رغم وعيد وزارة الصحة بالقضاء على "شيكات الضمان" التي تشترطها بعض المصحات الخاصة للولوج إلى العلاج، إلا أن الظاهرة مازالت مستمرة في الظرفية الحالية، بل وتتفاقم باستمرار موازاة مع عدم احترام التعريفة المرجعية الوطنية للعلاجات، لاسيما أن القانون 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب يشير بالتحديد إلى البنود ذات الصلة بالتعريفات والأسعار، الأمر الذي يسائل مدى نجاعة دوريات التفتيش التي تقوم بها الوزارة المعنية. وأكد بعض المرضى الذين عاينوا الظاهرة صحة فرض العديد من المصحات الخاصة في كل من الرباط والدار البيضاء تقديم ضمانات الدفع قبل إجراء العملية الجراحية، معربين لجريدة هسبريس الإلكترونية عن استيائهم الشديد من استمرار هذه الظاهرة المخالفة للقانون، مجمعين على أن المريض "مُجبر على دفع شيكات الضمان للولوج إلى العلاج، خصوصا في ظل الوضعية المزرية التي تعيشها المستشفيات العمومية". الوضعية ذاتها محل إجماع من لدن مهنيي القطاع، الذين أشاروا إلى كون المسؤولية تتحملها الدولة بالدرجة الأولى، على اعتبار أن المصحات مطالبة بمصاريف العلاج المختلفة، ولا يمكنها أن تبقى رهينة المحاكم كل مرة، في مقابل عدم قانونية "الشيكات" لأنها للأداء وليس للضمان، ما يستدعي، بحسبهم، ضرورة التفاوض من جديد بين الوكالة الوطنية للتأمين على المرض ووزارة الصحة. وزير الصحة المُعين حديثا، خالد آيت الطالب، سلّط الضوء على الظاهرة المثيرة للجدل، قائلا خلال جلسة عمومية بمجلس المستشارين إن "عمليات التفتيش سنة 2019 شملت 83 مؤسسة تابعة للقطاع الخاص، من بينها 62 مصحة و21 عيادة"، مضيفا أن "عمليات التفتيش أسفرت عن إغلاق مصحتين وعيادة طبية، والتوقيف الجزئي أو الكلي لأنشطة طبية في حق خمسة مصحات"، لكنه اعترف في الوقت نفسه بصعوبة حلحلة الملف المؤرق، داعيا إلى التدرج في الإصلاح. مصطفى الشناوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، علّق على الوضع بالقول إن "الموضوع أعمق من الشّيكْ، لأن الدولة ينبغي أن تتحمل مسؤوليتها في تسوية الأزمة، من خلال دعم قطاع الصحة العمومية"، معترفا في الآن ذاته ب "معاناة أطباء القطاع الخاص بشكل من الأشكال". وأضاف الشناوي، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المصحة لديها مصاريف الأجهزة التي تقتنيها وأداء أجور الأطر الطبية، بينما توجد فئات لا تشملها التغطية الصحية الكاملة؛ وهنا أتحدث عن غير العاملين"، لافتا إلى أن "الأشخاص الذين لا يتوفرون على دخل أحدثت لهم بطاقة رَامِيد، لكن حينما لا يجدون الخدمات العمومية الأساسية يستعينون بالقطاع الخاص ويضطرون لأداء تسعيرة العلاج، الأمر الذي يجعلنا نقول إن 35 في المائة فقط من المغاربة يتوفرون على تأمين المرض". وأشار الفاعل النقابي إلى أن "الدولة يجب أن تجد حلا شاملا من خلال توسيع التأمين لفائدة شرائح جديدة، ناهيك عن عقد اتفاقيات جديدة بين مُقدمي الخدمات الصحية، سواء تعلق الأمر بالأطباء والمصحات والصيادلة أو صناديق الضمان الاجتماعي، بخصوص التعريفة المعتمدة"، مؤكدا أن "المواطن هو المتضرر في نهاية المطاف، ما يستدعي التفاوض بين وزارة الصحة والوكالة الوطنية للتأمين على المرض".