أمام التزايد السكاني الكبير الذي تشهده مصر، ومن أجل التحسيس والتوعية بمفهوم الأسرة الصغيرة، أطلقت الحكومة المصرية مبادرة "اثنين كفاية"، بهدف تقليص معدل الإنجاب من 3.5 أطفال إلى 2.4 طفل لكل امرأة بحلول عام 2030؛ وهو ما يعني تقليل عدد المواليد بنحو 8 ملايين مولود من مجموع تعداد سكان مصر، الذي يقدر بنحو 98 مليون نسمة. وتسعى مصر، من خلال هذه المبادرة المجتمعية، إلى تعزيز مفهوم الأسرة الصغيرة وتصحيح المفاهيم المجتمعية الخاطئة التي تدفع الأسر إلى كثرة الإنجاب، مع الالتزام بمبدأ عام؛ وهو حق الأسرة في تحديد عدد أبنائها، مع تأمين حقها في الحصول على المعلومات وعلى وسائل تنظيم الأسرة التي تمكنها من الوصول إلى العدد المرغوب من الأطفال. ويستهدف برنامج "اثنين كفاية"، الذي أطلقته وزارة التضامن الاجتماعي في ماي 2018، مليونا و15 ألف امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 18 و49 عاما من المستفيدات من برنامج الدعم "تكافل"، الذي تنفذه الوزارة بمحافظات البحيرة والجيزة والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان المصنفة الأكثر فقرا وهشاشة والأعلى خصوبة. ولإنجاح هذه المبادرة ووصولها إلى أكبر عدد من المصريين، اعتمدت مصر على الحملات التوعوية عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب ومواقع التواصل الاجتماعي، كوسائل ذات وقع وتأثير كبير على المواطن هدفها إقناع وتوعية الأسر بأهمية تحديد النسل وإنجاب عدد قليل من الأطفال. ويتمحور عمل هذا البرنامج، الممول من خلال صندوق إعانة الجمعيات بوزارة التضامن وصندوق الأممالمتحدة، حول استعادة دور المجتمع المدني وإذكاء الجهود التطوعية لمجابهة المشكلة السكانية، وزيادة الطلب على خدمات تنظيم الأسرة من خلال حملات طرق الأبواب وحملات إعلامية جماهيرية موسعة، وتقديم خدمات تنظيم الأسرة من خلال تطوير بنية تحتية وتوفير موارد بشرية لعيادات تنظيم الأسرة بالجمعيات الأهلية. ونفذت وزارة التضامن الاجتماعي، منذ بدء هذا البرنامج خلال الفترة من يناير إلى شتنبر الماضي، مليونيْ و146 ألف زيارة طرق أبواب، وتحويل 332 ألفا و418 امرأة إلى الوحدات الصحية وعيادات "اثنين كفاية" لتلقي خدمات تنظيم الأسرة بالمجان. وأوضحت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، أن برنامج "اثنين كفاية" هي مبادرة مجتمعية تتوخى الحد من الزيادة السكانية بين الأسر المستفيدة من برنامج "تكافل". ويعد البرنامج سالف الذكر أحد التدخلات الرئيسية التي تتخذها الوزارة، من أجل تحقيق رؤيتها في تحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة هدفه الارتقاء بالخصائص السكانية للأسر، ونشر التوعية من خلال مواد توعوية بخطورة الزيادة السكانية وكيفية التعامل مع وسائل تنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات؛ وهو ما يقوم به المشروع في 10 محافظات، هي الأعلى من حيث معدلات الخصوبة والفقر بالشراكة مع حوالي 100 جمعية. وأضافت والي، في تصريحات صحافية، أن الوزارة ليس لديها نية فرض أي إجراءات عقابية تجاه عدم الملتزمين بتنظيم الأسرة؛ بل تعمل على رفع وعي المجتمع بمصلحته، وإتاحة خدمات تنظيم الأسرة ورفع الطلب عليها، مشيرة إلى أن المشروع سيتم تنفيذه من خلال جمعيات أهلية إلى جانب أكثر من 2500 متطوع ورائدة ريفية، وأكثر من 140 طبيبا وممرضة فضلا عن مشاركة الصيادلة. من جانبها، قالت رندا فارس، منسقة برامج السكان والتطوع ومشروع "اثنين كفاية" بوزارة التضامن الاجتماعي، إن المشروع ينفذ في 2257 قرية داخل 119 مركزا، مشيرة إلى أن هذه المبادرة حققت نجاحا كبيرا إعلاميا من خلال حملة "السند مش في العدد.. اثنين كفاية" (أبو شنب) منذ انطلاقها في 27 يناير 2019، حيث تم بث 63000 تنويه تليفزيوني و1000 تنويه إذاعي. كما بلغت نسبة مشاهدة الحملة على منصات التواصل الاجتماعي +30 مليون مشاهدة، مما يساهم في تعزيز الفكرة ونشرها وإيصالها إلى الجمهور. وكشف آخر مسح طبي تم إجراؤه عن أن معدل الخصوبة في مصر وصل إلى 3.5 في المائة؛ في حين وصلت نسبة الخصوبة في محافظات الوجه القبلي إلى 4.1 في المائة، في الوقت الذي كان معدل الخصوبة عام 2008، لم يتجاوز 3 في المائة. ووفق آخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد سكان مصر ارتفع إلى 98.1 مليون نسمة في بداية عام 2019، مقابل 94.8 ملايين نسمة عام 2017 "أخر تعداد سكاني" بزيادة قدرها 3.3 ملايين نسمة. وأوضح المركزي الإحصاء، بمناسبة اليوم العالمي للسكان، أن محافظة القاهرة أكبر محافظات الجمهورية من حيث عدد السكان، حيث بلغ عدد سكانها 9.8 ملايين نسمة، تلتها محافظة الجيزة 8.9 ملايين نسمة. وتشكل الفئة العمرية الأقل من 15 سنة ثلث السكان بنسبة 34.2 في المائ؛ بينما قدرت نسبة السكان كبار السن، 65 سنة فأكثر بنحو 3.9 في المائة فقط في بداية عام 2019. وانخفض معدل المواليد في مصر من 28.6 لكل ألف نسمة خلال عام 2016 إلى 26.8 لكل ألف نسمة خلال عام 2017، ثم انخفض مرة أخرى في عام 2018 ليصل إلى 24.5 لكل ألف نسمة. وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلن، في غشت 2018، أن عدد المواليد خلال 2017 بلغ مليونيْن و557 ألف مولود. كما أوضح استمرار ارتفاع عدد السكان حتى شهر أكتوبر 2017، ليسجل 96 مليون نسمة، حيث زاد عدد السكان في مصر منذ 2011 حوالي 11 مليون نسمة. *و.م.ع