بسبب الحرمان من وصل الإيداع المؤقّت والوصل النهائي، انتظمت مجموعة من المنظّمات الحقوقية البارزة بالمغرب في مبادرة تدافع عن "الحقّ في التّنظيم" وتستنكر "التحدّي والخرق السّافر لمقتضيات القانون، خصوصا الفصل الخامس من القانون المنظّم لحقّ تأسيس الجمعيات". وعلى الرغم من قانون الجمعيات ينصّ على أنّ تسليم وصل مختوم يلي تصريح الجمعية بالمعلومات المطلوبة بمقرّ سلطتها الإدارية المحلية، ليسلّمَ وصل نهائي لها في حدود شهرين بعد ذلك، وتمارس نشاطها بشكل عادي إذا لم يُمنَحها، فإنّ الجمعيات الموقّعة تشجب "إصرار مصالح ولاية الرّباط العاصمة الإدارية للبلاد على خرق مقتضيات الفصل الخامس من القانون المنظم لحقّ تأسيس الجمعيات"، ودأب مصلحة الجمعيات بالولاية بالتصريح ب"عدم اعترافها بمضمون القانون واشتغالها وفق التّعليمات". وتتكوّن هذه المبادرة من جمعيات وهيئات بارزة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، هي: الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والعصبة المغربية لحقوق الإنسان، ومنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، والتحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات - فرع المغرب، والشّبكة المغربية لحماية المال العامّ، ومنظّمة العفو الدولية - فرع المغرب. وطالبت الجمعيات الحقوقية المحلية والدولية المؤسّسة لهذه "المبادرة الوطنية للدّفاع عن الحقّ في التّنظيم" كلّا من وزير الدّاخلية ورئيس الحكومة ووزير الدّولة المكلّف بحقوق الإنسان ب"ضرورة التّدخّل العاجل لحماية سيادة القانون، وإيقاف نزيف هذه التجاوزات"، ومعاقبة "من يسيئون إلى سمعة البلاد بخرقهم السافر للقانون"، متأسّفة من أنّ هذه التجاوزات قد صارت "قاعدة تعمل بها مصالح ولاية الرّباط في التعامل مع بعض مسؤولي الجمعيّات الحقوقية". محمد الزهاري، منسق المبادرة الوطنية للدّفاع عن الحقّ في التّنظيم، قال إنّ رؤساء الجمعيات الحقوقية يعيشون إذلالا عندما يذهبون إلى مقر الولاية لتسلّم الوصل المؤقّت من عند الموظف المسؤول بمصلحة الجمعيات ويطلب منهم الصبر. وأضاف منسّق مبادرة الدفاع عن الحقّ في التّنظيم في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "نحن في معركة ما بين الجمعيات والمسؤول بالمصلحة المخول لها تمكين الجمعيات من هذا الوصل، وهي مسألة ضرورة احترام القانون وسيادته على الجميع، بما في ذلك سلطات الولاية ووزارة الداخلية ورئاسة الحكومة والحكومة وكلّ المصالح والجمعيات كذلك". وتساءل الزهاري: "لماذا الإصرار، خاصّة في ولاية الرباط، على عدم تسليم الوصل؟ علما أنّ الفصل الخامس من قانون الحقّ في تأسيس الجمعيات واضح وصريح، ويفرض على المسؤول المعني تسليم الوصل المؤقَّت فورا، وتسليم الوصل النّهائي بعد شهرين. وذكر الحقوقي أنّ موظّفا بالولاية سبق أن قال له عندما وضع ملفّ فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات: "اسمع، يا أستاذ، نحن نسير بالتعليمات ولا نفهم ولا نعرف القانون.. لن أعطيك الوصل يعني لن أعطيك الوصل". وفي هذا السياق، يرى الزهاري أنّ "هؤلاء المسؤولين يسيئون إلى سمعة البلد؛ لأنه لا يوجد أيّ جواب غدا أو بعد غد، إذا قلنا إنّنا قد وضعنا الملفّ ولم نحصل على وصل مؤقّت. ونطالب فقط باحترام القانون". وتوجّه الرئيس السابق للعصبة المغربية للدّفاع عن حقوق الإنسان إلى وزير الداخلية قائلا: إذا كان هذا القانون لم يعد يُسعِفك في تدبيرك لهذا الملفّ عليك أن تأتي بجرأة كبيرة عند المشرِّع وتقول إنّ هذا الفصل -الخامس- يجب تعديله؛ لأنه لم يعد يسعف وزارة الدّاخلية ومقاربتها الأمنية في تدبير الشّأن الجمعوي، وأن على الجمعيات أن تحضر ملفّها وتنتظر أربعة أشهر، وسنة، وسنتين... أو حتى تكتمل ولايتها الانتدابية". وذكّر الحقوقي بأهمية الوصل المؤقّت بالنسبة إلى الجمعيات لأنّه بمثابة الوثيقة التي تعلن ميلادها؛ فتذهب إلى البنك لتفتح حسابا بنكيا باسم الجمعية، أو تغيّر الآمرين بالصّرف ومدبّريها الماليّين، وتجدّد مكتبها، وتؤدّي بدل كراء مقرّاتها، وأجور مستخدميها، وفاتورات مائها وكهربائها والإنترنيت ولوازم مكتبها، ومراسلاتها البريدية، علما أنّ المجلس الأعلى للحسابات يشترط أن تدبّر المصاريف عن طريق "شيك". ومن المرتقب أن تلتحق بمبادرة الدفاع عن الحقّ في التّنظيم، وفق منسّقها، جمعيتا "الحرية الآن" و"الجمعية المغربية لصحافة التّحقيق"، و"التّنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان" التي تضمّ ستّا وعشرين جمعية حقوقية مغاربية، وأربع جمعيات من فرنسا يشتغل فيها مهاجرون مغاربيون، وكانت تمنحها السّلطات الوصل منذ تأسيسها إلى أن تولّت مسؤوليتها الحقوقية خديجة الرياضي خلفا للحقوقي عبد الحميد أمين.