قتلت قوات الأمن العراقية 13 محتجا على الأقل بالرصاص خلال 24 ساعة مضت متخلية عن ضبط النفس الذي مارسته نسبيا على مدى أسابيع فأطلقت الرصاص الحي في محاولة لإخماد الاحتجاجات المناهضة للأحزاب السياسية التي تسيطر على الحكومة. فبعد مقتل ثمانية أشخاص نهار أمس الاثنين قتلت قوات الأمن خمسة أشخاص على الأقل بالرصاص أثناء الليل أو في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء منهم شخص قتل بالرصاص الحي أثناء دفن آخر قتل قبل بضع ساعات وفقا لما قالته مصادر أمنية وطبية لرويترز. وقتل ما يزيد على 260 عراقيا في مظاهرات منذ بداية أكتوبر تشرين الأول احتجاجا على حكومة يرونها فاسدة وتأتمر بأمر قوى أجنبية على رأسها إيران. وقتل أغلبهم في الأسبوع الأول من الاحتجاجات عندما أطلق قناصة النار على الحشود من فوق أسطح المباني في بغداد. ولكن بعد أن بدا أن الحكومة حدت من استخدام بعض أساليب القتل تزايدت المظاهرات تدريجيا في الأيام الاثني عشرة الماضية. وبدأت موجة العنف الجديدة بعد يوم من مناشدة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي المتظاهرين تعليق حركتهم التي قال إنها حققت أهدافها وتضر بالاقتصاد. وفي كلمة أذاعها التلفزيون قال عبد المهدي إن للاحتجاجات أثرا اقتصاديا لا يقوى العراق على تحمله، مطالبا المحتجين بوقف تدمير الممتلكات العامة والخاصة. وأضاف "هنالك وسائل متعددة للتعبير عن الرأي دون تعطيل الحياة". وأشار إلى إنه مستعد لتقديم استقالته إذا اتفق الساسة على بديل ووعد بعدد من الإصلاحات. لكن المحتجين يقولون إن ذلك غير كاف ويتعين الإطاحة بالطبقة السياسية بكاملها. من جهته قال متظاهر يبلغ من العمر 30 عاما وطلب عدم ذكر اسمه بسبب مخاوف أمنية "بعد الموجة الأولى من الاحتجاجات أمهلنا الحكومة حتى 25 أكتوبر لتنفيذ إصلاحات... لم تفعل ذلك وكل الإصلاحات التي اقترحتها كانت مجرد روتين ونفس الكلام القديم". وأضاف أن استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين أدى لرفعهم لسقف مطالبهم بعد أن كانوا يريدون "إصلاحات دستورية وقانونية" أصبحوا يريدون الآن تغييرات جذرية. إغلاق الطرق كان المتظاهر يتحدث من على جسر الشهداء في بغداد حيث كان العشرات يقيمون حاجزا في إطار خطط للسيطرة على جسر ثالث اليوم الثلاثاء. وكان فتيان يحملون عصي خشبية في طليعة المجموعة. وقفت قوات الأمن في عتاد مكافحة الشغب الكامل في الجهة المقابلة لهم خلف جدار نصب على عجل من الألواح المعدنية وحاويات القمامة والأسلاك الشائكة. ومع ميل الشمس نحو الغروب بدأت ملامح معركة وشيكة في الارتسام بين المحتجين وقوات الأمن. ويؤكد المحتجون أنهم يغلقون الجسر لشل الحركة في البلاد إذ يعتبرون أن العصيان المدني ملاذهم الوحيد. ودعا المحتجون باقي العراقيين إلى الإضراب وانتقدوا من لا يزالون يتوجهون لأعمالهم. وقال كرار محمد وهو معلم يبلغ من العمر 25 عاما "أسأل الموظفين لماذا تذهبون للعمل؟ اضربوا وابقوا مضربين لعشرة أيام... كلنا في ذات المعاناة معا". استقرار نسبي مؤقت منذ القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في 2017، شهد العراق عامين من الاستقرار النسبي. لكن رغم الثروة النفطية يعاني كثيرون شظف العيش ولا يحصلون على ما يكفيهم من المياه النظيفة والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم. وينصب الغضب من المصاعب الاقتصادية والفساد على نظام الحكم القائم على تقاسم السلطة على أسس طائفية مما يكرس الفساد. ويحظى عبد المهدي الذي تولى السلطة قبل عام بتأييد أحزاب سياسية قوية مدعومة من إيران ومتحالفة مع فصائل مسلحة. وذكر تقرير حكومي أن نحو 150 شخصا قتلوا في الأسبوع الأول من الاضطرابات في أوائل أكتوبر تشرين الأول منهم 70 بالمئة قتلوا بإطلاق الرصاص على رؤوسهم. ومنذ ذلك الحين تستخدم قوات الأمن بالأساس الغاز المسيل لدموع والرصاص المطاطي وقنابل الصوت في التصدي للمحتجين. ورغم أن هذه الأساليب تتسبب أيضا في سقوط قتلى، فقد زاد عدد المتظاهرين بعد أن شاع أنهم في أمان أكثر وانضمت الأسر والنساء وكبار السن للمظاهرات التي أطلقها الشباب خاصة في بغداد. وبنهاية الأسبوع الماضي كان عشرات الآلاف يخرجون إلى الشوارع كل يوم في أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ سقوط صدام حسين في عام 2003. لكن العنف الذي وقع أمس الاثنين يشير إلى العودة لاستخدام الأساليب السابقة ومنها إطلاق الذخيرة الحية على الحشود. وقُتل ستة محتجين على الأقل أمس الاثنين في العاصمة بغداد حيث استخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية. وقُتل متظاهر أيضا في الشطرة على بعد 45 كيلومترا شمالي مدينة الناصرية في جنوب البلاد أمس. وذكرت مصادر أمنية وطبية أن قوات الأمن قتلت شخصين آخرين وأصابت 12 في الشطرة خلال الليل. وقالت مصادر في مستشفى إن القتيلين لفظا أنفاسهما متأثرين بإصابات بالرصاص في الرأس. وأفادت المصادر ذاتها بأن المحتجين حاولوا مهاجمة منزل مسؤول حكومي كبير. وبشكل منفصل، قُتل اثنان على الأقل وأصيب عشرات عندما فتحت قوات الأمن النار على محتجين اعتصموا عند مدخل ميناء أم قصر الرئيسي المطل على الخليج. وأوقف الاعتصام العمليات في الميناء الواقع قرب مدينة البصرة المنتجة للنفط منذ يوم الأربعاء الماضي. ويستقبل الميناء القسم الأكبر من الواردات لشعب يعتمد على الغذاء المستورد.