون الأدوية التي خُفضت أسعارها، نظرا لانحسار هامش الربح، فبدؤوا يسحبون الأدوية من السوق، والمتضرر الأول من هذه العملية هو المواطن الذي لم يعد يجد عددا من الأدوية في الصيدليات، ونحن لا نملك جوابا لهذا المشكل المطروح". في المقابل تتمسك وزارة الصحة بالمضي في تخفيض أسعار الدواء، وتعتبر هذا القرار لا رجعة فيه؛ "لأنه، فعلا، يخدم مصلحة المواطنين بالدرجة الأولى"، وفق إفادة مصدر من الوزارة، مضيفا أن "قرار تخفيض أسعار الدواء في صالح المواطنين، ومن يدّعي عكس ذلك فهو يتحرك بسبب دوافع معينة". وتفجر الصراع بين الصيادلة ووزارة الصحة في الشق المتعلق بالأدوية عقب اتخاذ وزير الصحة الحالي قرارا يقضي بمنع الصيدليات من بيع أدوية السرطان باهظة الثمن، والاكتفاء بترويجها في المستشفيات فقط، حيث عبر الصيادلة عن رفضهم لهذا القرار، بينما قال مصدر من الوزارة إن هذا الرفض مردّه أن الأطباء كانوا يجنون أرباحا طائلة من بيع أدوية السرطان، وحين انتزعت منهم انتفضوا".