يُعتبر مهرجان بوجلود، الكرنفال الاستعراضي للرقص التراثي، بمثابة احتفال بالموروث التراثي الشفهي وألوان فن الرقص الشعبي، وكنز الثقافة اللامادية، وإعادة الاعتبار للذاكرة الشعبية، والحفاظ على الموروث الثقافي كرأسمال لا مادي، وذلك عن طريق مشاركة رواة الحكاية وفنانين وفرق تراثية للأهازيج الشعبية، المحلية والوطنية والدولية، كما تشارك فيه أندية وفرق للمسرح والرقص التعبيري وفعاليات جمعيات المجتمع المدني. وتتوالى سنويا بربوع المملكة مهرجانات فنية بمختلف تلويناتها، ومن ضمنها مهرجان بوجلود بسلا، الذي انطلق سنة 2007 من وسط حي شعبي، وكانت نشأته بفكرة شبابية بحي سيدي موسى الهامشي، من أجل إسماع صوت من لا صوت له، ليعم بعد دورته الأولى مختلف الأحياء الشعبية والفضاءات العمومية بالمدينة، ساعيا بذلك إلى الامتداد الجهوي والوطني للوصول إلى تقاليد وعادات أخرى وعدد أكبر من المشاركين. وبمناسبة كل عيد أضحى، يستعد حي سيدي موسى بمدينة سلا، كباقي بعض المناطق بمدن المغرب، لإقامة مهرجانات شعبية تخلد لعادة تراثية تسمى "بوجلود"، "بو البطاين"، "سبع بو البطاين"، "بويلماون"، "إمعشار"، "هرما " أو "با الشيخ "...، وهي أسماء متعددة تطلق على ظاهرة طقس بوجلود التي تعني الشخص الذي يرتدي الجلود، في جو فرجوي وحكائي، وذلك احتفالا ب"العيد الكبير". بوجلود هي شخصية ترتدي جلود أضحية العيد، من الماعز والبقر والغنم، وتلف الشخصية سبعة جلود حول جسدها، خاصة جلود الماعز لخفتها ومرونتها، ويقوم شخص متخصص في التجميل والإكسسوار بتزيين الوجوه بالصباغة أو بالفحم الأسود المدقوق الممزوج بالزيت ليعطي لمعانا للوجه، يخفي تماما ملامح الشخص الحقيقية بهدف إظهار ملامح شخصية بوجلود، أو بوضع قناع تنكري، حتى لا يتعرف عليه أحد من الحاضرين، سواء من أصدقائه أو أقاربه. ومنذ إحياء طقوس بوجلود بحي سيدي موسى بسلا سنة 2007، وشباب وأطفال فضاء التضامن والتنمية يبدعون في انتقاء أهم الأقنعة لتشخيص التراث اللامادي والشفاهي الذي يعتمد على المحاكاة لخلق جو من التشويق تتولد عنه رغبة مقرونة بالفضول لمعرفة علاقة الإنسان بالحيوان، وإبداع لوحات راقصة للطرد والافتراس حتى يتم الإيقاع بالفريسة على إيقاع الأهازيج الشعبية التراثية المحلية والتقليد بالدرجة الأولى، الشيء الذي يجعلنا نعود بالزمن إلى الوراء لمعرفة حياة العلائق الاجتماعية باعتبارها نواة التعايش والتآزر ومعنى التعاون والتضامن . تهدف أنشطة الكرنفال الاستعراضي التراثي الفني لمهرجان بوجلود، بحسب المنظمين، إلى إبراز القيم الروحية وفرحة زواج الذات بالروحانية، والتضامن والتعايش بأسمى معانيهما، وتسليط الضوء على طقوس ظاهرة بوجلود كتراث فني مغربي عريق، وذلك من خلال العروض الفنية للرقص الشعبي التراثي، وفتح باب الحوار لزواج العادات والتقاليد. ويقول المنظمون إن "خصوصيات التظاهرة تعتبر التوابل السحرية التي تطفي على طبخاتنا طعما ونكهة خاصين ببوجلود، الاستعراض الكرنفالي المغربي القح بمذاق أمازيغي ونسمة عربية وأجواء أفريقية وطقوس تراثية بطريقة سلاوية، وكرنفال بوجلود هو حرية النغمة والرقصة، حيث تشارك عشرات الفرق المحلية والوطنية للإيقاع التراثي والأهازيج الشعبية، وتحضر بفضاءات مدينة سلا لإعلان استمرارية المهرجان، في تناغم تام مع الأجواء الروحانية التي تميز أيام عيد الأضحى".