قدمت حركة بدائل مواطنة، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، بشراكة مع منظمة أوكسفام، مذكرةً مطلبيةً تتضمن مقترحات للرفع من المخصصات المالية للجماعات الترابية ضمن مشروع قانون مالية 2020. وجاءت في المذكرة، التي قدمها أعضاء الجمعية في يوم دراسي حول موضوع "العدالة الجبائية مدخل للتنمية الاجتماعية"، نُظم بتنسيق مع الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، ضرورة اعتماد قانون جديد للجبايات المحلية يقوم على إعطاء الجماعات الترابية الحق في تحديد أساس الضريبة ونسبة التضريب. وأكدت المذكرة على ضرورة اعتماد منطق التعاقد بين المديرية العامة للضرائب والخزينة العامة للمملكة من جهة، والجماعات الترابية من جهة أخرى؛ وذلك بهدف تمكين هذه الأخيرة من المؤهلات التقنية والخبرة في مجالي الوعاء والتحصيل. وقال أحمد الدحماني، رئيس حركة بدائل مواطنة، في تقديمه لهذه المذكرة، إن دسترة الجهات والجماعات الترابية وإصدار قوانينها التنظيمية التي نقلت عدداً من الاختصاصات إليها لم يواكبها تقوية لميزانيتها وماليتها. وفي نظر الدحماني فإن مسلسل اللامركزية لا يمكن أن يتقوى إلا من خلال تقوية مالية الجماعات الترابية وعلى رأسها الجهات، مورداً أن "الاستثمار والإنفاق العمومي اليوم في المغرب أصبح يظهر بشكل دقيق أننا أمام معادلة جديدة غرب الأطلس وشرق الأطلس، مقابل ما كان يعرف سابقاً بالمغرب النافع وغير النافع". وحسب الدحماني فإن ميزانيات التسيير تستنزف جزءا كبيراً من ميزانيات الجماعات الترابية، ناهيك عن ضعف الدعم العمومي الذي تقدمه الدولة من خلال حصة الضريبة، وأضاف: "لا يعقل أن هذه التحويلات المالية في هذا الصدد وقروض صندوق التجهيز الجماعي تخضع للتضريب". وذكر المتحدث أن تباين الاستثمارات التي تتدفق على مدن مثل الرباط مقابل فكيك وتندرارا يُنتِج بشكل مباشر "ضعفاً في ثقة المواطنين تجاه المؤسسات المسؤولة عن تسيير الشأن العام، وإحساساً دفيناً بعدم الطمأنينة للإنفاق العمومي وعدم عدالته وبأن هناك تمييزا في البلاد". وطالبت المذكرة بإدخال تعديل على الحساب الخصوصي الخاص بالضريبة على القيمة المضافة يقضي برفع النسبة المخصصة للجماعات الترابية ب5 في المائة، إضافة إلى التزام الحكومة بتفعيل مقتضيات المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية بإلزام المتعاقدين مع الإدارة بالتشغيل المحلي. كما يتوجب حسب الجمعية إلزام الجماعات الترابية وإدارة الضرائب بالقيام بإحصاء جبائي مرة كل سنتين لفائدة الجماعات الترابية وإدراج هذا المقتضى ضمن المدونة العامة للضرائب والقانون المتعلق بالضرائب المحلية. أما على مستوى الرفع من قدرات التدبير الخاصة بالجماعات الترابية فأوصت المذكرة بالإسراع في تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري، وإنجاز مراكز إدارية للدولة على المستوى المحلي، وإعطاء المجالس المنتخبة ورؤسائها حق تعيين مدراء المصالح والمدراء العامين للمصالح، وتمكينهم من توظيف الكفاءات القادرة على إنجاز المشاريع التي تقرها هذه المجالس. كما تضمنت المذكرة مطالب بتوفير الموارد المالية والبشرية المتلائمة مع حجم الاختصاصات المحولة إلى الجماعات الترابية، وإنجاز منظومة للتعاقد بين الوزارات والجماعات الترابية وصندوق التجهيز الجماعي، لتمكين الجماعات من موارد مالية تساهم من خلالها في تحقيق المشاريع والبرامج المتعاقد حولها مع القطاعات الوزارية. وبخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2020 الذي يُناقش حالياً بمجلس المستشارين، طالبت الحركة بإدراج نقطة ضمن المادة 6 من المدونة العامة للضرائب لتمتيع الشركات التي تزاول أنشطتها في العمالات والجماعات الترابية النائية من الإعفاء من مجموع الضريبة طوال السنوات الخمس المحاسبية الأولى المتتالية، تبتدئ من تاريخ الشروع في الاستغلال، وبفرض الضريبة عليها بالسعر المنصوص عليه في المادة 19 من المدونة في ما بعد. ومن شأن هذا التعديل، حسب الجمعية، إعطاء تحفيز مالي إضافي للمقاولات والمؤسسات الإنتاجية التي يتم إنشاؤها أو نقل مقرات إنتاجها للعمالات والجماعات الترابية النائية، وتلك التي تعاني من الخصاص الاجتماعي وقلة البنيات التحتية، تفعيلاً لمبدأ العدالة المجالية الذي ينص عليه الدستور. وأكدت الجمعية صاحبة المذكرة أن هذه المقترحات من شأنها رفع الحيف عن كل الفئات الاجتماعية نساءً وأطفالاً ورجالاً، وأن تعكس التنزيل الإيجابي لمقتضيات الدستور الجديد، والسعي نحو الحد من التفاوتات وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.